نرى أشخاصاً يشكون من قِلّة الدخل، أو فوات الفرص التجارية، أو تراكم الأعباء، أو تضييع حقوق الأهل والأقارب، ولو بحثت عن أسباب ذلك لوجدت أن من أهمها: الكسل البدني والكسل الذهني، وبينهما تلازم؛ فمن كسل عقله كسل بدنه. قال ابن القيم عن الكسالى أنهم: “أكثر الناس همّاً وغمّاً وحزناً، ليس لهم فرح ولا سرور، بخلاف أرباب النشاط والجد في العمل”.
نرى أشخاصاً يشكون من قِلّة الدخل، أو فوات الفرص التجارية، أو تراكم الأعباء، أو تضييع حقوق الأهل والأقارب، ولو بحثت عن أسباب ذلك لوجدت أن من أهمها: الكسل البدني والكسل الذهني، وبينهما تلازم؛ فمن كسل عقله كسل بدنه. قال ابن القيم عن الكسالى أنهم: “أكثر الناس همّاً وغمّاً وحزناً، ليس لهم فرح ولا سرور، بخلاف أرباب النشاط والجد في العمل“.
والكسل الذهني هو ترك التفكير بما يُصلح الحال، بسبب الاستغراق ذهنياً وبدنياً في اللذات العاجلة. ومجرد التفكير لا يكفي إذا لم يضع الشخص خطوات عملية لتحقيق ما توصل إليه تفكيره.
أمّا الكسل البدني فمن أمثلته: التثاقل عن الطاعات أو تفويتها، كما قال سبحانه: ( {وَإِذَا قَامُوۤا۟ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُوا۟ كُسَالَى} ٰ)، وقال: ( {وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى} )، وكذلك تضييع الشخص مصالحه الدنيوية أو مصالح مَن يعول.
ولِما في الكسل بنوعيه من ضررٍ بالغٍ على الإنسان، فقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم منه، فقال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ» [متفق عليه] ، قال ابنُ بَطَّالٍ: “الاستِعاذةُ مِن العَجزِ والكَسَلِ؛ لأنَّهما يمنَعانِ العَبدَ مِن أداءِ حُقوقِ اللهِ، وحُقوقِ نَفسِه وأهلِه، وتَضييعِ النَّظَرِ في أمرِ مَعادِه وأمرِ دُنياه“. ومن أقوال الحكماء في ذم الكسل، قولهم: “مَن دام كسلُه، خاب أملُه“، وقولهم: “الكسل وساده الشيطان“، وقولهم: “مَن نامَ على فِراشِ الكَسَلِ أصبَحَ مُلقًى بوادي الأسَفِ“.
ومن أظهر أسباب الكسل: تأخير صلاة الفجر عن وقتها، وما يلزم معها من وضوء وذِكرٍ لله تعالى، ففي الحديث: «(يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ)» [متفق عليه] ، قال النَّوويُّ: “وقَولُه صلى الله عليه وسلم: «(وإلَّا أصبَحَ خَبيثَ النَّفسِ كَسْلانَ)» مَعناه: لِما عليه مِن عُقَدِ الشَّيطانِ، وآثارِ تَثبيطِه واستيلائِه، مَعَ أنَّه لم يَزُلْ ذلك عنه. وظاهرُ الحَديثِ أنَّ مَن لم يجمَعْ بَينَ الأُمورِ الثَّلاثةِ -وهي الذِّكرُ والوُضوءُ والصَّلاةُ- فهو داخِلٌ فيمَن يُصبحُ خَبيثَ النَّفسِ كَسْلانَ“.
ومن أسباب الكسل: التصنّع ومراءاة الناس؛ فالكسول قد يجدّ ويجتهد إذا علِم برؤية الناس له، وإلا استمر على كسله وتقاعسه. ومن الأسباب: ضعف تذكر اليوم الآخر وما أعدّه اللهُ للمسارعين في الخيرات، وما توعد به المقصرين. ومن الأسباب: عدم وضع أهداف سامية وطموحات عالية تسمو نفسه لها، وتحرك جوارحه إليها. ومن الأسباب كذلك: الفراغ والترف واعتياد الراحة، والتسويف، ومصاحبة الكسالى، وكثرة النوم.
يحاولُ نَيْلَ المجدِ والسيفُ مُغمَدٌ ***** ويأمُلُ إدراكَ العُلا وَهْوَ نائمُ
وكما هو معلوم؛ فإن الدواء الأنجع لأي صفة أو سلوك سلبي، هو معالجة الأسباب المؤدية إليه، بعد الاستعانة بالله تعالى وتوفيقه.
كتبه/ منصور بن محمد الـمقرن
Source link
