الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 68 من سورة الزمر
ثم بين- سبحانه- حال الناس عند النفخة الأولى والثانية فقال: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ.
والصور: اسم للقرن الذي ينفخ فيه إسرافيل بأمر الله- تعالى- وحقيقته لا يعلمها إلا هو- سبحانه- وقوله فَصَعِقَ من الصعق بمعنى الموت أو بمعنى الصوت الشديد الذي يجعل الإنسان في حالة ذهول شديد حتى لكأنه قد فارق الحياة.
أى: ونفخ في الصور بأمر الله- تعالى- النفخة الأولى، فخر ميتا كل من كان حيا في السموات أو في الأرض.
إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ له الحياة من أهلهما، قالوا: والمستثنى من الصعق جبريل وإسرافيل وميكائيل. ولم يرد حديث صحيح يعتمد عليه في تعيين من استثناء الله- تعالى-: من ذلك، فالأولى تفويض من استثناه الله من الصعق إلى علمه- عز وجل-.
ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى أى: ثم نفخ في الصور نفخة أخرى- وهي النفخة الثانية التي يكون بعدها البعث والنشور.
فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ أى: فإذا بهؤلاء الذين صعقوا بعد النفخة الأولى قيام من قبورهم، ينظرون حولهم بدهشة وحيرة ماذا يفعل بهم، أو ينظرون على أى حال يكون مصيرهم.
فالآية الكريمة تفيد أن النفخ في الصور يكون مرتين: المرة الأولى يكون بعدها الصعق والموت لجميع الأحياء، والنفخة الثانية يكون بعدها البعث والنشور وإعادة الحياة مرة أخرى.