تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 29 من سورة يوسف
القول في تأويل قوله تعالى : يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (29)
قال أبو جعفر: وهذا فيما ذكر عن ابن عباس , خبرٌ من الله تعالى ذكره عن قِيل الشاهد أنه قال للمرأة وليوسف.
* * *
يعني بقوله: (يوسف) يا يوسف ، (أعرض عن هذا) ، يقول: أعرض عن ذكر ما كان منها إليك فيما راودتك عليه، فلا تذكره لأحد، (53) كما:-
19136 - حدثنا يونس , قال: أخبرنا ابن وهب , قال: قال ابن زيد في قوله: (يوسف أعرض عن هذا) ، قال: لا تذكره ,(واستغفري) أنت زوجك , يقول: سليه أن لا يعاقبك على ذنبك الذي أذنبتِ , وأن يصفح عنه فيستره عليك.
* * *
، (إنك كنت من الخاطئين) , يقول: إنك كنت من المذنبين في مراودة يوسف عن نفسه.
* * *
يقال منه: " خَطِئ" في الخطيئة " يخطَأ خِطْأً وخَطَأً" (54) كما قال جل ثناؤه: إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا [سورة الإسراء: 31]، و " الخطأ " في الأمر.
وحكي في" الصواب " أيضًا " الصوابُ"، و " الصَّوْبُ"، (55) كما قال: الشاعر: (56)
لَعَمْــرُكَ إِنَّمَــا خَـطَئِي وَصَـوْبِي
عَــلَيَّ وَإِنَّ مَــا أَهْلَكْــتُ مَــالُ (57)
وينشد بيت أمية:
عِبَــادُكَ يُخْــطِئُونَ وَأَنْــتَ رَبٌّ
بِكَـــفَّيْكَ الْمَنَايَـــا وَالْحُـــتُومُ (58)
من خطئ الرجل.
* * *
وقيل: (إنك كنت من الخاطئين) ، لم يقل: من الخاطئات , لأنه لم يقصد بذلك قصد الخبر عن النساء , وإنما قصد به الخبر عمَّن يفعل ذلك فيخطَأ.
* * *
----------------------
الهوامش:
(53) انظر تفسير" الإعراض" فيما سلف 15 : 407 ، تعليق : 1 ، والمراجع .
(54) انظر تفسير" خطئ" فيما سلف 2 : 110 / 6 : 143 .
(55) في المطبوعة والمخطوطة :" أيضًا الصواب ، والصوب" ، وكأن الصواب ما أثبت . وأخشى أن يكون :" والخطأ" و" الخطاء" في الأمر ، وحكي في" الصواب ..." ، يعني المقصور و الممدود .
(56) هو أوس بن غلفاء .
(57) نوادر أبي زيد : 47 ، طبقات فحول الشعراء : 140 ، مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 241 ، اللسان ( صوب ) ، من أبيات يقولها لامرأته :
أَلا قــالَتْ أُمَامَــةُ يَــوْمَ غُـوْلٍ :
تَقَطَّــعَ بِــابنِ غَلْفــاء الحِبــالُ
ذَرِينــي إنَّمــا خَـطَئِي وصَـوْبي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَــإِنْ تَــرَنِي أُمَامَـة قَـلَّ مـالِي
وَأْلَهــانِي عَــنِ الغَــزْوِ ابْتِـذَالُ
فَقَـدْ ألْهُـو مَـعَ النَّفَـرِ النَّشَـاوَى
لِــيَ النَّسَـبُ المُـوَاصَلُ والخِـلالُ
(58) ديوانه : 4 ، واللسان ( خطأ ) ، ( حتم ) ، وقبل البيت :
سَــلامَكَ رَبَّنــا فِـي كُـلِّ فَجْـرٍ
بَرِيئًــا مــا تَلِيــقُ بِـكَ الذًّمُـومُ
وبعده :
غَــــدَاةَ يَقُــــولُ بَعْضُهُـــمْ
ألاَ يَــــاليْتَ أُمَّكُـــمُ عَقِيـــمُ
.