تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 25 من سورة إبراهيم
القول في تأويل قوله تعالى : تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)
واختلف أهل التأويل في معنى " الحين " الذي ذكر الله عز وجل في هذا الموضع فقال: ( تؤتي أكلَها كلَّ حِين بإذن ربِّها ) .
فقال بعضهم: معناه: تؤتي أكلَها كلّ غَداةٍ وعَشِيَّة.
* ذكر من قال ذلك:
20702 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا أبو معاوية قال ، حدثنا الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس قال : " الحين " قد يكون غُدْوَة وَعشيّة.
20703 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا محمد بن عبيد قال ، حدثنا الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس في قوله: ( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) ، قال: غُدْوةً وعشيّةً.
20704 - حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا يحيى قال ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس ، مثله.
20705 - حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس ، بمثله.
20706 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا طلق ، عن زائدة ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس ، مثله.
20707 - حدثنا الحسن قال ، حدثنا علي بن الجعد قال ، حدثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس في قوله: ( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) ، قال: بُكْرَة وعشيًا.
20708 - حدثنا أحمد قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا شريك ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس: ( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) ، قال: بكرة وعشية.
20709 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس: ( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) ، قال: يذكر الله كلّ ساعة من الليل والنهار.
20710 - حدثنا الحسن قال ، حدثنا عفان قال ، حدثنا أبو كدينة قال ، حدثنا قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس: ( تؤتي أكلها كل حين بإذن رَبها ) ، قال: غدوة وعشية.
20711 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله: ( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) ، قال: المؤمن يطيع الله بالليل والنهار وفي كل حينٍ.
20712 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس: ( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) ، يصعَدُ عمله أولَ النهار وآخره.
20713 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس: ( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) ، قال: يصعد عمله غُدوة وعشيَّة.
20714 - حدثت عن الحسين قال ، سمعت أبا معاذ قال ، أخبرنا عبيد بن سليمان قال ، سمعت الضحاك يقول في قوله: ( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) ، قال: تخرج ثمرتها كُلَّ حين. وهذا مثلُ المؤمن يعمل كل حين ، كل ساعة مِن النهار ، وكل ساعة من الليل ، وبالشتاء والصيف ، بطاعة الله.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: تؤتي أكلها كل ستة أشهر ، من بين صِرَامها إلى حَمْلها. (1)
* ذكر من قال ذلك:
20715 - حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا يحيى قال ، حدثنا سفيان ، عن طارق بن عبد الرحمن ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : " الحين " ، ستة أشهر.
20716 - حدثني يعقوب ، قال ، حدثنا ابن علية قال ، أخبرنا أيوب قال ، قال عكرمة: سُئلت عن رجل حَلَف أن لا يصنع كذا وكذا إلى حين ؟ فقلت: إن من الحين حينًا يُدْرَك ، ومن الحين حينًا لا يُدْرَك ، فالحين الذي لا يدرك قوله: وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ [سورة ص : 88 ] ، والحين الذي يدرك ، ( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) ، قال: وذلك من حين تُصْرَم النخلة إلى حين تُطْلِعُ ، (2) وذلك ستَّة أشهر.
20717 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن الأصبهاني ، عن عكرمة قال : الحين: ستة أشهر. (3)
20718 - حدثنا الحسن قال ، حدثنا سعيد بن منصور قال ، حدثنا خالد ، عن الشيباني ، عن عكرمة ، في قوله: ( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) ، قال: هي النخلة ، و " الحين " ، ستة أشهر.
20719 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا كثير بن هشام قال ، حدثنا جعفر قال ، حدثنا عكرمة: ( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) ، قال: هو ما بين حَمْل النخلة إلى أن تُجِدَّ. (4)
20720 - حدثني المثنى قال ، حدثنا قبيصة بن عقبة قال ، حدثنا سفيان قال ، قال عكرمة: الحين ستة أشهر.
20721 - حدثنا أحمد قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا قيس ، عن طارق بن عبد الرحمن ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أنه سئل عن رجل حَلَف أن لا يكلم أخاه حينًا؟ قال : الحينُ ستة أشهر .ثم ذكر النخلة ، ما بينَ حملها إلى صِرَامها سِتَّة أشهر.
20722 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن طارق ، عن سعيد بن جبير: ( تؤتي أكلها كل حين ) ، قال: ستة أشهر.
20723 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: ( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) ، والحين: ما بين السبعة والستة ، وهي تُؤْكِلُ شتاءً وصيفًا.
20724 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر قال ، قال الحسن: ما بين الستة الأشهر والسبعة ، يعني الحين.
20725 - حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان ، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني ، عن عكرمة قال : الحينُ ستة أشهر.
* * *
وقال آخرون: بل " الحين " ههنا سنة.
* ذكر من قال ذلك:
20726 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، عن أبي مكين ، عن عكرمة: أنه نذر أن يقطعَ يَدَ غُلامه أو يحبسه حينًا. (5) قال: فسألني عمر بن عبد العزيز ، قال فقلت: لا تُقْطع يدُه ، ويحبسه سنة ، والحين سَنَة. ثم قرأ: لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ ،[سورة يوسف : 35 ] ، وقرأ: ( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع قال ، وزاد أبو بكر الهذلي ، عن عكرمة قال : قال ابن عباس: " الحين " ، حينان ، حين يعرف وحين لا يعرف ، فأما الحين الذي لا يُعرف: وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ [سورة ص : 88 ] ، وأما الحين الذي يعرف فقوله: ( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) .
20727 - حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة قال : سألت حمادًا والحكم عن رجل حلف ألا يكلم رجلا إلى حين ؟ قالا الحينُ: سنة.
20728 - حدثنا محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ح وحدثني الحارث قال ، حدثنا الحسن قال ، حدثنا ورقاء ح وحدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثني ورقاء ح وحدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: ( كل حين ) ، قال: كل سنة. (6)
20729 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد ، في قوله: ( تؤتي أكلها كل حين ) ، قال: كل سنة.
20730 - حدثنا أحمد قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا سلام ، عن عطاء بن السائب ، عن رجل منهم (7) أنه سأل ابن عباس ، فقال: حلفت ألا أكلم رجلا حِينًا ؟ فقرأ ابن عباس: ( تؤتي أكلها كل حين ) ، فالحين سنة.
20731 - حدثنا أحمد قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا ابن غَسِيل ، عن عكرمة قال ، أرسل إلىّ عمر بن عبد العزيز فقال: يا مولى ابن عباس ، إني حلفت أن لا أفعل كذا وكذا ، حينًا ، فما الحين الذي تعرف به؟ قلت: إنّ من الحين حينًا لا يدرك ، ومن الحين حينٌ يُدرك ، فأما الحين الذي لا يُدرك فقول الله: هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا [سورة الإنسان : 1 ] ، والله ما يدري كم أتَى له إلى أن خُلِق ، وأما الذي يُدرك فقوله: ( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) ، فهو ما بين العام إلى العام المُقْبِل. فقال: أصبت يا مولى ابن عباس ، ما أحسن ما قلت . (8)
20732 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا جرير ، عن عطَاء قال : أتى رجل ابن عباس فقال: إني نذرت أن لا أكلم رجلا حينًا ؟ فقال ابن عباس: ( تؤتي أكلها كل حين ) ، فالحين سَنَة.
* * *
وقال آخرون: بل " الحين " في هذا الموضع: شهرَان.
* ذكر من قال ذلك:
20733 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا محمد بن مسلم الطائفي ، عن إبراهيم بن ميسرة قال : جاء رجل إلى سعيد بن المسيب ، فقال: إني حلفت أن لا أكلم فلانًا حينًا ؟ [فقال: قال الله تعالى: ( تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربها ) ]. (9) قال: هي النخلة ، لا يكون منها أُكُلُها إلا شَهْرين ، فالحين شهران.
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قولُ من قال: عنى بالحين ، في هذا الموضع ، غدوةً وعشيةً ، وكلَّ ساعة ، (10) لأن الله تعالى ذكره ضَرَب ما تؤتي هذه الشجرة كلَّ حين من الأكل لعمل المؤمن وكلامِه مثلا ولا شك أن المؤمن يُرفع لهُ إلى الله في كلّ يوم صالحٌ من العمل والقول ، لا في كل سنة ، أو في كل ستة أشهر ، أو في كل شهرين. فإذا كان ذلك كذلك ، فلا شك أن المَثَل لا يكون خِلافًا للمُمَثَّل به في المعنى. وإذا كان ذلك كذلك ، كان بَيّنًا صحةُ ما قلنا.
فإن قال قائل: فأيُّ نخلة تؤتي في كل وقت أكلا صيفًا وشتاء؟ قيل: أما في الشتاء ، فإن الطَّلْع من أكُلها ، وأما في الصيف فالبَلَح والبُسْرُ والرُّطَب والتَّمرُ ، وذلك كله من أكلها.
* * *
وقوله: ( تؤتي أكلها ) ، فإنّه كما:-
20734 - حدثنا به محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: ( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) ، قال: يؤكل ثمرها في الشتاء والصيف.
20735 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة: ( تؤتي أكلها كل حين ) ، قال: هي تؤكل شتاءً وصيفًا.
20736 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس: ( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) ، يصعد عملُه ، يعني عَمل المؤمن مِن أوّل النهار وآخره.
القول في تأويل قوله تعالى : وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: ومثل الشِّركَ بالله ، وهي " الكلمة الخبيثة " ، (11) كشجرة خبيثة.
* * *
اختلف أهل التأويل فيها أيّ شجرة هي؟
فقال أكثرهم: هي الحنظل.
* ذكر من قال ذلك:
20737 - حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة ، عن معاوية بن قرة قال : سمعت أنس بن مالك ، قال في هذا الحرف: ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة ) ، قال: الشَّرْيان؟ فقلت: ما الشَّرْيان؟ قال رجل عنده: الحنظلُ ، فأقرَّ به معاوية. (12)
20738 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، أخبرنا شعبة ، عن معاوية بن قرة قال : سمعت أنس بن مالك يقول: ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة ) ، قال: الحنظل. (13)
20739 - حدثنا الحسن قال ، حدثنا عمرو بن الهيثم قال ، حدثنا شعبة ، عن معاوية بن قرة ، عن أنس بن مالك قال : الشَّرْيَان ، يعني الحنظل.
20740 - حدثنا أحمد بن منصور قال ، حدثنا نعيم بن حماد قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن ابن جريج ، عن الأعمش ، عن حبان بن شعبة ، عن أنس بن مالك في قوله: ( كشجرة خبيثة ) ، قال: الشَّرْيان . قلت لأنس: ما الشَّريان؟ قال: الحنظل. (14)
20741 - حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية قال ، حدثنا شعيب قال : خرجت مع أبي العالية نريد أنس بن مالك ، فأتيناه ، فقال: ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة ) ، تلكم الحنظل. (15)
20742 - حدثنا الحسن قال ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن شعيب بن الحبحاب ، عن أنس ، مثله.
20743 - حدثنا المثنى قال: حدثنا آدم العسقلاني قال ، حدثنا شعبة قال ، حدثنا أبو إياس ، عن أنس بن مالك قال : " الشجرة الخبيثة "، الشَّرْيَان . فقلت: ومَا الشَّرْيَان؟ قال: الحنظل.
20744 - حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج قال ، حدثنا حماد ، عن شعيب ، عن أنس قال ، تلكم الحنظل. (16)
20745 - حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج قال ، حدثنا مهدي بن ميمون ، عن شعيب قال ، قال أنس: ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة ) ، الآية قال ، تلكم الحنظل ، ألم تروا إلى الرّياح كيف تُصَفّقُها يمينًا وشمالا؟ (17)
20746 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( كشجرة خبيثة ) ، الحنظلة.
* * *
وقال آخرون: هذه الشجرة لم تُخْلَق على الأرض.
* ذكر من قال ذلك:
20747 - حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال ، حدثنا عفان قال ، حدثنا أبو كدينة قال ، حدثنا قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس: ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ) ، قال: هذا مثل ضربه الله ، ولم تخلق هذه الشجرةُ على وجه الأرض. (18)
* * *
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتصحيح قول من قال: هي الحنظلة ، خبَرٌ . فإن صحَّ ، فلا قولَ يجوز أن يقال غيرُه ، وإلا فإنها شجرة بالصِّفة التي وصفها الله بها.
* * *
* ذكر الخبر الذي ذكرناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
20748 - حدثنا سَوَّار بن عبد الله قال ، حدثنا أبي قال ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن شعيب بن الحبحاب ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ومثل كَلِمة خبيثةٍ كشجرة خبيثة اجْتُثَّت من فوق الأرض ما لها من قَرار ) ، قال: هي الحنظلة قال شعيب: وأخبرت بذلك أبا العالية فقال: كذلك كانوا يقولون. (19)
* * *
وقوله: ( اجْتُثَّت من فوق الأرض ) ، يقول: استُؤْصِلت . يقال منه: اجتثَثْتُ الشيء ، أجْتَثُّه اجتثاثًا: إذا استأصلتَه.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
20749 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: ( اجتثت من فوق الأرض ) ، قال: استؤصلت من فوق الأرض.
* * *
( ما لها من قرار ) ، يقول: ما لهذه الشجرة من قَرار ولا أصل في الأرض تثْبُت عليه وتقوم. وإنما ضُرِبت هذه الشجرة التي وصَفها الله بهذه الصفة لكُفر الكافر وشركِه به مثلا . يقول: ليس لكُفر الكافر وعَمَله الذي هو معصيةُ الله في الأرض ثباتٌ ، ولا له في السماء مَصْعَد ، لأنه لا يَصْعَد إلى الله منه شيء.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
20750 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله: ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ) ، ضرب الله مثل الشجرة الخبيثة كمثل الكافر . يقول: إن الشجرة الخبيثة اجتُثّت من فوق الأرض ما لها من قرَار. يقول: الكافر لا يُقْبَل عمله ولا يصعَدُ إلى الله ، فليس له أصل ثابتٌ في الأرض ، ولا فرعٌ في السماء . يقول: ليس له عمل صَالحٌ في الدنيا ولا في الآخرة.
20751 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتُثَّت من فوق الأرض ما لها من قرار ) ، قال قتادة: إن رجلا لقي رجلا من أهل العلم فقال: ما تقول في" الكلمة الخبيثة " ، فقال: ما أعلم لها في الأرض مستقرًّا ، ولا في السماء مَصْعَدًا ، إلا أن تَلْزَم عُنُقَ صاحبها ، حتى يوافي بها القِيامة. (20)
20752 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أبي العالية: أن رجلا خالجت الريحُ رداءَه فلعنها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تَلْعنها ، فإنها مأمورة ، وإنه من لَعن شيئًا ليس له بأهلٍ رَجعت اللَّعنةُ على صاحبها. (21)
20753 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس: ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة ) ، قال: هذا الكافر ليس له عمل في الأرض ، ولا ذكرٌ في السماء( اجتُثت من فوق الأرض ما لها من قرار ) ، قال: لا يصعد عمله إلى السماء ، ولا يقوم على الأرض. فقيل: فأين تكون أعمالهم؟ قال: يَحْمِلون أوزارهم على ظُهورهم.
20754 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي: ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ) ، قال: مثل الكافر ، لا يصعَد له قولٌ طيب ولا عملٌ صالح.
20755 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قال : ( ومثل كلمة خبيثة ) ، وهي الشرك ( كشجرة خبيثة ) ، يعني الكافر. قال: ( اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ) ، يقول: الشرك ليس له أصلٌ ، يأخذ به الكافرُ ولا برهانٌ ، ولا يقبل اللهُ مع الشرك عملا.
20756 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع: ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة ) ، قال: مثل الشجرة الخبيثة مثل الكافر ليس لقوله ولا لعمله أصلٌ ولا فرع ، ولا قوله ولا عمله يستقرُّ على الأرض ولا يصعد إلى السماء.
20757 - حدثت عن الحسين قال ، سمعت أبا معاذ ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان قال ، سمعت الضحاك يقول: ضربَ الله مثلَ الكافر: (كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار) ، يقول: ليس لها أصلٌ ولا فرع ، وليست لها ثمرة ، وليس فيها منفعة ، كذلك الكافر ليس يعمل خيرًا ولا يقوله ، ولم يجعل الله فيه بركةً ولا منفعة.
-----------------------
الهوامش :
(1) " صرام النخل " ، بكسر الصاد ، هو قطع الثمرة واجتناؤها من النخلة .
(2) " أطلع النخل يطلع إطلاعًا " ، أخرج طلعه .
(3) الأثر : 20717 - " سفيان " ، هو " الثوري مضى مرارًا .
و " ابن الأصبهاني " ، هو " عبد الرحمن بن عبد الله بن الأصبهاني " ، روى له الجماعة . روى عن أنس وأبي حازم وعكرمة وغيرهم . مترجم في التهذيب ، وانظر رقم 20725 .
(4) الأثر : 20719 - " كثير بن هشام الكلابي " ، ثقة صدوق ، مضى برقم : 12648 . و " جعفر " ، هو " جعفر بن برقان الكلابي " ، ثقة ، مضى برقم : 4577 .
وكان في المطبوعة : " إلى أن تحرز " ، وفي المخطوطة مثلها غير منقوط ، ورجحت أن الصواب " تجد " ، من " جد النخل يجده جدًا ، وجدادًا " ، صرمه . و " أجد النخل " ، حان له أن يجد .
(5) في المطبوعة : " إن نذر " خطأ .
(6) في المخطوطة هنا ختام ، كأنه كان آخر تجزئة سابقة نقلت عنها مخطوطتنا ، وهذا نص ما فيها :
" يتلوهُ إن شاءَ الله تعالى حدثني يونس قال ،
أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله :
( تؤْتي أُكُلها كُلَّ حِين ) قال : كُلَّ سنة .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم " .
وبعده في أول الجزء :
" بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسِّر
قال أَبو جعفر ، حدثني يونس ... "
(7) في المطبوعة : " عن رجل مبهم " ، لم يعرف معنى المخطوطة ، وقوله : " رجل منهم " ، أي من ثقيف ، رهط عطاء بن السائب .
(8) الأثر : 20731 - " ابن غسيل " ، والأجود أن يقال " ابن الغسيل " ، وهو " عبد الرحمن ابن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الأنصاري " ، يعرف بابن الغسيل ، وهو جده حنظلة بن أبي عامر ، غسيل الملائكة . مضى برقم : 5123 ، 7777 . وكان في المطبوعة والمخطوطة : " ابن عسيل " ، بالعين المهملة .
(9) ما بين القوسين في المطبوعة ، وساقط من المخطوطة ، فلم أحذفها لحسن موقعها .
(10) انظر تفسير " الحين " فيما سلف 1 : 540/12 : 359/16 : 92 : 94 .
(11) انظر تفسير " الخبيث " فيما سلف 13 : 165 ، تعليق : 4 ، والمراجع هناك .
(12) الأثر : 20737 - انظر الأثر السالف : 20674 ، فهو من تمامه .
(13) الأثر : 20738 - انظر الأثر السالف : 20676 فهو من تمامه .
(14) الأثر : 20740 - " حبان بن شعبة " بالباء الموحدة ، هكذا جاء في المطبوعة والمخطوطة ، وهي غير منقوطة . وفي الدر المنثور 4 : 77 " حيان " بالياء المثناة ، ولم أجد هذا الاسم في مكان ، بعد طول البحث ، وأقرب ما وجدت أن يكون هو " حيان ، أبو سعيد التيمي " ، روى عنه الأعمش . ولكني لم أجده ذكر أنه روى عن أنس بن مالك . مترجم في الكبير 2/1/55 ، وابن أبي حاتم 1/2/247 . وأزيد أني في شك من رواية " ابن جريج " ، عن " الأعمش " .
(15) الأثر : 20741 - هو من تتمة الأثر السالف : 20677 .
(16) الأثر : 20744 - هو من تتمة الأثر السالف : 20680 .
(17) الأثر : 20745 - هو من تتمة الأثر السالف : 20681 .
ويقال : " صفقت الريح الشيء " ، إذا قلبته يمينًا وشمالا ، فاضطرب وتردد .
(18) الأثر : 20747 - هو من تمام الأثر السالف : 20695 .
(19) الأثر : 20748 - سلف قول الترمذي أن هذا الخبر لم يرفعه غير حماد بن سلمة ، وأن الموقوف أصح . انظر ما سلف في التعليق على الآثار : 20677 - 20681 . وهذا الأثر من تمام الأثر السالف : 20679 .
(20) في المطبوعة ، زاد فقال : " يوم القيامة " .
(21) الأثر : 20752 - أخرجه الترمذي في كتاب البر والصلة ، باب ما جاء في اللعنة : رواه عن زيد بن أخزم الطائي البصري ، حدثنا بشر بن عمر ، حدثنا أبان بن يزيد ، عن قتادة ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس : أن رجلا لعن الريح عند النبي صلى الله عليه وسلم " . وقال الترمذي : " هذا حديث حسن غريب ، لا نعلم أحدًا أسنده غير بشر بن عمر " .
و " بشر بن عمر بن الحكم الزهراني " ، ثقة ، روى له الجماعة ، سلف برقم : 3375 ، 15054 ، ورواه أبو داود في سننه 4 : 382 ، من طريقين : من طريق مسلم بن إبراهيم ، عن أبان بن يزيد العطار ، عن قتادة ، ومن طريق : زيد بن أخزم الطائي ، عن بشر بن عمر ، عن أبان بن يزيد عن قتادة ، وهذا هو طريق الترمذي . ويتبين من الطريق الأولى أن الذي أسنده هو " أبان بن يزيد العطار " ، وهو ثقة ، وقال الحافظ ابن حجر : " لم يذكره أحد ممن صنف في رجال البخاري من القدماء ، ولم أر له عنده إلا أحاديث معلقة في الصحيح " ، فمن قبل أبان جاءت غرابته .
وقوله : " خالجت الريح رداءه " بمعنى نازعته رداءه . و " مأمورة " ، أي مسخرة بأمر الله غير مريدة لما تفعل . وقوله : " ليس له بأهل " ، أي ليس للعن بمستحق ، يقال : " هو أهل ذاك ، وأهل لذاك " .