تفسير الطبري

تفسير الآية رقم 3 من سورة النازعات

وقوله: وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا يقول تعالى ذكره: واللواتي تسبح سبحا.
واختلف أهل التأويل في التي أقسم بها جلّ ثناؤه من السابحات، فقال بعضهم: هي الموت تسبح في نفس ابن آدم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا قال: الموت، هكذا وجدته في كتابي (10) .
وقد حدثنا به ابن حميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا سفيان، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا قال: الملائكة، وهكذا وجدت هذا أيضا في كتابي، فإن يكن ما ذكرنا عن ابن حميد صحيحا، فإن مجاهدا كان يرى أن نـزول الملائكة من السماء سبَّاحة، كما يقال للفرس الجواد: إنه لسابح إذا مرّ يُسرعُ.
وقال آخرون: هي النجوم تَسْبَح في فلكها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا قال: هِي النجوم .
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله .
وقال آخرون: هي السفن.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن واصل بن السائب، عن عطاء وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا قال: السفن .
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله جلّ ثناؤه أقسم بالسابحات سبحا من خلقه، ولم يخصص من ذلك بعضا دون بعض، فذلك (11) كل سابح، لما وصفنا قبل في النازعات (12) .
--------------------
الهوامش :
(10) كأن جابرا يرى تفسير السابحات وهي جمع : بالموت وهو مفرد ، ليس بشيء ، ولذلك قال : هكذا وجدته في كتابي . لعله يريد : هكذا كتبته كما سمعته عن الشيوخ .
(11) فذلك ... لعل أصل العبارة : فشمل ذلك ... إلخ .
(12) أي في تأويل لفظ " النازعات " .