12. سورة
يوسف
1. (
الر ) الله أعلم
بمراده ( تلك ) هذه الآيات ( آيات الكتاب ) القرآن ، والإضافة بمعنى من ( المبين ) المظهر للحق من الباطل
2. (
إنا أنزلناه قرآنا عربيا )
بلغة العرب ( لعلكم ) يا أهل مكة ( تعقلون ) تفقهون معانيه
3. (
نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا ) بإيحائنا ( إليك هذا القرآن وإنْ ) مخففة أي وإنه ( كنت من قبله لمن الغافلين )
4. اذكر ( إذ قال يوسف لأبيه ) يعقوب ( يا أبت ) بالكسر دلالة على ألف محذوفة قلبت عن الياء ( إني رأيت ) في المنام ( أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم ) تأكيد ( لي ساجدين ) جمع بالياء والنون للوصف بالسجود الذي هو من صفات
العقلاء
5. (
قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً ) يحتالون في هلاكك حسداً لعلمهم بتأويلها من أنهم
الكواكب والشمس أمك والقمر أبوك ( إن الشيطان للإنسان عدو مبين ) ظاهر العداوة
6. (
وكذلك ) كما رأيت ( يجتبيك ) يختارك ( ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ) تعبير الرؤيا ( ويتم نعمته عليك ) بالنبوة ( وعلى آل يعقوب ) أولاده ( كما أتمها ) بالنبوة ( على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم ) بخلقه ( حكيم ) في صنعه بهم
7. (
لقد كان في ) خبر ( يوسف وإخوته ) وهم أحد عشر ( آيات ) عبر ( للسائلين )
8. اذكر ( إذ قالوا ) أي بعض إخوة يوسف لبعضهم ( ليوسف ) مبتدأ ( وأخوه ) شقيقه بنيامين ( أحب ) خبر
( إلى أبينا
منا ونحن عصبة )
جماعة ( إن أبانا
لفي ضلال ) خطأ ( مبين ) بيِّن بإيثارهما علينا
9. (
اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا ) أي بأرض
بعيدة ( يخل لكم
وجه أبيكم ) بأن يقبل
عليكم ولا يلتفت لغيركم (
وتكونوا من بعده ) أي
بعد قتل يوسف أو طرحه (
قوماً صالحين ) بأن تتوبوا
10. (
قال قائل منهم ) هو
يهوذا ( لا تقتلوا
يوسف وألقوه ) اطرحوه ( في غيابة الجب ) مظلم البئر ، وفي قراءة بالجمع ( يلتقطه بعض السيارة ) المسافرين ( إن كنتم فاعلين ) ما أردتم من التفريق فاكتفوا بذلك
11. (
قالوا يا أبانا مالك لا تأمنَّا على يوسف وإنا له لناصحون ) لقائمون بمصالحه
12. (
أرسله معنا غداً ) إلى
الصحراء ( يرتع
ويلعب ) بالنون
والياء فيهما ينشط ويتسع (
وإنا له لحافظون )
13. (
قال إني ليحزنني أن تذهبوا ) أي
ذهابكم ( به ) لفراقه ( وأخاف أن يأكله الذئب ) المراد به الجنس وكانت أرضهم كثيرة الذئاب ( وأنتم عنه غافلون ) مشغولون
14. (
قالوا لئن ) لام قسم ( أكله الذئب ونحن عصبة ) جماعة ( إنا إذاً لخاسرون ) عاجزون ، فأرسله معهم
15. (
فلما ذهبوا به وأجمعوا )
عزموا ( أن يجعلوه
في غيابة الجب )
وجواب لمَّا محذوف أي فعلوا ذلك بأن نزعوا قميصه بعد ضربه وإهانته وإرادة قتله
وأدلوه فلما وصل إلى نصف البئر ألقوه ليموت فسقط في الماء ، ثم أوى إلى صخرة
فنادوه فأجابهم يظن رحمتهم فأرادوا رضخه بصخرة فمنعهم يهوذا ( وأوحينا إليه ) في الجب وحيَ حقيقة وله سبع عشرة سنة أو دونها
تطميناً لقلبه (
لتنبِّئنَّهم ) بعد اليوم
( بأمرهم ) بصنيعهم ( هذا وهم لا يشعرون ) بك حال الإنباء
16. (
وجاؤوا أباهم عشاء ) وقت
المساء ( يبكون )
17. ( قالوا
يا أبانا إنا ذهبنا نستبق )
نرمي ( وتركنا
يوسف عند متاعنا )
ثيابنا ( فأكله
الذئب وما أنت بمؤمن )
بمصدق ( لنا ولو
كنا صادقين ) عندك
لاتهمتنا في هذه القصة لمحبة يوسف فكيف وأنت تسيء الظن بنا
18. (
وجاؤوا على قميصه )
محله نصب على الظرفية أي فوقه (
بدم كذب ) أي ذي كذب
بأن ذبحوا سخلة ولطخوه بدمها وذهلوا عن شقه وقالوا إنه دمه ( قال )
يعقوب لما رآه صحيحاً وعلم كذبهم ( بل سولت ) زينت ( لكم أنفسكم أمراً ) ففعلتموه به ( فصبر جميل ) لا جزع فيه ، وهو خبر مبتدأ محذوف أي أمري ( والله المستعان ) المطلوب منه العون ( على ما تصفون ) تذكرون من أمر يوسف
19. (
وجاءت سيارة ) مسافرون من
مدين إلى مصر فنزلوا قريبا من جب يوسف ( فأرسلوا واردهم ) الذي يرد الماء ليستقي منه ( فأدلى ) أرسل ( دلوه ) في البئر فتعلق بها يوسف فأخرجه فلما رآه ( قال يا بشراي ) وفي قراءة { بشرى } ونداؤها مجاز أي احضري فهذا وقتك
( هذا غلام ) فعلم به فأتوه ( وأسروه ) أي أخفوا أمره جاعليه ( بضاعة ) بأن قالوا هذا عبدنا أبق وسكت يوسف خوفا من أن يقتلوه
( والله
عليم بما يعملون )
20. (
وشروه ) باعوه منهم
( بثمن بخس ) ناقص ( دراهم معدودة ) عشرين أو اثنين وعشرين ( وكانوا ) أي إخوته ( فيه من الزاهدين ) فجاءت به السيَّارة إلى مصر فباعه الذي اشتراه بعشرين
ديناراً وزوجي نعل وثوبين
21. (
وقال الذي اشتراه من مصر ) وهو
قطفير العزيز (
لامرأته ) زليخا ( أكرمي مثواه ) مقامه عندنا ( عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً ) وكان حصوراً ( وكذلك ) كما نجيناه من القتل والجب وعطفنا عليه قلب العزيز ( مكنَّا ليوسف في الأرض ) أرض مصر حتى بلغ ما بلغ ( ولنعلمه من تأويل الأحاديث ) تعبير الرؤيا عطف على مقدر متعلق بمكنَّا أي لنملكه
أو الواو زائدة (
والله غالب على أمره )
تعالى لا يعجزه شيء (
ولكن أكثر الناس ) وهم
الكفار ( لا يعلمون
) ذلك
22. (
ولما بلغ أشده ) وهو
ثلاثون سنة أو ثلاث (
آتيناه حكماً ) حكمةً ( وعلماً ) فقهاً في الدين قبل أن يبعث نبياً ( وكذلك ) كما جزيناه ( نجزي المحسنين ) لأنفسهم
23. (
وراودته التي هو في بيتها ) هي
زليخا ( عن نفسه ) أي طلبت منه يواقعها ( وغلَّقت الأبواب ) للبيت ( وقالت ) له ( هيت لك ) أي هلَّم ، واللام للتبيين وفي قراءة بكسر الهاء
وأخرى بضم التاء (
قال معاذ الله )
أعوذ بالله من ذلك (
إنه ) الذي
اشتراني ( ربي ) سيدي ( أحسن مثواي ) مقامي فلا أخونه في أهله ( إنه ) أي
الشأن ( لا يفلح
الظالمون ) الزناة
24. (
ولقد همَّت به )
قصدت منه الجماع (
وهم بها ) قصد ذلك ( لولا أن رأى برهان ربه ) قال ابن عباس مَثُلَ له يعقوب فضرب صدره فخرجت شهوته
من أنامله ، وجواب لولا لجامعها ( كذلك ) أريناه البرهان ( لنصرف عنه السوء ) الخيانة ( والفحشاء ) الزنا ( إنه من عبادنا المخلصين ) في الطاعة ، وفي قراءة بكسر اللام أي المختارين
25. (
واستبقا الباب )
بادر إليه يوسف للفرار وهي للتشبث به فأمسكت ثوبه وجذبته إليها ( وقدت ) شقت ( قميصه من دبر وألفيا ) وجدا ( سيدها ) زوجها ( لدى الباب ) فنزهت نفسها ثم ( قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوء ) زنا ( إلا أن يسجن ) يحبس في سجن ( أو عذاب أليم ) مؤلم بأن يضرب
26. (
قال ) يوسف
متبرئاً ( هي
راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها ) ابن عمها رُوي أنه كان في المهد فقال ( إن كان قميصه قد من قبل ) قدام ( فصدقت وهو من الكاذبين )
27. (
وإن كان قميصه قد من دبر ) خلف
( فكذبت وهو
من الصادقين )
28. (
فلما رأى ) زوجها ( قميصه قُدَّ من دبر قال إنه ) أي قولك { ما جزاء من أراد } الخ ( من كيدكن ) أيها النساء ( إن كيدكن عظيم )
29. ثم قال يا ( يوسف أعرض عن هذا ) الأمر ولا تذكره لئلا يشيع ( واستغفري ) يا زليخا ( لذنبك إنك كنت من الخاطئين ) الآثمين ، واشتهر الخبر وشاع
30. (
وقال نسوة في المدينة )
مدينة مصر ( امرأة
العزيز تراود فتاها )
عبدها ( عن نفسه
قد شغفها حباً )
تمييز أي دخل حبه شغاف قلبها أي غلافه ( إنا لنراها في ضلال ) أي في خطأ ( مبين ) بين بحبها إياه
31. (
فلما سمعت بمكرهن )
غيبتهن لها ( أرسلت
إليهن وأعتدت ) أعدت ( لهن متكأً ) طعاماً يقطع بالسكين للاتكاء عنده وهو الأترج ( وآتت ) أعطت ( كل واحدة منهن سكيناً وقالت ) ليوسف ( اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه ) أعظمنه ( وقطعن أيديهن ) بالسكاكين ولم يشعرن بالألم لشغل قلبهن بيوسف ( وقلن حاش لله ) تنزيهاً له ( ما هذا ) أي يوسف ( بشراً إن ) ما ( هذا إلا ملك كريم ) لما حواه من الحسن الذي لا يكون عادة في النسمة
البشرية وفي الحديث « أنه
أعطي شطر الحسن »
32. (
قالت ) امرأة
العزيز لما رأت ما حل بهن (
فذلكن ) فهذا هو ( الذي لمتنَّني فيه ) في حبه بيان لعذرها ( ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ) امتنع ( ولئن لم يفعل ما آمره ) به ( ليسجنن وليكوناً من الصاغرين ) الذليلين فقلن له أطع مولاتك
33. (
قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب ) أمل ( إليهن وأكن ) أصير ( من الجاهلين ) المذنبين ، والقصد بذلك الدعاء فلذا قال تعالى
34. (
فاستجاب له ربه )
دعاءه ( فصرف عنه
كيدهن إنه هو السميع )
للقول ( العليم ) بالفعل
35. ( ثم
بدا ) ظهر ( لهم من بعد ما رأوا الآيات ) الدالات على براءة يوسف أن يسجنوه دل على هذا ( ليسجننه حتى ) إلى ( حين )
ينقطع فيه كلام الناس فسجن
36. (
ودخل معه السجن فتيان )
غلامان للملك أحدهما ساقيه والآخر صاحب طعامه فرأياه يعبِّر الرؤيا فقالا
لنختبرنَّه ( قال
أحدهما ) وهو الساقي
( إني أراني
أعصر خمرا ) أي عنبا ( وقال الآخر ) وهو صاحب الطعام ( إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا ) خبزنا ( بتأويله ) بتعبيره ( إنا نراك من المحسنين )
37. (
قال ) لهما
مخبراً أنه عالم بتعبير الرؤيا ( لا
يأتيكما طعام ترزقانه ) في
منامكما ( إلا
نبأتكما بتأويله ) في
اليقظة ( قبل أن
يأتيكما ) تأويله ( ذلكما مما علمني ربي ) فيه حث على إيمانهما ثم قواه بقوله ( إني تركت ملة ) دين ( قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم ) تأكيد ( كافرون )
38. (
واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان ) ينبغي ( لنا أن نشرك بالله من ) زائدة ( شيء )
لعصمتنا ( ذلك ) التوحيد ( من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس ) وهم الكفار ( لا يشكرون ) الله فيشركون ثم صرح بدعائهما إلى الإيمان فقال
39. ( يا
صاحبي ) ساكني ( السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ) خير ؟ استفهام تقرير
40. ( ما
تعبدون من دونه ) أي
غيره ( إلا أسماء
سميتموها ) سميتم بها
أصناماً ( أنتم
وآباؤكم ما أنزل الله بها )
بعبادتها ( من سلطان ) حجة وبرهان ( إن ) ما
( الحكم ) القضاء ( إلا لله ) وحده ( أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك ) التوحيد ( الدين القيِّم ) المستقيم ( ولكن أكثر الناس ) وهم الكفار ( لا يعلمون ) ما يصيرون إليه من العذاب فهم يشركون
41. ( يا
صاحبي السجن أما أحدكما ) اي
الساقي فيخرج بعد ثلاث (
فيسقي ربه ) سيده ( خمراً ) على عادته ( وأما الآخر ) فيخرج بعد ثلاث ( فيصلب فتأكل الطير من رأسه ) هذا تأويل رؤياكما فقالا ما رأينا شيئاً فقال ( قضي الأمر الذي فيه تستفتيان ) سألتما عنه صدقتما أم كذبتما
42. (
وقال للذي ظن ) أيقن ( أنه ناج منهما ) وهو الساقي ( اذكرني عند ربك ) سيدك فقل له إن في السجن غلاماً محبوساً ظلماً فخرج ( فأنساه ) أي الساقي ( الشيطان ذكر ) يوسف عند ( ربه فلبث ) مكث يوسف ( في السجن بضع سنين ) قيل سبعاً وقيل اثنتي عشرة
43. (
وقال الملك ) ملك مصر
الريان بن الوليد (
إني أرى ) أي رأيت ( سبع بقرات سمان يأكلهن ) يبتلعهن ( سبع ) من
البقر ( عجاف ) جمع عجفاء ( وسبع سنبلات خضر وأخر ) أي سبع سنبلات ( يابسات ) قد التوت على الخضر وعلت عليها ( يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي ) بينوا لي تعبيرها ( إن كنتم للرؤيا تعبرون ) فاعبروها لي
44. (
قالوا ) هذه ( أضغاث ) أخلاط ( أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين )
45. (
وقال الذي نجا منهما ) أي
من الفتيين وهو الساقي (
وادَّكر ) فيه إبدال
التاء في الأصل دالاً وإدغامها في الدال أي تذكر يوسف ( بعد أمة ) حين قال ( أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون ) فأرسلوه فأتى يوسف فقال :
46. يا (
يوسف أيها الصديق )
الكثير الصدق (
أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع
إلى الناس ) أي الملك
وأصحابه ( لعلهم
يعلمون ) تعبيرها
47. (
قال تزرعون ) أي ازرعوا
( سبع سنين
دأباً ) متتابعة
وهي تأويل السبع السمان (
فما حصدتم فذروه ) أي
اتركوه ( في سنبله ) لئلا يفسد ( إلا قليلا مما تأكلون ) فادرسوه
48. ( ثم
يأتي من بعد ذلك ) أي
السبع المخصبات ( سبع
شداد ) مجدبات
صعاب وهي تأويل السبع العجاف (
يأكلن ما قدمتم لهن ) من
الحب المزروع في السنين المخصبات أي تأكلونه فيهن ( إلا قليلاً مما تحصنون )
49. ( ثم
يأتي من بعد ذلك ) أي
السبع المجدبات (
عام فيه يغاث الناس )
بالمطر ( وفيه
يعصرون ) الأعناب
وغيرها لخصبه
50. (
وقال الملك ) لما جاءه
الرسول وأخبره بتأويلها (
ائتوني به ) أي الذي
عبرها ( فلما جاءه
) أي يوسف ( الرسول ) وطلبه للخروج ( قال )
قاصداً إظهار براءته (
ارجع إلى ربك فاسأله ) أن
يسأل ( ما بال ) حال ( النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي ) سيدي ( بكيدهن عليم ) فرجع فأخبر الملك فجمعهن
51. (
قال ما خطبكن ) شأنكن ( إذ راودتن يوسف عن نفسه ) هل وجدتن منه ميلاً إليكن ( قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز
الآن حصحص ) وضح ( الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ) في قوله { هي راودتني عن نفسي } فاخبر يوسف بذلك فقال
:
52. (
ذلك ) أي طلب
البراءة ( ليعلم ) العزيز ( أني لم أخنه ) في أهله ( بالغيب ) حال ( وأن الله لا يهدي كيد الخائنين ) ثم تواضع لله فقال :
53. (
وما أبرئ نفسي ) من
الزلل ( إن النفس ) الجنس ( لأمارة ) كثيرة الأمر ( بالسوء إلا ما ) بمعنى من ( رحم ربي ) فعصمه ( إن ربي غفور رحيم )
54. (
وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي ) أجعله خالصاً لي دون شريك فجاءه الرسول وقال : أجب
الملك فقام وودع أهل السجن ودعا لهم ثم اغتسل ولبس ثيابا حسنة ودخل عليه ( فلما كلمه قال ) له ( إنك اليوم لدينا مكين أمين ) ذو مكانة وأمانة على أمرنا فماذا ترى أن نفعل ؟ قال :
اجمع الطعام وازرع زرعاً كثيراً في هذه السنين المخصبة وادخر الطعام في سنبله
فتأتي إليك الخلق ليمتاروا منك ، فقال : ومن لي بهذا ؟
55. (
قال ) يوسف ( اجعلني على خزائن الأرض ) أرض مصر ( إني حفيظ عليم ) ذو حفظ وعلم بأمرها وقيل كاتب حاسب
56. (
وكذلك ) كإنعامنا
عليه بالخلاص من السجن (
مكنا ليوسف في الأرض ) أرض
مصر ( يتبوأ ) ينزل ( منها حيث يشاء ) بعد الضيق والحبس . وفي القصة أن الملك توَّجه
وختَّمه وولاه مكان العزيز وعزله ومات بعد ، فزوجه امرأته فوجدها عذراء وولدت له
ولدين ، وأقام العدل بمصر ودانت له الرقاب ( نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين )
57. (
ولأجر الآخرة خير ) من
أجر الدنيا ( للذين
آمنوا وكانوا يتقون )
ودخلت سنو القحط وأصاب أرض كنعان والشام
58. (
وجاء إخوة يوسف ) إلا
بنيامين ليمتاروا لما بلغهم أن عزيز مصر يعطي الطعام بثمنه ( فدخلوا عليه فعرفهم ) أنهم إخوته ( وهم له منكرون ) لا يعرفونه لبعد عهدهم به وظنهم هلاكه فكلموه
بالعبرانية فقال كالمنكر عليهم : ما أقدمكم بلادي ؟ فقالوا : للميرة ، فقال :
لعلكم عيون ، قالوا : معاذ الله ، قال : فمن أين أنتم ، قالوا : من بلاد كنعان
وأبونا يعقوب نبي الله ، قال : وله أولاد غيركم ، قالوا : نعم ، كنا اثني عشر فذهب
أصغرنا هلك في البرية وكان أحبنا إليه وبقي شقيقه فاحتبسه ليتسلى به عنه ، فأمر
بإنزالهم وإكرامهم
59. (
ولما جهزهم بجهازهم )
وفَّى لهم كيلهم ( قال
ائتوني بأخ لكم من أبيكم ) أي
بنيامين لأعلم صدقكم فيما قلتم (
ألا ترون أني أوفي الكيل )
أتمه من غير بخس (
وأنا خير المنزلين )
60. (
فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ) أي ميرة ( ولا تقربون ) نهي أو عطف على محل فلا كيل أي تحرموا ولا تقربوا
61. (
قالوا سنراود عنه أباه )
سنجتهد في طلبه منه (
وإنا لفاعلون ) ذلك
62. (
وقال لفتيته ) وفي قراءة
{ لفتيانه } غلمانه (
اجعلوا بضاعتهم )
التي أتوا بها ثمن الميرة وكانت دراهم ( في رحالهم ) أوعيتهم ( لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم ) وفرغوا أوعيتهم ( لعلهم يرجعون ) إلينا لأنهم لا يستحلون إمساكها
63. (
فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل ) إن لم ترسل أخانا إليه ( فأرسل معنا أخانا نكتل ) بالنون والياء ( وإنا له لحافظون )
64. (
قال هل ) ما ( آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه ) يوسف ( من قبل ) وقد فعلتم به ما فعلتم ( فالله خير حافظاً ) وفي قراءة { حفظاً } تمييز كقولهم لله دره فارساً ( وهو أرحم الراحمين ) فأرجو أن يمن بحفظه
65. (
ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي ) ما استفهامية أي أي شيء نطلب من إكرام الملك أعظم من
هذا ، وقرىء بالفوقانية خطاباً ليعقوب وكانوا ذكروا له إكرامه لهم ( هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ) نأتي بالميرة لهم وهي الطعام ( ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ) لأخينا ( ذلك كيل يسير ) سهل على الملك لسخائه
66. (
قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقاً ) عهداً ( من الله ) بأن تحلفوا ( لتأتنني به إلا أن يحاط بكم ) بأن تموتوا أو تغلبوا فلا تطيقوا الإتيان به فأجابوه
إلى ذلك ( فلما آتوه
موثقهم ) بذلك ( قال الله على ما نقول ) نحن وأنتم ( وكيل ) شهيد وأرسله معهم
67. (
وقال يا بني لا تدخلوا ) مصر
( من باب واحد
وادخلوا من أبواب متفرقة )
لئلا تصيبكم العين (
وما أغني ) أدفع ( عنكم ) بقولي ذلك ( من الله من ) صلة ( شيء )
قدره عليكم وإنما ذلك شفقة ( إن
) ما ( الحكم إلا لله ) وحده ( عليه توكلت ) به وثقت ( وعليه فليتوكل المتوكلون )
68. (
ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ) أي
متفرقين ( ما كان
يغني عنهم من الله ) أي
قضائه ( من ) صلة ( شيء إلا ) لكن ( حاجة في نفس يعقوب قضاها ) وهي إرادة دفع العين شفقة ( وإنه لذو علم لما علَّمناه ) لتعليمنا إياه ( ولكن أكثر الناس ) وهم الكفار ( لا يعلمون ) إلهام الله لأصفيائه
69. (
ولما دخلوا على يوسف آوى )
ضمَّ ( إليه أخاه
قال إني أنا أخوك فلا تبتئس )
تحزن ( بما كانوا
يعملون ) من الحسد
لنا وأمره أن لا يخبرهم وتواطأ معه على أنه سيحتال على أن يبقيه عنده
70. (
فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية ) هي
صاعٌ من ذهب مرصع بالجوهر ( في
رحل أخيه ) بنيامين ( ثم أذَّن مؤذن ) نادى منادٍ بعد انفصالهم عن مجلس يوسف ( أيتها العير ) القافلة ( إنكم لسارقون )
71. (
قالوا و ) قد ( أقبلوا عليهم ماذا ) ما الذي ( تفقدونـ ) ـه
72. (
قالوا نفقد صواع ) صاع
( الملك
ولمن جاء به حمل بعير ) من
الطعام ( وأنا به ) بالحمل ( زعيم ) كفيل
73. (
قالوا تالله ) قسم فيه
معنى التعجب ( لقد علمتم
ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين ) ما سرقنا قط
74. (
قالوا ) أي المؤذن
وأصحابه ( فما جزاؤه
) أي السارق ( إن كنتم كاذبين ) في قولكم ما كنا سارقين ووجد فيكم
75. (
قالوا جزاؤه ) مبتدأ خبره
( من وجد في
رحله ) يُسترق ثم
أكد بقوله ( فهو ) أي السارق ( جزاؤه ) أي المسروق لا غير وكانت سنة آل يعقوب ( كذلك ) الجزاء ( نجزي الظالمين ) بالسرقة فصرحوا ليوسف بتفتيش أوعيتهم
76. (
فبدأ بأوعيتهم )
ففتشها ( قبل وعاء
أخيه ) لئلا يتهم
( ثم
استخرجها ) أي السقاية
( من وعاء
أخيه ) قال تعالى
: ( كذلك ) الكيد ( كدنا ليوسف ) علمناه الاحتيال في أخذ أخيه ( ما كان ) يوسف ( ليأخذ أخاه ) رقيقاً عن السرقة ( في دين الملك ) حكم مصر لأن جزاءه الضرب وتغريم مثلي المسروق لا
الاسترقاق ( إلا أن
يشاء الله ) أخذه بحكم
أبيه أي لم يتمكن من أخذه إلا بمشيئة الله بإلهامه سؤال إخوته وجوابهم بسنتهم ( نرفع درجات من نشاء ) بالإضافة والتنوين في العلم كيوسف ( وفوق كل ذي علم ) من المخلوقين ( عليم ) أعلم منه حتى ينتهي إلى الله تعالى
77. (
قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل ) أي يوسف فقد سرق لأبي أمِّه صنماً من ذهب فكسره لئلا
يعبده ( فأسرَّها
يوسف في نفسه ولم يبدها )
يظهرها ( لهم ) والضمير للكلمة التي في قوله ( قال ) في
نفسه ( أنتم شرٌّ
مكاناً ) من يوسف
وأخيه لسرقتكم أخاكم من أبيكم وظلمكم له ( والله أعلم ) عالم ( بما تصفون ) تذكرون من أمره
78. (
قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخاً كبيراً ) يحبه أكثر منا ويتسلى به عن ولده الهالك ويحزنه فراقه
( فخذ أحدنا
) استعبده ( مكانه ) بدلاً منه ( إنا نراك من المحسنين ) في أفعالك
79. (
قال معاذ الله ) نصب
على المصدر حذف فعله وأضيف إلى المفعول أي نعوذ بالله من ( أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده ) لم يقل من سرق تحرزاً من الكذب ( إنا إذاً ) إن أخذنا غيره ( لظالمون )
80. (
فلما استيأسوا )
يئسوا ( منه خلصوا
) اعتزلوا ( نجيَّاً ) مصدر يصلح للواحد وغيره ، أي يناجي بعضهم بعضاً ( قال كبيرهم ) سِنّاً : روبيل أو رأياً : يهوذا ( ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقاً ) عهداً ( من الله ) في أخيكم ( ومن قبل ما ) زائدة ( فرطتم في يوسف ) وقيل ما مصدرية مبتدأ خبره من قبل ( فلن أبرح ) أفارق ( الأرض ) أرض مصر ( حتى يأذن لي أبي ) بالعودة إليه ( أو يحكم الله لي ) بخلاص أخي ( وهو خير الحاكمين ) أعدلهم
81. (
ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا ) عليه ( إلا بما علمنا ) تيقَّنا من مشاهدة الصاع في رحله ( وما كنا للغيب ) لما غاب عنا حين إعطاء الموثق ( حافظين ) ولو علمنا أنه يسرق لم نأخذه
82. ( واسأل
القرية التي كنا فيها ) هي
مصر ، أي ارسل إلى أهلها فاسألهم ( والعير ) أي أصحاب العير ( التي أقبلنا فيها ) وهم قوم كنعان ( وإنا لصادقون ) في قولنا فرجعوا إليه وقالوا له ذلك
83. (
قال بل سولت ) زينت ( لكم أنفسكم أمراً ) ففعلتموه ، اتهمهم لما سبق منهم من أمر يوسف ( فصبر جميل ) صبري ( عسى الله أن يأتيني بهم ) بيوسف وأخويه ( جميعاً إنه هو العليم ) بحالي ( الحكيم ) في صنعه
84. (
وتولى عنهم ) تاركاً
خطابهم ( وقال يا
أسفى ) الألف بدل
من ياء الإضافة أي يا حزني (
على يوسف وابيضت عيناه )
انمحق سوادهما وبدل بياضاً من بكائه ( من الحزن ) عليه ( فهو كظيم ) مغموم مكروب لا يظهر كربه
85. (
قالوا تالله ) لا ( تفتأ ) تزال ( تذكر يوسف حتى تكون حرضاً ) مشرفاً على الهلاك لطول مرضك وهو مصدر يستوي فيه
الواحد وغيره ( أو
تكون من الهالكين )
الموتى
86. (
قال ) لهم ( إنما أشكوا بثي ) هو عظيم الحزن الذي لا يصبر عليه حتى يبث إلى الناس ( وحزني إلى الله ) لا إلى غيره فهو الذي تنفع الشكوى إليه ( وأعلم من الله ما لا تعلمون ) من أن رؤيا يوسف صدق وهو حي ، ثم قال
87. ( يا
بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ) اطلبوا خبرهما ( ولا تيأسوا ) تقنطوا ( من روح الله ) رحمته ( إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) فانطلقوا نحو مصر ليوسف
88. (
فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسَّنا وأهلنا الضر ) الجوع ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) مدفوعة يدفعها كل من رآها لرداءتها وكانت دراهم
زيوفاً أو غيرها (
فأوف ) أتم ( لنا الكيل وتصدق علينا ) بالمسامحة عن رداءة بضاعتنا ( إن الله يجزي المتصدقين ) يثيبهم ، فَرَقَّ لهم وأدركته الرحمة ورفع الحجاب
بينه وبينهم
89. ثم (
قال ) لهم
توبيخاً ( هل علمتم
ما فعلتم بيوسف ) من
الضرب والبيع وغير ذلك (
وأخيه ) من هضمكم
له بعد فراق أخيه ( إذ
أنتم جاهلون ) ما يؤول
إليه أمر يوسف
90. (
قالوا ) بعد أن
عرفوه لما ظهر من شمائله متثبتين ( أئنك ) بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما
على الوجهين ( لأنت يوسف
قال أنا يوسف وهذا أخي قد منَّ )
أنعم ( الله
علينا ) بالاجتماع
( إنه من
يتق ) يخف الله ( ويصبر ) على ما يناله ( فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ) فيه وضع الظاهر موضع المضمر
91. (
قالوا تالله لقد آثرك )
فضلك ( الله
علينا ) بالملك
وغيره ( وإن ) مخففة أي إنا ( كنا لخاطئين ) آثمين في أمرك فأذللناك
92. (
قال لا تثريب ) عتب ( عليكم اليوم ) خصَّه بالذكر لأنه مظنة التثريب فغيره أولى ( يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ) وسألهم عن أبيه فقالوا ذهبت عيناه فقال :
93. (
اذهبوا بقميصي هذا ) وهو
قميص إبراهيم الذي لبسه حين ألقي في النار كان في عنقه في الجب وهو من الجنة أمره
جبريل بإرساله وقال إن فيه ريحها ولا يُلقى على مبتلىً إلا عوفي ( فألقوه على وجه أبي يأت ) يصِر ( بصيراً وأتوني بأهلكم أجمعين )
94. (
ولما فصلت العير )
خرجت من عريش مصر (
قال أبوهم ) لمن حضر من
بنيه وأولادهم (
إني لأجد ريح يوسف )
أوصلته إليه الصبا بإذنه تعالى من مسيرة ثلاثة أيام أو ثمانية أو اكثر ( لولا أن تفنِّدون ) تسفهون لصدقتموني
95. (
قالوا ) له ( تالله إنك لفي ضلالك ) خطئك ( القديم ) من إفراطك في محبته ورجاء لقائه على بعد العهد
96. (
فلما أن ) زائدة ( جاء البشير ) يهوذا بالقميص وكان قد حمل قميص الدم فأحب أن يفرحه
كما أحزنه ( ألقاه ) طرح القميص ( على وجهه فارتد ) رجع ( بصيراً قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون
)
97. (
قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين )
98. (
قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم ) أخر ذلك إلى السحر ليكون أقرب إلى الإجابة أو إلى
ليلة الجمعة ، ثم توجهوا إلى مصر وخرج يوسف والأكابر لتلقيهم
99. (
فلما دخلوا على يوسف ) في
مضربه ( آوى ) ضم ( إليه أبويه ) أباه وأمه أو خالته ( وقال ) لهم ( ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) فدخلوا وجلس يوسف على سريره
100. (
ورفع أبويه ) أجلسهما
معه ( على العرش
) السرير ( وخروا ) أي أبواه وإخوته ( له سجدَّاً ) سجود انحناء لا وضع جبهة ، وكان تحيتهم في ذلك الزمان
( وقال يا
أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً وقد أحسن بي ) إلي ( إذ أخرجني من السجن ) لم يقل من الجب تكرماً لئلا يخجل إخوته ( وجاء بكم من البدو ) البادية ( من بعد أن نزغ ) أفسد ( الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو
العليم ) بخلقه ( الحكيم ) في صنعه ، وأقام عنده أبواه أربعا وعشرين سنة أو سبع
عشرة سنة وكانت مدة فراقه ثماني عشرة أو أربعين أو ثمانين سنة وحضره الموت فوصى
يوسف أن يحمله ويدفنه عند أبيه فمضى بنفسه ودفنه ثمة ، ثم عاد إلى مصر وأقام بعده
ثلاثا وعشرين سنة ولما تم أمره وعلم أنه لا يدوم تاقت نفسه إلى الملك الدائم فقال
101. ( رب
قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث ) تعبير الرؤيا ( فاطر ) خالق ( السماوات والأرض أنت وليي ) متولي صالحي ( في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين ) من آبائي فعاش بعد ذلك أسبوعا أو أكثر ومات وله مائة
وعشرون سنة وتشاحَّ المصريون في قبره فجعلوه في صندوق من مرمر ودفنوه في أعلى
النيل لتعم البركة جانبيه فسبحان من لا انقضاء لملكه
102. (
ذلك ) المذكور من
أمر يوسف ( من أنباء ) أخبار ( الغيب ) ما غاب عنك يا محمد ( نوحيه إليك وما كنت لديهم ) لدى إخوة يوسف ( إذ أجمعوا أمرهم ) في كيده أي عزموا عليه ( وهم يمكرون ) به ، أي لم تحضرهم فتعرف قصتهم فتخبر بها وإنما حصل
لك علمها من جهة الله
103. (
وما أكثر الناس ) أي
أهل مكة ( ولو حرصت ) على إيمانهم ( بمؤمنين )
104. (
وما تسألهم عليه ) أي
القرآن ( من أجر ) تأخذه ( إن ) ما
( هو ) أي القرآن ( إلا ذكر ) عظة ( للعالمين )
105. (
وكأيِّن ) وكم ( من آية ) دالة على وحدانية الله ( في السماوات والأرض يمرون عليها ) يشاهدونها ( وهم عنها معرضون ) لا يتفكرون بها
106. (
وما يؤمن أكثرهم بالله ) حيث
يقرون بأنه الخالق الرزاق (
إلا وهم مشركون ) به
بعبادة الأصنام ولذا كانوا يقولون في تلبيتهم : لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك
، تملكه وما ملك . يعنونها
107. (
أفأمنوا أن تأتيهم غاشية )
نقمة تغشاهم ( من عذاب
الله أو تأتيهم الساعة بغتة )
فجأة ( وهم لا
يشعرون ) بوقت
إتيانها
108. ( قل
) لهم ( هذه سبيلي ) وفسرها بقوله ( أدعوا إلى ) دين ( الله على بصيرة ) حجة واضحة ( أنا ومن اتبعني ) آمن بي عطف على أنا المبتدأ المخبر عنه بما قبله ( وسبحان الله ) تنزيها له عن الشركاء ( وما أنا من المشركين ) من جملة سبيله أيضاً
109. (
وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا يُوحى ) وفي قراءة بالنون وكسر الحاء ( إليهم ) لا ملائكة ( من أهل القرى ) الأمصار لأنهم أعلم وأحلم بخلاف أهل البوادي لجفائهم
وجهلهم ( أفلم يسيروا
) أهل مكة ( في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ) أي آخر أمرهم من إهلاكهم بتكذيبهم رسلهم ( ولدار الآخرة ) أي الجنة ( خير للذين اتقوا ) الله ( أفلا تعقلون ) بالياء والتاء يا أهل مكة هذا فتؤمنوا
110. (
حتى ) غاية لما
دل عليه { وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا } أي فتراخى نصرهم حتى ( إذا استيأس ) يئس ( الرسل وظنوا ) أيقن الرسل ( أنهم قد كُذِّبوا ) بالتشديد تكذيباً لا إيمان بعده ، والتخفيف أي ظن
الأمم أن الرسل أخلفوا ما وعدوا به من النصر ( جاءهم نصرنا فننجي ) بنونين مشدداً ومخففاً وبنون مشدداً ماض ( من نشاء ولا يرد بأسنا ) عذابنا ( عن القوم المجرمين ) المشركين
111. (
لقد كان في قصصهم ) أي
الرسل ( عبرة
لأولي الألباب )
أصحاب العقول ( ما
كان ) هذا القرآن
( حديثاً
يفترى ) يختلق ( ولكن ) كان ( تصديق الذي بين يديه ) قبله من الكتب ( وتفصيل ) تبيين ( كل شيء ) يحتاج إليه في الدين ( وهدى ) من الضلالة ( ورحمة لقوم يؤمنون ) خصوا بالذكر لانتفاعهم به دون غيرهم