فهرس تفسير الجلالين للسور

21 - تفسير الجلالين سورة الأنبياء

التالي السابق

21. سورة الأنبياء

1. ( اقترب ) قرب ( للناس ) أهل مكة منكري البعث ( حسابهم ) يوم القيامة ( وهم في غفلة ) عنه ( معرضون ) عن التأهب له بالإيمان

2. ( ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ) شيئا فشيئا أي لفظ القرآن ( إلا استمعوه وهم يلعبون ) يستهزئون

3. ( لاهية ) غافلة ( قلوبهم ) عن معناه ( وأسروا النجوى ) أي الكلام ( الذين ظلموا ) بدل من واو وأسروا النجوى ( هل هذا ) أي محمد ( إلا بشر مثلكم ) فما يأتي به سحر ( أفتأتون السحر ) تتبعونه ( وأنتم تبصرون ) تعلمون أنه سحر

4. ( قال ) لهم ( ربي يعلم القول ) كائنا ( في السماء والأرض وهو السميع ) لما أسروه ( العليم ) به

5. ( بل ) للانتقال من غرض إلى آخر في المواضع الثلاثة ( قالوا ) فيما أتى به من القرآن هو ( أضغاث أحلام ) أخلاط رآها في النوم ( بل افتراه ) اختلقه ( بل هو شاعر ) فما أتى به شعر ( فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ) كالناقة والعصا واليد

6. ( ما آمنت قبلهم من قرية ) أي أهلها ( أهلكناها ) بتكذيبها ما أتاها من الآيات ( أفهم يؤمنون ) لا

7. ( وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي ) وفي قراءة بالنون وكسر الحاء ( إليهم ) لا ملائكة ( فاسألوا أهل الذكر ) العلماء بالتوراة والإنجيل ( إن كنتم لا تعلمون ) ذلك فإنهم يعلمونه وأنتم إلى تصديقهم أقرب من تصديق المؤمنين بمحمد

8. ( وما جعلناهم ) الرسل ( جسدا ) بمعنى أجسادا ( لا يأكلون الطعام ) بل يأكلونه ( وما كانوا خالدين ) في الدنيا

9. ( ثم صدقناهم الوعد ) بإنجائهم ( فأنجيناهم ومن نشاء ) أي المصدقين لهم ( وأهلكنا المسرفين ) المكذبين لهم

10. ( لقد أنزلنا إليكم ) يا معشر قريش ( كتابا فيه ذكركم ) لأنه بلغتكم ( أفلا تعقلون ) فتؤمنوا به

11. ( وكم قصمنا ) أهلكنا ( من قرية ) أي أهلها ( كانت ظالمة ) كافرة ( وأنشأنا بعدها قوما آخرين )

12. ( فلما أحسوا بأسنا ) أي شعر أهل القرية بالإهلاك ( إذا هم منها يركضون ) يهربون مسرعين

13. فقالت لهم الملائكة استهزاء ( لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم ) نعمتم ( فيه ومساكنكم لعلكم تسألون ) شيئا من دنياكم على العادة

14. ( قالوا يا ) للتنبيه ( ويلنا ) هلاكنا ( إنا كنا ظالمين ) بالكفر

15. ( فما زالت تلك ) الكلمات ( دعواهم ) يدعون بها ويرددونها ( حتى جعلناهم حصيدا ) أي كالزرع المحصود بالمناجل بأن قتلوا بالسيف ( خامدين ) ميتين كخمود النار إذا طفئت

16. ( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين ) عابثين بل دالين على قدرتنا ونافعين عبادنا

17. ( لو أردنا أن نتخذ لهوا ) ما يلهى به من زوجة أو ولد ( لاتخذناه من لدنا ) من عندنا من الحور العين والملائكة ( إن كنا فاعلين ) ذلك لكنا لم نفعله فلم نرده

18. ( بل نقذف ) نرمي ( بالحق ) الإيمان ( على الباطل ) الكفر ( فيدمغه ) يذهبه ( فإذا هو زاهق ) ذاهب ودمغه في الأصل أصاب دماغه بالضرب وهو مقتل ( ولكم ) يا كفار مكة ( الويل ) العذاب الشديد ( مما تصفون ) الله به من الزوجة أو الولد

19. ( وله ) تعالى ( من في السماوات والأرض ) ملكا ( ومن عنده ) أي الملائكة مبتدأ خبره ( لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ) لا يعيون

20. ( يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) عنه فهو منهم كالنفس منا لا يشغلنا عنه شاغل

21. ( أم ) بمعنى بل للانتقال والهمزة للانكار ( اتخذوا آلهة ) كائنة ( من الأرض ) كحجر وذهب وفضة ( هم ) أي الآلهة ( ينشرون ) أي يحيون الموتى لا ولا يكون إلها إلا من يحي الموتى

22. ( لو كان فيهما ) أي السموات والأرض ( آلهة إلا الله ) أي غيره ( لفسدتا ) خرجتا عن نظامهما المشاهد لوجود التمانع بينهم على وفق العادة عند تعدد الحاكم من التمانع في الشيء وعدم الاتفاق عليه ( فسبحان ) تنزيه ( الله رب ) خالق ( العرش ) الكرسي ( عما يصفون ) الكفار الله به من الشريك له وغيره

23. ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ) عن أفعالهم

24. ( أم اتخذوا من دونه ) تعالى أي سواه ( آلهة ) فيه استفهام توبيخ ( قل هاتوا برهانكم ) على ذلك ولا سبيل إليه ( هذا ذكر من معي ) امتي وهو القرآن ( وذكر من قبلي ) من الأمم وهو التوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله ليس في واحد منها أن مع الله إلها مما قالوا تعالى عن ذلك ( بل أكثرهم لا يعلمون الحق ) أي توحيد الله ( فهم معرضون ) عن النظر الموصل إليه

25. ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي ) وفي قراءة بالنون وكسر الحاء ( إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) أي وحدوني

26. ( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ) من الملائكة ( سبحانه بل ) هم ( عباد مكرمون ) عنده والعبودية تنافي الولادة

27. ( لا يسبقونه بالقول ) لا يأتون بقولهم إلا بعد قوله ( وهم بأمره يعملون ) أي بعده

28. ( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ) أي ما عملوا وما هم عاملون ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) تعالى أن يشفع له ( وهم من خشيته ) تعالى ( مشفقون ) خائفون

29. ( ومن يقل منهم إني إله من دونه ) الله أي غيره وهو إبليس دعا إلى عبادة نفسه وأمر بطاعتها ( فذلك نجزيه جهنم كذلك ) كما نجزيه ( نجزي الظالمين ) أي المشركين

30. ( أولم ير ) بواو وتركها ( الذين ) يعلم ( كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ) أي سدا بمعنى مسدودة ( وجعلنا ) جعلنا السماء سبعا والأرض سبعا أو فتق السماء أن كانت لا تمطر فأمطرت وفتق الأرض أن كانت لا تنبت فأنبتت ( من الماء كل ) النازل من السماء والنابع من الأرض ( شيء حي أفلا ) من نبات وغيره أي فالماء سبب لحياته ( يؤمنون وجعلنا ) بتوحيدي

31. ( وجعلنا في الأرض رواسي ) جبالا ثوابت ( أن ) لا ( تميد ) تتحرك ( بهم وجعلنا فيها ) أي الرواسي ( فجاجا ) مسالك ( سبلا ) بدل طرفا نافذة واسعة ( لعلهم يهتدون ) إلى مقاصدهم في الأسفار

32. ( وجعلنا السماء سقفا ) للأرض كالسقف للبيت ( محفوظا ) عن الوقوع ( وهم عن آياتها ) من الشمس والقمر والنجوم ( معرضون ) لا يتفكرون فيها فيعلمون أن خالقها لا شريك له

33. ( وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل ) تنوينه عوض عن المضاف إليه من الشمس والقمر وتابعه وهو النجوم ( في فلك ) أي مستدير كالطاحونة في السماء ( يسبحون ) يسيرون بسرعة كالسابح في الماء وللتشبيه به أتى بضمير جمع من يعقل

34. ونزل لما قال الكفار إن محمدا سيموت ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ) أي البقاء ( أفئن مت فهم الخالدون ) فيهالا فالجملة الأخيرة محل الاستفهام الإنكاري

35. ( كل نفس ذائقة الموت ) في الدنيا ( ونبلوكم ) نختبركم ( بالشر والخير ) كفقر وغنى وسقم وصحة ( فتنة ) مفعول له أي لننظر أتصبرون وتشكرون أم لا ( وإلينا ترجعون ) فنجازيكم

36. ( وإذا رآك الذين كفروا إن ) ما ( يتخذونك إلا هزوا ) أي مهزوءا به يقولون ( أهذا الذي يذكر آلهتكم ) أي يعيبها ( وهم بذكر الرحمن ) لهم ( هم ) تأكيد ( كافرون ) به إذ قالوا ما نعرفه

37. ونزل في استعجالهم العذاب ( خلق الإنسان من عجل ) أي أنه لكثرة عجله في أحواله كأنه خلق منه ( سأريكم آياتي ) مواعيدي بالعذاب ( فلا تستعجلون ) فيه فأراهم القتل ببدر

38. ( ويقولون متى هذا الوعد ) بالقيامة ( إن كنتم صادقين ) فيه

39. ( لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون ) يدفعون ( عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون ) يمنعون منها في القيامة وجواب لو ما قالوا ذلك

40. ( بل تأتيهم ) القيامة ( بغتة فتبهتهم ) تحيرهم ( فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون ) يمهلون لتوبة أو معذرة

41. ( ولقد استهزئ برسل من قبلك ) فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ( فحاق ) نزل ( بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون ) وهو العذاب فكذا يحيق بمن استهزأ بك

42. ( قل ) لهم ( من يكلؤكم ) يحفظكم ( بالليل والنهار من الرحمن ) من عذابه إن نزل بكم أي لا أحد يفعل ذلك والمخاطبون لا يخافون عذاب الله لإنكارهم له ( بل هم عن ذكر ربهم ) أي القرآن ( معرضون ) لا يتفكرون فيه

43. ( أم ) فيها معنى الهمزة للانكار أي أ ( لهم آلهة تمنعهم ) مما يسوؤهم ( من دوننا ) أي ألهم من يمنعهم منه غيرنا لا ( لا يستطيعون ) أي الآلهة ( نصر أنفسهم ) فلا ينصرونهم ( ولا هم ) أي الكفار ( منا ) من عذابنا ( يصحبون ) يجارون يقال صحبك الله أي حفظ وأجارك

44. ( بل متعنا هؤلاء وآباءهم ) بما أنعمنا عليهم ( حتى طال عليهم العمر ) فاعتروا بذلك ( أفلا يرون أنا نأتي الأرض ) نقصد أرضهم ( ننقصها من أطرافها ) بالفتح على النبي ( أفهم الغالبون ) لا بل النبي وأصحابه

45. ( قل ) لهم ( إنما أنذركم بالوحي ) من الله لا من قبل نفسي ( ولا يسمع الصم الدعاء إذا ) بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية بينها وبين الياء ( ما ينذرون ) هم لتركهم العمل بما سمعوه من الإنذار كالصم

46. ( ولئن مستهم نفحة ) وقعة خفيفة ( من عذاب ربك ليقولن يا ) للتنبيه ( ويلنا ) هلاكنا ( إنا كنا ظالمين ) بالإشراك وتكذيب محمد

47. ( ونضع الموازين القسط ) ذوات العدل ( ليوم القيامة ) أي فيه ( فلا تظلم نفس شيئا ) من نقص حسنة أو زيادة سيئة ( وإن كان ) العمل ( مثقال ) زنة ( حبة من خردل أتينا بها ) بموزونها ( وكفى بنا حاسبين ) محصين كل شيء

48. ( ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان ) أي التوراة الفارقة بين الحق والباطل والحلال والحرام ( وضياء ) بها ( وذكرا ) عظة بها ( للمتقين )

49. ( الذين يخشون ربهم بالغيب ) عن الناس أي في الخلاء عنهم ( وهم من الساعة ) أي أهوالها ( مشفقون ) خائفون

50. ( وهذا ) أي القرآن ( ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون ) الاستفهام فيه للتوبيخ

51. ( ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل ) أي هداه قبل بلوغه ( وكنا به عالمين ) أي بأنه أهل لذلك

52. ( إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل ) الأصنام ( التي أنتم لها عاكفون ) أي على عبادتها مقيمون

53. ( قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين ) فاقتدينا بهم

54. ( قال ) لهم ( لقد كنتم أنتم وآباؤكم ) بعبادتها ( في ضلال مبين ) بين

55. ( قالوا أجئتنا بالحق ) في قولك هذا ( أم أنت من اللاعبين ) فيه

56. ( قال بل ربكم ) المستحق للعبادة ( رب ) مالك ( السماوات والأرض الذي فطرهن ) خلقهن على غير مثال سبق ( وأنا على ذلكم ) الذي قلته ( من الشاهدين ) به

57. ( وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين )

58. ( فجعلهم ) بعد ذهابهم إلى مجتمعهم في يوم عيد لهم ( جذاذا ) بضم الجيم وكسرها فتاتا بفأس ( إلا كبيرا لهم ) علق الفأس في عنقه ( لعلهم إليه ) أي إلى الكبير ( يرجعون ) فيروا ما فعل بغيره

59. ( قالوا ) بعد رجوعهم ورؤيتهم ما فعل ( من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين ) فيه

60. ( قالوا ) أي بعضهم لبعض ( سمعنا فتى يذكرهم ) أي يعيبهم ( يقال له إبراهيم )

61. ( قالوا فأتوا به على أعين الناس ) أي ظاهرا ( لعلهم يشهدون ) عليه أنه الفاعل

62. ( قالوا ) بعد إتيانه ( أأنت ) بتحقيق الهمزتينن وإبدال الثانية ألفا وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه ( فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم )

63. ( قال ) ساكتا عن فعله ( بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم ) عن فاعله ( إن كانوا ينطقون ) فيه تقديم جواب الشرط وفيما قبله تعريض لهم بأن الصنم المعلوم عجزه عن الفعل لا يكون إلاها

64. ( فرجعوا إلى أنفسهم ) بالتفكر ( فقالوا ) لأنفسهم ( إنكم أنتم الظالمون ) أي بعبادتكم من لا ينطق

65. ( ثم نكسوا ) من الله ( على رؤوسهم ) أي ردوا إلى كفرهم وقالوا والله ( لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ) أي فكيف تأمرنا بسؤالهم

66. ( قال أفتعبدون من دون الله ) أي بدله ( ما لا ينفعكم شيئا ) من رزق وغيره ( ولا يضركم ) شيئا إذا لم تعبدوه

67. ( أف ) بكسر الفاء وفتحها بمعنى مصدر أي نتنا وقبحا ( لكم ولما تعبدون من دون الله ) أي غيره ( أفلا تعقلون ) أن هذه الأصنام لا تستحق العبادة ولا تصلح لها وإنما يستحقها الله تعالى

68. ( قالوا حرقوه ) أي إبراهيم ( وانصروا آلهتكم ) أي بتحريقه ( إن كنتم فاعلين ) نصرتها فجمعوا له الحطب الكثير وأضرموا النار في جميعه وأوثقوا إبراهيم وجعلوه في منجنيق ورموه في النار

69. ( قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) فلم تحرق منه غير وثاقه وذهبت حرارتها وبقيت إضاءتها وبقوله وسلاما سلم من الموت ببردها

70. ( وأرادوا به كيدا ) وهو التحريق ( فجعلناهم الأخسرين ) في مرادهم

71. ( ونجيناه ولوطا ) ابن أخيه هاران من العراق ( إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ) بكثرة الأنهار والأشجار وهي الشام نزل إبراهيم بفلسطين ولوط بالمؤتفكة وبينهما يوم

72. ( ووهبنا له ) أي لإبراهيم وكان سأل ولدا كما ذكر في الصافات ( إسحاق ويعقوب نافلة ) أي زيادة على المسئول أو هو ولد الولد ( وكلا ) أي هو وولداه ( جعلنا صالحين ) أنبياء

73. ( وجعلناهم أئمة ) بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ياء يقتدى بهم في الخير ( يهدون ) الناس ( بأمرنا ) إلى ديننا ( وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ) أي أن تفعل وتقام وتؤتى منهم ومن أتباعهم وحذف هاء إقامة تخفيف ( وكانوا لنا عابدين )

74. ( ولوطا آتيناه حكما ) فصلا بين الخصوم ( وعلما ونجيناه من القرية التي كانت تعمل ) أي أهلها الأعمال ( الخبائث ) من اللواط والرمي بالبندق واللعب بالطيور وغير ذلك ( إنهم كانوا قوم سوء ) مصدر ساءه نقيض سره ( فاسقين )

75. ( وأدخلناه في رحمتنا ) بأن أنجيناه من قومه ( إنه من الصالحين )

76. واذكر ( ونوحا ) وما بعده بدل منه ( إذ نادى ) دعا على قومه بقوله رب لا تذر الخ ( من قبل ) أي قبل إبراهيم ولوط ( فاستجبنا له فنجيناه وأهله ) الذين في سفينته ( من الكرب العظيم ) أي الغرق وتكذيب قومه له

77. ( ونصرناه ) منعناه ( من القوم الذين كذبوا بآياتنا ) الدالة على رسالته أن لا يصلوا إليه بسوء ( إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين )

78. واذكر ( وداود وسليمان ) أي قصتهما ويبدل منهما ( إذ يحكمان في الحرث ) هو زرع أو كرم ( إذ نفشت فيه غنم القوم ) أي رعته ليلا بلا راع بأن انفلتت ( وكنا لحكمهم شاهدين ) فيه استعمال ضمير الجمع لاثنين قال داوود لصاحب الحرث رقاب الغنم وقال سليمان ينتفع بدرها ونسلها وصوفهاالى أن يعود الحرث كما كان بإصلاح صاحبها فيردها إليه

79. ( ففهمناها ) أي الحكومة ( سليمان ) وحكمهما باجتهاد ورجع داود إلى سليمان وقيل بوحي والثاني ناسخ للأول ( وكلا ) منهما ( آتينا ) ـه ( حكما ) نبوة ( وعلما ) بامور الدين ( وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير ) كذلك سخر للتسبيح معه لأمره به إذا وجد فترة لينشط له ( وكنا فاعلين ) تسخير تسبيحهما معه وإن كان عجبا عندكم أي مجاوبته للسيد دود

80. ( وعلمناه صنعة لبوس ) وهي الدرع لأنها تلبس وهو أول من صنعها وكان قبلها صفائح ( لكم ) في جملة الناس ( لتحصنكم ) بالنون لله وبالتحتانية لداود وبالفوقانية للبوس ( من بأسكم ) حربكم مع أعدائكم ( فهل أنتم ) يا أهل مكة ( شاكرون ) نعمتي بتصديق الرسول اشكروني بذلك

81. وسخرنا ( ولسليمان الريح عاصفة ) وفي آية أخرى رخاء أي شديدة الهبوب وخفيفته بحسب إرادته ( تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها ) وهي الشام ( وكنا بكل شيء عالمين ) من ذلك علم الله تعالى بأن ما يعطيه سليمان يدعوه للخضوع لربه ففعله تعالى على مقتضى علمه

82. وسخرنا ( ومن الشياطين من يغوصون له ) يدخلون في البحر فيخرجون منه الجواهر لسليمان ( ويعملون عملا دون ذلك ) أي سوى الغوص من البناء وغيره ( وكنا لهم حافظين ) من أن يفسدوا ما عملوا لأنهم كانوا إذا فرغوا من عمل قبل الليل أفسدوه إن لم يشتغلوا بغيره

83. واذكر ( وأيوب ) ويبدل منه ( إذ نادى ربه ) لما ابتلي بفقد جميع ماله وولده وتمزيق جسده وهجر جميع الناس له إلا زوجته سنين ثلاثا أو سبعا أو ثماني عشرة وضيق عيشه ( أني ) بفتح الهمزة بتقدير الباء ( مسني الضر ) أي الشدة ( وأنت أرحم الراحمين )

84. ( فاستجبنا له ) نداءه ( فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ) أولاده الذكور والإناث بأن احيوا له وكل من الصنفين ثلاث أو سبع ( ومثلهم معهم ) من زوجته وزيد في شبابها وكان له أندر للقمح وأندر للشعير فبعث الله سحابتين أفرغت إحداهما على أندر القمح الذهب وأفرغت الأخرى على أندر الشعير الورق حتى فاض ( رحمة ) مفعول له ( من عندنا ) صفة ( وذكرى للعابدين ) ليصبروا فيثابوا

85. واذكر ( وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ) على طاعة الله وعن معاصيه

86. ( وأدخلناهم في رحمتنا ) من النبوة ( إنهم من الصالحين ) لها وسمي ذا الكفل لأنه تكفل بصيام جميع نهاره وقيام جميع ليله وأن يقضي بين الناس ولا يغضب فوفى بذلك وقيل لم يكن نبيا

87. واذكر ( وذا النون ) صاحب الحوت وهو يونس بن متى ويبدل منه ( إذ ذهب مغاضبا ) لقومه أي غضبان عليهم مما قاسى منهم ولم يؤذن له في ذلك ( فظن أن لن نقدر عليه ) أي نقضي عليه ما قضيناه من حبسه في بطن الحوت أو نضيق عيه بذلك ( فنادى في الظلمات ) ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت ( أن ) أي بأن ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) في ذهابي من بين قومي بلا إذن

88. ( فاستجبنا له ونجيناه من الغم ) بتلك الكلمات ( وكذلك ) كما نجيناه ( ننجي المؤمنين ) من كربهم إذا استغاثوا بنا داعين

89. واذكر ( وزكريا ) ويبدل منه ( إذ نادى ربه ) بقوله ( رب لا تذرني فردا ) أي بلا ولد يرثني ( وأنت خير الوارثين ) الباقي بعد فناء خلقك

90. ( فاستجبنا له ) نداءه ( ووهبنا له يحيى ) ولدا ( وأصلحنا له زوجه ) فأتت بالولد بعد عقمها ( إنهم ) أي من ذكر الأنبياء ( كانوا يسارعون ) يبادرون ( في الخيرات ) الطاعات ( ويدعوننا رغبا ) في رحمتنا ( ورهبا ) من عذابنا ( وكانوا لنا خاشعين ) متواضعين في عبادنهم

91. واذكر مريم ( والتي أحصنت فرجها ) حفظته من أن ينال ( فنفخنا فيها من روحنا ) أي جبريل حيث نفخ في جييب درعها فحملت بعيسى ( وجعلناها وابنها آية للعالمين ) الإنس والجن والملائكة حيث ولدته من غير فحل

92. ( إن هذه ) أي ملة الإسلام ( أمتكم ) دينكم أيها المخاطبون أي يجب أن تكونوا عليها ( أمة واحدة ) حال لازمة ( وأنا ربكم فاعبدون ) وحدون

93. ( وتقطعوا ) أي بعض المخاطبين ( أمرهم بينهم ) أي تفرقوا أمر دينهم متخالفين فيه وهم طوائف اليهود والنصارى ( كل إلينا راجعون ) أي فنجازيه بعمله

94. ( فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران ) أي لاجحود ( لسعيه وإنا له كاتبون ) بأن نأمر الحفظة بكتبه فنجازيه عليه

95. ( وحرام على قرية أهلكناها ) اريد أهلها ( أنهم لا ) زائدة ( يرجعون ) أي ممتنع رجوعهم إلى الدنيا

96. ( حتى ) غاية لامتناع رجوعهم ( إذا فتحت ) بالتخفيف والتشديد ( يأجوج ومأجوج ) بالهمز وتركه اسمان أعجميان لقبيلتين ويقدر قبله مضاف أي سدهما وذلك قرب القيامة ( وهم من كل حدب ) مرتفع من الأرض ( ينسلون ) يسرعون

97. ( واقترب الوعد الحق ) أي يوم القيامة ( فإذا هي ) أي القصة ( شاخصة أبصار الذين كفروا ) في ذلك اليوم لشدته يقولون ( يا ) للتنبيه ( ويلنا ) هلاكنا ( قد كنا ) في الدنيا ( في غفلة من هذا ) اليوم ( بل كنا ظالمين ) أنفسنا بتكذيبنا الرسل

98. ( إنكم ) يا أهل مكة ( وما تعبدون من دون الله ) أي غيره من الأوثان ( حصب جهنم ) وقودها ( أنتم لها واردون ) داخلون فيها

99. ( لو كان هؤلاء ) الأوثان ( آلهة ) كما زعمتم ( ما وردوها ) دخلوها ( وكل ) من العابدين والمعبودين ( فيها خالدون )

100. ( لهم ) للعابدين ( فيها زفير وهم فيها لا يسمعون ) شيئا لشدة غليانها ونزل لما قال ابن الزبعري عبد العزيز والمسيح والملائكة فهم في النار على مقتضى ما تقدم

101. ( إن الذين سبقت لهم منا ) المنزلة ( الحسنى ) ومنهم من ذكر ( أولئك عنها مبعدون )

102. ( لا يسمعون حسيسها ) صوتها ( وهم في ما اشتهت ) من النعيم ( أنفسهم )

103. ( لا يحزنهم الفزع الأكبر ) وهو أن يؤمر بالعبد إلى النار ( وتتلقاهم ) تستقبلهم ( الملائكة ) عند خروجهم من القبور يقولون لهم ( هذا يومكم الذي كنتم توعدون ) في الدنيا

104. ( يوم ) منصوب باذكر مقدرا قبله ( نطوي السماء كطي السجل ) اسم ملك ( للكتب ) صحيفة ابن آدم عند موته واللام زائدة أو السجل الصحيفة والكتتتاب بمعنى مكتوب واللام بمعنى على وفي قراءة للكتب جمعا ( كما بدأنا أول خلق ) من عدم ( نعيده ) بعد إعدامه فالكاف متعلقة بنعيد وضميره عائد إلى أول وما مصدرية ( وعدا علينا ) منصوب بوعدنا مقدرا قبله وهو مؤكد لمضمون ما قبله ( إنا كنا فاعلين ) ما وعدنا

105. ( ولقد كتبنا في الزبور ) بمعنى الكتاب أي كتب الله المنزلة ( من بعد الذكر ) بمعنى أم الكتاب الذي عند الله ( أن الأرض ) أرض الجنة ( يرثها عبادي الصالحون ) عام في كل صالح

106. ( إن في هذا ) القرآن ( لبلاغا ) كفاية في دخول الجنة ( لقوم عابدين ) عاملين به

107. ( وما أرسلناك ) يامحمد ( إلا رحمة ) أي للرحمة ( للعالمين ) الإنس والجن بك

108. ( قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد ) أي ما يوحى إلي في أمر الإله إلا وحدانيته ( فهل أنتم مسلمون ) منقادون لما يوحى إلي من وحدانية الإله والاستفهام بمعنى الأمر

109. ( فإن تولوا ) عن ذلك ( فقل آذنتكم ) بالحرب ( على سواء ) حال من الفاعل والمفعول أي مستوين في علمه لا أستبد به دونكم لتتأهبوا ( وإن ) ما ( أدري أقريب أم بعيد ما توعدون ) من العذاب أو القيامة المشتملة عليه وإنما يعلمه الله

110. ( إنه ) تعالى ( يعلم الجهر من القول ) والفعل منكم ومن غيركم ( ويعلم ما تكتمون ) أنتم وغيركم من السر

111. ( وإن ) ما ( أدري لعله ) أي ما أعلمتكم به ولم يعلم وقته ( فتنة ) اختبار ( لكم ) ليرى كيف صنعكم ( ومتاع ) تمتع ( إلى حين ) أي انقضاء آجالكم وهذا مقابل للأول المترجى بلعل وليس الثاني محلا للترجي

112. ( قال ) وفي قراءة قال ( رب احكم ) بيني وبين مكذبي ( بالحق ) بالعذاب لهم أو النصر عليهم فعذبوا ببدر وأحد وحنين والأحزاب والخندق ونصر عليهم ( وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون ) من كذبكم على الله في قولكم اتخذ ولدا وعلي في قولكم ساحر وعلى القرآن في قولكم شعر

 

أعلى