تفسير سورة إذا زلزلت
بسم الله الرحمن الرحيم
القول
في تأويل قوله تعالى : إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا
( 1 ) وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا ( 2 ) وَقَالَ الإِنْسَانُ مَا لَهَا (
3 ) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ( 4 ) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ( 5 )
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ( 6 ) فَمَنْ
يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ( 7 ) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ
ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ( 8 ) .
يقول
تعالى ذكره: ( إِذَا
زُلْزِلَتِ الأرْضُ ) لقيام
الساعة (
زِلْزَالَهَا )
فرُجَّت رجًّا; والزلزال: مصدر إذا كسرت الزاي, وإذا فتحت كان اسما; وأضيف الزلزال
إلى الأرض وهو صفتها, كما يقال: لأكرمنك كرامتك, بمعنى: لأكرمنك كرامة. وحسن ذلك
في زلزالها, لموافقتها رءوس الآيات التي بعدها.
حدثنا
أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن يمان, عن أشعث, عن جعفر, عن سعيد, قال: ( زُلْزِلَتِ الأرْضُ ) على عهد عبد الله, فقال لها
عبد الله: مالك، أما إنها لو تكلَّمت قامت الساعة.
وقوله: ( وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ
أَثْقَالَهَا ) يقول:
وأخرجت الأرض ما في بطنها من الموتى أحياء, والميت في بطن الأرض ثقل لها, وهو فوق
ظهرها حيا ثقل عليها.
وبنحو
الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر
من قال ذلك:
حدثني
محمد بن سنان القزّاز, قال: ثنا أبو عاصم, عن شبيب, عن عكرِمة, عن ابن عباس ( وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ
أَثْقَالَهَا ) قال:
الموتى.
حدثني
محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, ( وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ
أَثْقَالَهَا ) قال:
يعني الموتى.
حدثني
الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبى نجيح, عن مجاهد ( وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ
أَثْقَالَهَا ) من في
القبور.
وقوله: ( وَقَالَ الإنْسَانُ مَا
لَهَا ) يقول
تعالى ذكره: وقال الناس إذا زلزلت الأرض لقيام الساعة: ما للأرض وما قصتها ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ
أَخْبَارَهَا ) .
كان ابن
عباس يقول في ذلك ما حدثني ابن سنان القزّاز, قال: ثنا أبو عاصم, عن شبيب, عن
عكرِمة, عن ابن عباس, (
وَقَالَ الإنْسَانُ مَا لَهَا ) قال
الكافر: (
يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا )
يقول:
يومئذ تحدث الأرض أخبارها، وتحديثها أخبارها, على القول الذي ذكرناه عن عبد الله
بن مسعود, أن تتكلم فتقول: إن الله أمرني بهذا, وأوحى إليّ به, وأذن لي فيه.
وأما
سعيد بن جبير, فإنه كان يقول في ذلك ما حدثنا به أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن
إسماعيل بن عبد الملك, قال: سمعت سعيد بن جبير يقرأ في المغرب مرة: ( يَوْمَئِذٍ تُنَبِّئُ
أَخْبَارَها ) ومرة:
(
تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) .
فكأن
معنى تحدّث كان عند سعيد: تُنَبِّئُ, وتنبيئها أخبَارَهَا: إخراجها أثقالها من
بطنها إلى ظهرها. وهذا القول قول عندي صحيح المعنى, وتأويل الكلام على هذا المعنى:
يومئذ تبين الأرض أخبارها بالزلزلة والرجة, وإخراج الموتى من بطونها إلى ظهورها,
بوحي الله إليها, وإذنه لها بذلك, وذلك معنى قوله: ( بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى
لَهَا ) .
وبنحو
الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر
من قال ذلك:
حدثني
محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن.
قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ
أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا
* بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ) قال:
أمرها, فألقَت ما فيها وتخلَّت.
حدثني
الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى
لَهَا ) قال:
أمرها.
وقد ذُكر
عن عبد الله أنه كان يقرأ ذلك: (
يَوْمَئِذٍ تُنْبِّئُ أَخْبَارَها ) وقيل: معنى ذلك أن الأرض تحدث أخبارها من كان على ظهرها من
أهل الطاعة والمعاصي, وما عملوا عليها من خير أو شرّ.
ذكر
من قال ذلك:
حدثنا
ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) قال: ما عمل عليها من خير أو
شرّ, (
بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ) قال:
أعلمها ذلك.
حدثني
يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ
أَخْبَارَهَا ) قال:
ما كان فيها, وعلى ظهرها من أعمال العباد.
حدثني
محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن,
قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ
أَخْبَارَهَا ) قال:
تخبر الناس بما عملوا عليها.
وقيل:
عنى بقوله: (
أَوْحَى لَهَا ) : أوحى
إليها.
ذكر من
قال ذلك:
حدثني
ابن سنان القزّاز, قال: ثنا أبو عاصم, عن شبيب, عن عكرِمة, عن ابن عباس ( أَوْحَى لَهَا ) قال: أوحى إليها.
وقوله: ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ
النَّاسُ أَشْتَاتًا ) قيل:
إن معنى هذه الكلمة التأخير بعد (
لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ) قالوا:
ووجه الكلام: يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها، لِيُرَوْا أعمالهم, يومئذ يصدر
الناس أشتاتا. قالوا: ولكنه اعترض بين ذلك بهذه الكلمة.
ومعنى
قوله: (
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا ) عن موقف الحساب فِرَقا متفرقين, فآخذ ذات اليمين إلى الجنة,
وآخذ ذات الشمال إلى النار.
وقوله: ( لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ) يقول: يومئذ يصدر الناس
أشتاتا متفرّقين, عن اليمين وعن الشمال, ليروا أعمالهم, فيرى المحسن في الدنيا,
المطيع لله عمله وما أعد الله له يومئذ من الكرامة, على طاعته إياه كانت في
الدنيا, ويرى المسيء العاصي لله عمله وجزاء عمله وما أعدّ الله له من الهوان
والخزي في جهنم على معصيته إياه كانت في الدنيا, وكفره به.
وقوله: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ
ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ )
يقول:
فمن عمل في الدنيا وزن ذرة من خير, يرى ثوابه هنالك ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ
ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) يقول:
ومن كان عمل في الدنيا وزن ذرة من شر يرى جزاءه هنالك, وقيل: ومن يعمل والخبر عنها
في الآخرة, لفهم السامع معنى ذلك, لما قد تقدم من الدليل قبل, على أن معناه: فمن
عمل; ذلك دلالة قوله: (
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ) على ذلك. ولكن لما كان مفهوما
معنى الكلام عند السامعين، وكان في قوله: ( يَعْمَلْ ) حث لأهل
الدنيا على العمل بطاعة الله, والزجر عن معاصيه, مع الذي ذكرت من دلالة الكلام قبل
ذلك, على أن ذلك مراد به الخبر عن ماضي فعله, وما لهم على ذلك, أخرج الخبر على وجه
الخبر عن مستقبل الفعل.
وبنحو
الذي قلنا من أن جميعهم يرون أعمالهم, قال أهل التأويل.
ذكر
من قال ذلك:
حدثني
على, قال: ثنا بو صالح, قال: ثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, في قوله: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ
ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ) قال:
ليس مؤمن ولا كافر عمِل خيرا ولا شرا في الدنيا, إلا آتاه الله إياه. فأما المؤمن
فيريه حسناته وسيئاته, فيغفر الله له سيئاته. وأما الكافر فيردّ حسناته, ويعذّبه
بسيئاته. وقيل في ذلك غير هذا القول, فقال بعضهم: أما المؤمن, فيعجل له عقوبة
سيئاته في الدنيا, ويؤخِّر له ثواب حسناته, والكافر يعجِّل له ثواب حسناته, ويؤخر
له عقوبة سيئاته.
ذكر
من قال ذلك:
حدثني
موسى بن عبد الرحمن المسروقي, قال: ثنا محمد بن بشر, قال: حدثنيه محمد بن مسلم
الطائفي, عن عمرو بن قتادة, قال: سمعت محمد بن كعب القرظي, وهو يفسِّر هذه الآية:
(
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ) قال: من يعمل مثقال ذرَّة من خير من كافر ير ثوابه في
الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده, حتى يخرج من الدنيا, وليس له عنده خير ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ
ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) من
مؤمن ير عقوبته في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده, حتى يخرج من الدنيا وليس
عنده شيء.
حدثني
محمود بن خِداش, قال: ثنا محمد بن يزيد الواسطي, قال: ثنا محمد بن مسلم الطائفي,
عن عمرو بن دينار, قال: سألت محمد بن كعب القرظي, عن هذه الآية: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ
ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) قال: من يعمل مثقال ذرَّة من
خير من كافر, ير ثوابها في نفسه وأهله وماله, حتى يخرج من الدنيا وليس له خير; ومن
يعمل مثقال ذرة من شر من مؤمن, ير عقوبتها في نفسه وأهله وماله, حتى يخرج وليس له
شر.
حدثني
أبو الخطاب الحساني, قال: ثنا الهيثم بن الربيع, قال: ثنا سماك بن عطية, عن أيوب, عن
أبي قِلابة, عن أنس, قال: كان أبو بكر رضى الله عنه يأكل مع النبي صلى الله عليه
وسلم, فنـزلت هذه الآية: (
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ
ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) فرفع
أبو بكر يده من الطعام, وقال: يا رسول الله إني أُجزَى بما عملت من مثقال ذرة من
شرّ، فقال: « يا أبا
بَكر, ما رأيْتَ في الدنْيا ممَّا تكره فمثَاقيلُ ذَرّ الشَّرّ, وَيَدَّخِرُ لَكَ
اللهُ مثَاقِيلَ الخير حتى تُوَفَّاه يَوْمَ الْقِيامَةِ » .
حدثنا
ابن بشار, قال: ثنا أيوب, قال: وجدنا في كتاب أبي قِلابة, عن أبي إدريس: أن أبا
بكر كان يأكل مع النبيّ صلى الله عليه وسلم, فأنـزلت هذه الآية: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ
ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) فرفع أبو بكر يده من الطعام,
وقال: إني لراء ما عملت, قال: لا أعلمه إلا قال: ما عملت من خير وشرّ, فقال النبيّ
صلى الله عليه وسلم: « إنَّ
ما تَرَى مِمَّا تَكْرَهُ فَهُوَ مثَاقِيلُ ذَرّ شَر كَثِيرٍ, وَيَدَّخِرُ اللهُ
لَكَ مَثَاقِيلَ ذَرّ الخَيْرِ حتى تُعْطَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » وتصديق ذلك في كتاب الله:
وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ
كَثِيرٍ .
حدثني
يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, قال: ثنا أيوب, قال: قرأت في كتاب أبي قلابة قال:
نـزلت (
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ
ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) وأبو
بكر يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم, فأمسك وقال: يا رسول الله, إني لراء ما
عملت من خير وشر؟ فقال: «
أرأيْتَ ما رأيْتَ مِمَّا تَكْرَهُ, فَهُوَ مِنْ مثَاقِيلِ ذَرّ الشَّرِ,
وَيَدَّخِرُ مثَاقِيلَ ذَرّ الخَيْرِ, حتى تُعْطَوْهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ » قال أبو إدريس: فأرى مصداقها
في كتاب الله, قال: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ
أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ .
حدثني
يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن عُليَة, عن داود, عن الشعبي, قال: قالت عائشة: يا
رسول الله, إن عبد الله بن جُدْعان كان يصل الرحم, ويفعل ويفعل, هل ذاك نافعه؟
قال: « لا إنه
لم يقل يوما: » رب اغفر
لي خطيئتي يوم الدين « . »
حدثنا
ابن وكيع, قال: ثنا حفص, عن داود, عن الشعبي, عن مسروق, عن عائشة, قالت: قلت: يا
رسول الله, ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم, ويُطعم المسكين, فهل ذاك نافعه؟
قال: « لا
يَنْفَعُهُ, إنَّهُ لَمْ يَقُلْ يوما: » رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين « »
حدثنا
ابن المثنى, قال: ثنا ابن أبي عدي, عن داود, عن عامر الشعبي, أن عائشة أم المؤمنين
قالت: يا رسول الله, إن عبد الله بن جدعان, كان يصل الرحم, ويَقْرِي الضيف, ويفكّ
العاني, فهل ذلك نافعه شيئا؟ قال: « لا إنَّهُ لَمْ يقل يوما: » رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين « . »
حدثنا
ابن المثنى, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن داود, عن عامر, عن علقمة, أن سلمة بن يزيد
الجعفي, قال: يا رسول الله, إن أمنا هلكت في الجاهلية, كانت تصل الرحم, وتَقْرِي
الضيف, وتفعل وتفعل, فهل ذلك نافعها شيئا؟ قال: « لا » .
حدثنا
ابن المثنى, قال: ثنا الحجاج بن المنهال, قال: ثنا المعتمر بن سليمان, قال: ثنا
داود, عن الشعبيّ, عن علقمة بن قيس, عن سلمة بن يزيد الجعفي, قال: ذهبت أنا وأخي
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقلت: يا رسول الله, إن أمنا كانت في الجاهلية
تقري الضيف, وتصل الرحم, هل ينفعها عملها ذلك شيئا؟ قال: « لا » .
حدثني
محمد بن إبراهيم بن صدران وابن عبد الأعلى, قالا ثنا المعتمر بن سليمان, قال: ثنا
داود بن أبي هند, عن الشعبي, عن علقمة, عن سلمة بن يزيد, عن النبي صلى الله عليه
وسلم, بنحوه.
حدثنا
ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, عن محمد بن كعب, أنه قال:
أما المؤمن فيرى حسناته في الآخرة, وأما الكافر فيرى حسناته في الدنيا.
حدثني
يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا أبو نعامة, قال: ثنا عبد العزيز بن
بشير الضبي جدّه سلمان بن عامر أن سلمان بن عامر جاء رسول الله صلى الله عليه
وسلم, فقال: إنّ أبي كان يصل الرحم, ويفي بالذمة, ويُكرم الضيف, قال: « ماتَ قَبْلَ الإسْلامِ » ؟ قال: نعم, قال: « لَنْ يَنْفَعَهُ ذَلكَ » , فولى, فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: « عَليَّ
بالشَّيْخِ » ,
فجاءَ, فَقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: « إنَّها لَنْ تَنْفَعَهُ, وَلَكِنَّهَا تَكُونُ فِي
عَقِبِهِ, فَلَنْ تُخْزَوْا أبَدًا, وَلَنْ تَذِلُّوا أَبَدًا, وَلَنْ
تَفْتَقِرُوا أَبدًا » .
حدثنا
ابن المثنى وابن بشار, قالا ثنا أبو داود, قال: ثنا عمران, عن قتادة, عن أنس, أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ المُؤْمِنُ حَسَنَةً يُثابُ
عَلَيْها الرّزْقَ فِي الدنْيا, ويُجْزى بِها فِي الآخِرَةِ; وأمَّا الكافِرُ
فَيُعْطِيهِ بِها فِي الدنْيا, فإذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ, لَمْ تَكُنْ لَهُ
حَسَنةٌ » .
حدثني
يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, قال: ثنا ليث, قال: ثني المعلى, عن محمد بن
كعب الْقُرَظي, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما أحْسَنَ مِنْ مُحْسِنٍ،
مُؤْمِنٍ أوْ كَافِرٍ إلا وَقَعَ ثَوَابُهُ عَلى الله فِي عاجِل دُنْيَاهُ, أَوْ
آجِلِ آخِرَتِهِ » .
حدثني
يونس بن عبد الأعلى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني يحيى بن عبد الله, عن أبي
عبد الرحمن الحُبَليِّ, عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: أنـزلت: ( إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ
زِلْزَالَهَا ) وأبو بكر
الصدّيق قاعد, فبكى حين أنـزلت, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما يُبْكِيكَ يا أبا بَكْرٍ؟
» قال:
يُبكيني هذه السورة, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لَوْلا أنَّكُمْ تُخْطِئونَ
وَتُذْنِبُونَ فَيَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ لَخَلَقَ اللهُ أُمَّةً يُخْطِئُونَ
وَيُذْنِبُونَ فَيَغْفرُ لَهُمْ » .
فهذه
الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تُنبئ عن أن المؤمن إنما يرى عقوبة
سيئاته في الدنيا, وثواب حسناته في الآخرة, وأن الكافر يرى ثواب حسناته في الدنيا,
وعقوبة سيئاته في الآخرة, وأن الكافر لا ينفعه في الآخرة ما سلف له من إحسان في
الدنيا مع كُفره.
حدثنا
أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن عليّ, عن الأعمش, عن إبراهيم التيمي, قال: أدركت سبعين
من أصحاب عبد الله, أصغرهم الحارث بن سويد, فسمعته يقرأ: ( إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ
زِلْزَالَهَا ) حتى
بلغ إلى: (
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) قال: إن هذا إحصاء شديد.
وقيل: إن
الذَّرَّة دُودة حمراء ليس لها وزن.
ذكر
من قال ذلك:
حدثني
إسحاق بن وهب العلاف ومحمد بن سنان القزّاز, قالا ثنا أبو عاصم, قال: ثنا شبيب بن
بشر, عن عكرمة, عن ابن عباس, في قوله: ( مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ) قال ابن سنان في حديثه: مثقال ذرّة حمراء. وقال ابن وهب في
حديثه: نملة حمراء. قال إسحاق, قال يزيد بن هارون: وزعموا أن هذه الدودة الحمراء
ليس لها وزن.
آخر
تفسير سورة إذا زلزلت الأرض.