الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 69 من سورة ص
ثم نفى صلّى الله عليه وسلم عن نفسه أن يكون عنده علم بشيء من أخبار الملأ الأعلى، إلا عن طريق الوحى فقال- كما حكى القرآن عنه: ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ
. والمراد بالملإ الأعلى: عالم السموات وما فيه من ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون.
قال القرطبي: الملأ الأعلى هم الملائكة في قول ابن عباس والسدى. اختصموا في أمر آدم حين خلق، فقالوا: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ.. وقال إبليس: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ.
وفي هذا بيان أن محمدا صلّى الله عليه وسلم أخبر عن قصة آدم وغيره وذلك لا يتصور إلا بتأييد إلهى ... » .
وقال ابن كثير: وقوله: ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ أى: لولا الوحى من أين كنت أدرى باختلاف الملأ الأعلى. يعنى في شأن آدم، وامتناع إبليس من السجود له، ومحاجته ربه في تفضيله عليه..؟» . فالآية تنفى عن الرسول صلّى الله عليه وسلم علم شيء من أخبار الملأ الأعلى إلا عن طريق الوحى.