ة للصفحة --> وَفاةُ الشَّريفِ أبي جَعفرِ بن أبي موسى الهاشميِّ الفَقيهِ الحَنبليِّ .

وَفاةُ الشَّريفِ أبي جَعفرِ بن أبي موسى الهاشميِّ الفَقيهِ الحَنبليِّ .

تفاصيل الحدث :

هو الفَقيهُ العالِمُ، إِمامُ الحَنابِلَةِ، الشَّريفُ أبو جَعفرٍ عبدُ الخالقِ بن عيسى بن أحمدَ بن محمدِ بن عيسى بن أحمدَ بن موسى بن محمدِ بن إبراهيمَ بن عبدِ الله بن معبدِ بن العبَّاسِ بن عبدِ المُطَّلِبِ, الهاشميُّ الفَقيهُ. إِمامُ الطائفةِ الحَنبليَّةِ في زَمانِه بلا مُدافَعَةٍ. وُلِدَ سَنةَ 411هـ, وهو أَجَلُّ أَصحابِ القاضي أبي يَعلَى. كان حَسَنَ الكَلامِ في المُناظَرَةِ، وَرِعًا زاهِدًا، مُتقِنًا، عالِمًا بأَحكامِ القُرآنِ والفَرائضِ، مَرْضِيَّ الطَّريقةِ. وقال أبو الحُسينِ بن الفَرَّاءِ: "لَزِمتُه خمسَ سنين، فكان إذا بَلغَهُ مُنكرٌ قد ظَهرَ عَظُمَ ذلك عليه جِدًّا، وكان شَديدًا على المُبتَدِعَةِ، لم تَزَل كَلِمتُه عاليةً عليهم، وأَصحابُه يَقمَعونَهُم، ولا يَرُدُّ يَدَهُ عنهم أَحَدٌ"، وكان عَفيفًا نَزيهًا، يُدَرِّسُ بمَسجِدِه، ثم انتَقلَ إلى الجانبِ الشرقيِّ من بغداد يُدَرِّسُ في مَسجدٍ آخرَ، ثم انتَقلَ في سَنةِ 466هـ لأَجلِ ما لَحِقَ نَهرَ المُعَلَّى من الغَرَقِ إلى بابِ الطَّاقِ، ودَرَّسَ بجامعِ المَهديِّ. لمَّا احتَضرَ القاضي أبو يَعلَى أَوصَى أن يُغَسِّلَهُ الشَّريفُ أبو جَعفرٍ، ولمَّا احتَضرَ القائمُ بأَمرِ الله أَوصَى أيضًا أن يُغَسِّلَهُ، ففَعَلَ. وكان قد وَصَّى له القائمُ بأَمرِ الله بأَشياءَ كَثيرةٍ، فلم يَأخُذها، فقِيلَ له: خُذْ قَميصَ أَميرِ المُؤمنينَ للبَركةِ، فأَخذَ فُوطَتَه فنَشَّفَ بها القائمَ، وقال: قد لَحِقَ الفُوطةَ بَركةُ أَميرِ المُؤمنينَ. ثم استَدعاهُ المُقتَدِي، فبايَعَهُ مُنفرِدًا. ولمَّا تُوفِّي كان يومُ جَنازَتِه يومًا مَشهودًا، وحُفِرَ له إلى جانبِ قَبرِ الإمامِ أحمدَ، ولَزِمَ الناسُ قَبرَهُ ليلًا نَهارًا، حتى قِيلَ: خُتِمَ على قَبرِه أَكثرُ من عشرةِ آلافِ خَتمَةٍ. قال الذهبيُّ: "وطَوَّلَ تَرجمتَه ابنُ الفَرَّاءِ إلى أن قال فيها: وأُخِذَ الشَّريفُ أبو جعفرِ بن أبي موسى في فِتنَةِ أبي نصرِ بن القُشيريِّ، وحُبِسَ أيامَا، فسَرَدَ الصَّومَ وقال: ما آكلُ لأَحَدٍ شَيئًا. ودَخلتُ عليه في تلك الأيامِ، فرَأيتُه يقرأُ في المُصحفِ، فقال لي: قال الله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة} الصَّبْرُ: الصَّوْمُ. ولم يُفطِر إلى أن بَلغَ منه المَرضُ، فلمَّا ثَقُلَ وضَجَّ الناسُ من حَبسِه، أُخرِجَ إلى الحَريمِ الطَّاهريِّ، فمات هناك" قال عنه ابنُ كَثيرٍ: "كان أَحدَ الفُقهاءِ العُلماءِ العُبَّادِ الزُّهَّادِ المَشهورِينَ بالدِّيانَةِ والفَضلِ والعِبادةِ والقِيامِ في الله بالأَمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المُنكرِ، لا تَأخذُه في الله لَوْمَةُ لائمٍ، وكان مَشهورًا بالصَّلاحِ والدِّيانةِ، وحين وَقعَت الفِتنةُ بين الحَنابلةِ والأَشعريَّةِ بسَببِ ابنِ القُشيريِّ اعتُقِلَ هو في دارِ الخِلافةِ مُكَرَّمًا مُعَظَّمًا، يَدخلُ عليه الفُقهاءُ وغَيرُهم، ويُقبِّلون يَدَهُ ورَأسَه".

العودة الى الفهرس