تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 96 من سورة يوسف
القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (96)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما أن جاء يعقوبَ البشيرُ من عند ابنه يوسف ، وهو المبشّر برسالة يوسف ، وذلك بريدٌ، فيما ذكر، كان يوسف أبردَهُ إليه. (1)
* * *
وكان البريد فيما ذكر، والبشير: يهوذا بن يعقوب، أخا يوسف لأبيه .
*ذكر من قال ذلك:
19857- حدثني محمد بن سعد ، قال: حدثني أبي ، قال:حدثني عمي ، قال:حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله: ( فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه ) ، يقول: " البشير ": البريدُ.
19858- حدثنا القاسم ، قال، حدثنا الحسين ، قال، حدثنا هشيم ، قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك: ( فلما أن جاء البشير ) قال: البريد .
19859- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن جويبر ، عن الضحاك: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال: البريد.
19860- ... قال، حدثنا شبابة ، قال، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال:يهوذا بن يعقوب.
19861- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( البشير ) قال:يهوذا بن يعقوب.
19862- حدثني المثنى ، قال، حدثنا أبو حذيفة ، قال، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال: يهوذا بن يعقوب.
19863- ... قال:حدثنا إسحاق ، قال، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال: هو يهوذا بن يعقوب.
19864- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين ، قال: حدثني حجاج ، عن ابن جريج: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال:يهوذا بن يعقوب، كان البشير.
19865- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن مجاهد: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال:هو يهوذا بن يعقوب.
، قال سفيان: وكان ابن مسعود يقرأ: " وَجَاءَ البَشِيرُ مِنْ بَيْنِ يَدَي العِيرِ" (2) .
19866- حدثنا ابن وكيع ، قال:حدثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال: البريد، هو يهوذا بن يعقوب.
19867- ... قال:حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي قال، قال يوسف: اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ، قال يهوذا:أنا ذهبتُ بالقميص ، ملطخًا بالدم إلى يعقوب فأخبرته أن يوسف أكله الذئب ، وأنا أذهب اليوم بالقميص وأخبره أنه حيٌّ فأفرحه كما أحزنته . فهو كان البشير.
19868- حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال:حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال: البريد.
* * *
قال أبو جعفر: وكان بعضُ أهل العربيّة من أهل الكوفة يقول: " أنْ" في قوله: ( فلما أن جاء البشير ) وسقوطُها، بمعنى واحدٍ ، وكان يقول هذا في: " لما " و " حتى " خاصّة ، ويذكر أن العرب تدخلها فيهما أحيانًا وتسقطها أحيانًا ، كما قال جل ثناؤه: وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا [سورة العنكبوت:33] ، وقال في موضع آخر: وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا [سورة هود:77] ، وقال:هي صلة، (3) لا موضع لها في هذين الموضعين. يقال: " حتى كان كذا وكذا " ، أو " حتى أن كان كذا وكذا " .
* * *
وقوله: ( ألقاه على وجهه ) ، يقول: ألقى البشير قميص يوسف على وجه يعقوب، كما:-
19869- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: فلما أن جاء البشير ألقى القميص على وجهه.
* * *
وقوله: ( فارتد بصيرًا ) ، يقول:رجع وعادَ مبصرًا بعينيه، (4) بعد ما قد عمي ، ( قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون ) ، يقول جل وعز وجل: قال يعقوب لمن كان بحضرته حينئذ من ولده:ألم أقل لكم يا بني إني أعلم من الله أنه سيردّ عليَّ يوسف ، ويجمع بيني وبينه ، وكنتم لا تعلمون أنتم من ذلك ما كنت أعلمه ، لأن رؤيا يوسف كانت صادقة ، وكان الله قد قضى أن أخِرَّ أنا وأنتم له سجودًا ، فكنت مُوقنًا بقضائه .
----------------------
الهوامش:
(1) في المطبوعة:"برده إليه"، وأثبت ما في المخطوطة، وكلاهما صواب. يقال:"برد بريدًا، وأبرده" ، أي: أرسله.
(2) هذه قراءة لا يقرأ بها كما سلف مرارًا لمخالفتها ما في المصحف ، ولكن هذه فيها إشكال ، فلو صح أنها :" وجاء البشير" ، لوجب أن تكون القراءة بعدها :" فألقاه" بالفاء . وإلا وجب أن تكون القراءة :" فَلَمَّا أَنْ جَاءَ البشِيرُ مِنْ بَيْنِ يَدَي العِيرِ } .
(3) قوله :" صلة"، أي زيادة ، وانظر ما سلف : 1 : 190 ، 405 ، 406 ، 548 . 4 : 289 / 5 : 460 ، 462 / 7 : 340 ، 341 / 12 : 325 ، 326 / 13 : 508 / 14 : 30 / 15 : 497 .
(4) انظر تفسير" ارتد" فيما سلف 3 : 163 / 4 : 316 / 10 : 170 ، 409 ، 410 .