تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 4 من سورة يوسف
القول في تأويل قوله تعالى : إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإن كنت يا محمد، لمن الغافلين عن نبأ يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، إذ قال لأبيه يعقوب بن إسحاق: (يا أبت إني رأيت أحدَ عشر كوكبًا) ; يقول: إني رأيت في منامي أحد عشر كوكبًا .
* * *
وقيل: إن رؤيا الأنبياء كانت وحيًا .
18778 حدثنا ابن بشار ، قال: حدثنا أبو أحمد ، قال: حدثنا سفيان ، عن سماك بن حرب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله: (إني رأيت أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين) ، قال: كانت رؤيا الأنبياء وحيًا.
18779 وحدثنا ابن وكيع ، قال: حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس: (إني رأيت أحد عشر كوكبًا) ، قال: كانت الرؤيا فيهم وحيًا.
* * *
وذكر أن الأحد العشر الكوكب التي رآها في منامه ساجدةً مع الشمس والقمر ، ما:
18780- حدثني علي بن سعيد الكندي ، قال: حدثنا الحكم بن ظهير ، عن السدي ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن جابر ، قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ من يهود يقال له " بستانة اليهودي" ، فقال له: يا محمد، أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف ساجدةً له ، ما أسماؤها؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يجبه بشيء ، ونـزل عليه جبرئيل وأخبره بأسمائها .
قال: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ، فقال: هل أنت مؤمن إن أخبرتك بأسمائها؟ قال: نعم! فقال: جربان والطارق ، والذيال ، وذو الكنفات ، (25) وقابس ، ووثاب وعمودان ، والفليق ، والمصبح ، والضَّروح ، وذو الفرغ ، والضياء ، والنور " . فقال اليهودي: والله إنها لأسماؤها! (26)
* * *
وقوله: ( وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ) يقول: والشمس والقمر رأيتهم في منامي سجودا .
* * *
وقال " ساجدين " والكواكب والشمس والقمر إنما يخبر عنها ب " فاعلة " و " فاعلات " لا بالواو والنون ، [ لأن الواو والنون] إنما هي علامة جمع أسماء ذكور بني آدم، أو الجن، أو الملائكة (27) . وإنما قيل ذلك كذلك ، لأن " السجود " من أفعال من يُجمع أسماء ذكورهم بالياء والنون ، أو الواو والنون ، فأخرج جمع أسمائها مخرج جمع أسماء من يفعل ذلك ، كما قيل: يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ ، [سورة النمل : 18].
* * *
وقال: " رأيتهم " وقد قيل ": إني رأيت أحد عشر كوكبًا " ، فكرر الفعل ، وذلك على لغة من قال: " كلمت أخاك كلمته " ، توكيدًا للفعل بالتكرير .
* * *
وقد قيل: إن الكواكب الأحد عشر كانت إخوته ، والشمس والقمر أبويه .
* ذكر من قال ذلك:
18781- حدثنا بشر ، قال، حدثنا يزيد ، قال: حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبًا) إخوته، أحد عشر كوكبًا ، " وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ" ، يعني بذلك: أبويه
18782 - حدثني الحارث ، قال: حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا شريك ، عن السدي ، في قوله : " إني رأيت أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر " ... الآية ، قال: رأى أبويه وإخوته سجودا له ، فإذا قيل له: عمن؟ قال إن كان حقًّا ، فإن ابن عباس فسرَّه.
18783- حدثنا الحسن بن يحيى ، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، قال، أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله " أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين " قال: الكواكب: إخوته ، والشمس والقمر: أبواه.
18784- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين ، قال: حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله: " إني رأيت أحد عشر كوكبًا " إخوته ، " والشمس "، أمه " والقمر " أبوه.
18785- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو أحمد ، قال، قال سفيان: كان أبويه وإخوته
18786- حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال: سمعت أبا معاذ ، قال: حدثنا عبيد بن سليمان ، قال: سمعت الضحاك ، قوله: " إني رأيت أحد عشر كوكبًا " هم إخوة يوسف ، " والشمس والقمر "، هما أبواه.
18787- حدثني يونس ، قال، أخبرنا ابن وهب ، قال، قال ابن زيد ، في قوله : " يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبًا " الآية ، قال: أبواه وإخوته . قال: فنعاه إخوته، وكانوا أنبياء ، (28) فقالوا: ما رضي أن يسجد له إخوته حتى سجد له أبواه! حين بلغهم.
* * *
وروي عن ابن عباس أنه قال " : الكواكب " إخوته ،" والشمس والقمر " ، أبوه وخالته ، من وجه غير محمودٍ ، فكرهت ذكره.
----------------------
الهوامش:
(25) في المطبوعة :" ذو الكتفين" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو مطابق لما نقله ابن كثير في تفسيره عن هذا الموضع من تفسير الطبري . أما باقي الأسماء ، فإني جهلت ضبطها .
(26) الأثر : 18780 -" الحكم بن ظهير الفزاي" ، متروك ، مضى مرارًا ، برقم : 249 ، 5523 ، 5792 ، 11335 . و" عبد الرحمن بن سابط" ، هو" عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط" تابعي ثقة ، مضى مرارًا ، آخرها رقم : 11526 . وهو يروي عن جابر مرسلا ، قيل ليحيى بن معين :" سمع عبد الرحمن من سعد بن أبي وقاص ؟ قال : لا . قيل : من أبي أمامة ؟ قال : لا . قيل من جابر قال : لا ، هو مرسل" . وهذا الخبر خرجه السيوطي في الدر المنثور 4 : 4 ، وقال :" أخرج سعيد بن منصور ، والبزار ، وأبو يعلي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والعقيلي ، وابن حبان في الضعفاء ، وأبو الشيخ ، والحاكم وصححه ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، وأبو نعيم البيهقي معًا في دلائل النبوة ، عن جابر" . ولم أعرف مكان هذا الخبر من المستدرك للحاكم ، ولكن العجب أنه صححه ، فإن هذا الخبر قد تفرد به الحكم بن ظهير ، وهو واهي الحديث متروك ، وحتى قال الجوزجاني :" ساقط لميله وأعاجيب حديثه ، وهو صاحب حديث نجوم يوسف" ، وقد أنكر العقيلي حديثه في تسمية النجوم التي رآها يوسف عليه الصلاة والسلام . انظر تهذيب التهذيب ، وميزان الاعتدال 1 : 268 ، وذكر الخبر من طريق ابن حبان بإسناده . وانظر الاختلاف في أسماء النجوم هناك ، وراجع دلائل النبوة لأبي نعيم ، فني لم أجده هناك .
(27) الذي بين القوسين ، أظنه سقط من الكلام ، لذلك زدته حتى تستقيم العبارة .
(28) هكذا هي المخطوطة ، أيضًا ، أو نحوًا من" نفاه" غير منقوطة ، ولا أدري ما أراد .