الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 32 من سورة البقرة
ثم حكى - سبحانه - ما كان من الملائكة فقال :
( قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ العليم الحكيم ) .
سبحان : اسم مصدر بمعنى التسبيح؛ أي التنزيه ، وهو منصوب بفعل مضمر لا يكاد يستعمل معه .
وهذه الآية الكريمة واقعة موقع الجواب عن سؤال يخطر في ذهن السامع للجملة السابقة ، إذ الشأن أن يقال عند سماعهم قوله - تعالى - : ( أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هؤلاء ) ماذا كان من الملائكة؟ هل أنبأوا بأسماء المسميات المعروضة عليهم؟ فقال - تعالى - : ( قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ ) إلخ الآية .
ولو قال الملائكة : لا علم لنا بأسماء هذه المسميات لكان جوابهم على قدر السؤال ، ولكنهم قصدوا الاعتراف بالعجز معرفة أسماء تلك المسميات المعروضة على أبلف وجه فنفوا عن أنفسهم أن يعلموا شيئاً غير ما يعلمهم الله ، ودخل في ضمن هذا النفي العام الاعتراف بالقصور عن معرفة الأسماء المسئول عنها .
ومعنى ( إِنَّكَ أَنْتَ العليم الحكيم ) أي : أنت يا ربنا العليم بكل شيء ، الحكيم في خلقك وأمرك وفي تعليمك ما تشاء ومنعك ما تشاء ، لك الحكمة في ذلك ، والعدل التام .
وقدم الوصف بالعلم على الوصف بالحكمة ، ليكون وصفه بالعلم متصلا بنفيهم عن أنفسهم في قولهم : ( لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ ) .