49. سورة الحجرات
1. ( يا
أيها الذين آمنوا لا تقدموا ) من
قدم بمعنى تقدم أي لا تقدموا بقول ولا فعل ( بين يدي الله ورسوله ) المبلغ عنه أي بغير إذن ( واتقوا الله إن الله سميع ) لقولكم ( عليم ) بفعلكم نزلت في مجادلة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
عند النبي صلى الله عليه وسلم في تأمير الأقرع بن حابس أو القعقاع بن معبد ونزل
فيمن رفع صوته عند النبي صلى الله عليه وسلم
2. ( يا
أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم ) إذا نطقتم ( فوق صوت النبي ) إذا نطق ( ولا تجهروا له بالقول ) إذا ناجيتموه ( كجهر بعضكم لبعض ) بل دون ذلك إجلالا له ( أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ) أي خشية ذلك بالرفع والجر المذكورين ونزل فيمن كان
يخفض صوته عند النبي صلى الله عليه وسلم كأبي بكر وعمر وغيرهما رضي الله عنهم
3. ( إن
الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن ) اختبر ( الله قلوبهم للتقوى ) أي لتظهر منهم ( لهم مغفرة وأجر عظيم ) الجنة ونزل في قوم جاؤوا وقت الظهيرة والنبي صلى الله
عليه وسلم في منزله فنادوه
4. ( إن
الذين ينادونك من وراء الحجرات )
حجرات نسائه صلى الله عليه وسلم جمع حجرة هي ما يحجر عليه من الأرض بحائط ونحوه
كان كل واحد منهم نادى خلف حجرة لأنهم لم يعلموه في أي حجرة مناداة الأعراب بغلظة
وجفاء ( أكثرهم لا يعقلون ) فيما فعلوه محلك الرفيع وما يناسبه من التعظيم
5. (
ولو أنهم صبروا )
أنهم في محل رفع بالابتداء وقيل فاعل لفعل مقدر أي ثبت ( حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم ) لمن تاب منهم ونزل في الوليد بن عقبة وقد بعثه النبي
صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق مصدقا فخافهم لترة كانت بينه وبينهم في الجاهلية
فرجع وقال إنهم منعوا الصدقة وهموا بقتله فهم النبي صلى الله عليه وسلم بغزوهم
فجاؤوا منكرين ما قاله عنهم
6. ( يا
أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ ) خبر ( فتبينوا ) صدقه من كذبه وفي قراءة فتثبتوا من الثبات ( أن تصيبوا قوما ) مفعوله أي خشية ذلك ( بجهالة ) حال من الفاعل أي جاهلين ( فتصبحوا ) تصيروا ( على ما فعلتم ) من الخطأ بالقوم ( نادمين ) وأرسل صلى الله عليه وسلم إليهم بعد عودهم إلى بلادهم
خالدا فلم ير فيهم إلا الطاعة والخير فأخبر النبي بذلك
7. (
واعلموا أن فيكم رسول الله ) فلا
تقولوا الباطل فإن الله يخبره بالحال ( لو يطيعكم في كثير من الأمر ) الذي تخبرون به على خلاف الواقع فيرتب على ذلك مقتضاه
( لعنتم ) لأثمتم دونه إثم التسبب إلى المرتب ( ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه ) حسنه ( في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان ) استدراك من حيث المعنى دون اللفظ لأن من حبب إليه
الإيمان الخ غايرت صفته صفة من تقدم ذكره ( أولئك هم ) فيه التفات عن الخطاب ( الراشدون ) الثابتون على دينهم
8. (
فضلا من الله ) مصدر منصوب
بفعله المقدر أي افضل (
ونعمة ) منه ( والله عليم ) بهم ( حكيم ) في إنعامه عليهم
9. (
وإن طائفتان من المؤمنين )
الآية نزلت في قضية هي أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حمارا ومر على ابن ابي
فبال الحمار فسد ابن ابي أنفه فقال ابن رواحة والله لبول حماره أطيب ريحا من مسكك
فكان بين قوميهما ضرب بالأيدي والنعال والسعف ( اقتتلوا ) جمع نظرا إلى المعنى لأن كل طائفة جماعة وقرىء اقتتلا
( فأصلحوا
بينهما ) ثني نظرا
إلى اللفظ ( فإن بغت ) تعدت ( إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء ) ترجع ( إلى أمر الله ) الحق ( فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل ) بالانصاف ( وأقسطوا ) إعدلوا ( إن الله يحب المقسطين )
10. (
إنما المؤمنون إخوة ) في
الدين ( فأصلحوا
بين أخويكم ) إذا تنازعا
وقرئ إخوتكم بالفوقانية (
واتقوا الله لعلكم ترحمون )
11. ( يا
أيها الذين آمنوا لا يسخر )
الآية نزلت في وفد تميم حين سخروا من فقراء المسلمين كعمار وصهيب والسخرية
والازدراء والاحتقار (
قوم ) أي رجال
منكم ( من قوم
عسى أن يكونوا خيرا منهم ) عند
الله ( ولا نساء ) منكم ( من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ) لا تعيبوا أي لا يعب بعضكم بعضا ( ولا تنابزوا بالألقاب ) لا يدع بعضكم بعضا بلقب يكرهه ومنه يا فاسق ويا كافر
( بئس الاسم
) المذكور من السخرية واللمز
والتنابز ( الفسوق
بعد الإيمان ) بدل من
الاسم لافادته أنه فسق لتكرره عادة ( ومن لم يتب ) من ذلك ( فأولئك هم الظالمون )
12. ( يا
أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ) أي مؤثم وهو كثير كظن السوء بأهل الخير من المؤمنين
وهم كثير بخلافه بالفساق منهم فلا إثم فيه في نحو ما يظهر منهم ( ولا تجسسوا ) حذف منه إحدى التاءين لا تتبعوا عورات المسلمين
ومعايبهم بالبحث عنها (
ولا يغتب بعضكم بعضا ) لا
يذكره بشيء يكرهه وإن كان فيه (
أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ) بالتخفيف والتشديد أي لا يحسن به ( فكرهتموه ) أي فاغتيابه في حياته كأكل لحمه بعد مماته وقد عرض
عليكم الثاني فكرهتموه فاكرهوا الأول ( واتقوا الله ) عقابه في الاغتياب بأن تتوبوا منه ( إن الله تواب ) قابل توبة التائبين ( رحيم ) بهم
13. ( يا
أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ) آدم وحواء ( وجعلناكم شعوبا ) جمع شعب بفتح الشين هو أعلى طبقات النسب ( وقبائل ) هي دون الشعوب وبعدها العمائر ثم البطون ثم الأفخاذ
ثم الفصائل آخرها مثاله خزيمة شعب كنانة قبيلة قريش عِمارة بكسر العين قصي بطن هاشم
فخذ العباس فصيلة (
لتعارفوا ) حذف منه
إحدى التاءين ليعرف بعضهم بعضا لا تتفاخروا بعلو النسب وإنما الفخر بالتقوى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم ) بكم ( خبير ) ببواطنكم
14. (
قالت الأعراب ) نفر من بني
أسد ( آمنا ) صدقنا بقلوبنا ( قل ) لهم
( لم تؤمنوا
ولكن قولوا أسلمنا )
انقدنا ظاهرا (
ولما ) لم ( يدخل الإيمان في قلوبكم ) إلى الآن لكنه يتوقع منكم ( وإن تطيعوا الله ورسوله ) بالإيمان وغيره ( لا يلتكم ) بالهمزة وتركه بابداله ألفا لا ينقصكم ( من أعمالكم ) من ثوابها ( شيئا إن الله غفور ) للمؤمنين ( رحيم ) بهم
15. (
إنما المؤمنون )
الصادقون في إيمانهم كما صرح به بعد ( الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ) لم يشكوا في الإيمان ( وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ) فجهادهم يظهر بصدق إيمانهم ( أولئك هم الصادقون ) في إيمانهم لا من قالوا آمنا ولم يوجد منهم غير
الإسلام
16. ( قل
) لهم ( أتعلمون الله بدينكم ) مضعف علم بمعنى شعر أي اتشعرونه بما أنتم عليه في
قولكم آمنا ( والله
يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم )
17. (
يمنون عليك أن أسلموا ) من غير
قتال بخلاف غيرهم ممن أسلم بعد قتاله منهم ( قل لا تمنوا علي إسلامكم ) منصوب بنزع الخافض الباء ويقدر قبل أن في الموضعين ( بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين ) في قولكم آمنا
18. ( إن
الله يعلم غيب السماوات والأرض ) ما
غاب فيهما ( والله
بصير بما تعملون )
بالتاء والياء لا يخفى عليه شيء منه