تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 36 من سورة هود
القول في تأويل قوله تعالى : وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: وأوحَى الله إلى نوح ، لمّا حَقّ على قومه القولُ، وأظلَّهم أمرُ الله، أنه لن يؤمن، يا نوح ، بالله فيوحِّده ، ويتبعك على ما تدعوه إليه ، (من قومك إلا من قد آمن)، فصدّق بذلك واتبعك.(فلا تبتئس) ، يقول: فلا تستكن ولا تحزن ، (بما كانوا يفعلون)، فإني مهلكهم ، ومنقذك منهم ومن اتبعك. وأوحى الله ذلك إليه ، بعد ما دعا عليهم نوحٌ بالهلاك فقال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ، [سورة نوح: 26] .
* * *
، وهو " تفتعل " من " البؤس "، يقال: " ابتأس فلان بالأمر يبتئس ابتئاسًا ": كما قال لبيد بن ربيعة:
فِـــي مَـــأْتَمٍ كَنِعَــاجِ صَــا
رَةَ يَبْتَئِسْــــنَ بِمَـــا لَقَيْنـــا (10)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
18121- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (فلا تبتئس) ، قال: لا تحزن.
18122- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، وحدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد مثله.
18123- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (فلا تبتئس بما كانوا يفعلون) ، يقول: فلا تحزن.
18124- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (فلا تبتئس بما كانوا يفعلون) ، قال: لا تأسَ ولا تحزن.
18125- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن) ، وذلك حين دعا عليهم قال رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ، [سورة نوح: 26] ، قوله: (فلا تبتئس)، يقول: فلا تأسَ ولا تحزن.
18126- حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن) ، فحينئذ دعا على قومه ، لما بيَّن الله له أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن.
---------------------
الهوامش :
(10) ديوانه 2 : 46 ( القصيدة : 35 ، البيت : 21 ) ، اللسان ( يأس ) قصيدة له ، يذكر بنته أو امرأته وحالها بعد موته :
وَحَــذِرْتُ بَعْــدَ المَــوْتِ يَــوْ
مَ تَشِـــينُ أَسْـــمَاءُ الجَبِينَـــا
فِــي رَبْــرَبٍ كَنِعَــاجِ صَــارَ
ةَ يَبْتَئِسْــــنَ بِمَــــا لَقِينَـــا
مُتَسَـــلِّبَاتٍ فِـــي مُسُـــوحِ
الشَّــــعْرِ أَبْكَـــارًا وَعُونَـــا
وهذا شعر ، حسبك به من شعر ! .