سورة العاديات
مكية
بسم الله
الرحمن الرحيم
وَالْعَادِيَاتِ
ضَبْحًا ( 1 )
( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ) قال ابن عباس، وعطاء ومجاهد،
وعكرمة، والحسن، والكلبي، وقتادة، والمقاتلان ، وأبو العالية وغيرهم: هي الخيل
العادية في سبيل الله عز وجل تَضْبَحُ، والضَّبْح: صوت أجوافها إذا عَدَتْ.
قال ابن عباس:
وليس شيء من الحيوانات تضبح غير الفرس والكلب والثعلب، وإنما تضبح هذه الحيوانات
إذا تغيَّر حالها من تعب أو فزع، وهو من [ قولهم ]
ضَبَحَتْهُ النارُ، إذا غيرَّت لونه.
[ وقوله: « ضبحًا » نصب على المصدر، مجازه:
والعاديات تضبح ضبحًا ] .
وقال
علي: هي الإبل في الحج، تعدو من عرفة إلى المزدلفة، ومن المزدلفة إلى منى، وقال
إنها نـزلت في وقعة بدر، [
كانت أول غزوة في الإسلام بدرًا ] وما
كان معنا إلا فَرَسان، فَرَسٌ للزبير وفرس للمقداد بن الأسود فكيف تكون الخيل
العاديات؟ وإلى هذا ذهب ابن مسعود، ومحمد بن كعب، والسُّدي.
وقال بعض
من قال: هي الإبل: قوله « ضبحًا
» يعني
ضباحًا تمد أعناقها في السير .
فَالْمُورِيَاتِ
قَدْحًا ( 2 ) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ( 3 ) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا ( 4 ) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا ( 5 )
( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال عكرمة، وعطاء، والضحاك، ومقاتل،
والكلبي،:هي الخيل توري النار بحوافرها إذا سارت في الحجارة. يعني: والقادحات
قدحًا يقدحن بحوافرهن.
وقال
قتادة: هي الخيل تهيج الحربَ ونارَ العداوة بين فرسانها.
وقال
سعيد بن جبير عن ابن عباس: هي الخيل تغزو في سبيل الله ثم تأوي بالليل [ إلى مأواها ] فيورون نارهم، ويصنعون
طعامهم.
وقال
مجاهد، وزيد بن أسلم: هي مكر الرجال، يعني رجال الحرب، والعرب تقول إذا أراد الرجل
أن يمكر بصاحبه: أما والله لأقدحن لك ثم لأوِريَنَّ لك.
وقال
محمد بن كعب: هي النيران تجتمع . ( فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ) هي الخيل تغير بفرسانها، على العدو عند الصباح، هذا قول
أكثر المفسرين. وقال القرظي: هي الإبل تدفع بركبانها يوم النحر من جَمْع إلى منى،
والسُّنَة أن لا تدفع [
بركبانها يوم النحر ] حتى
تصبح والإغارة سرعة السير، ومنه قولهم: أشرق ثبير كيما نغير. ( فَأَثَرْنَ بِهِ ) أي هيَّجن بمكان [ سيرهن ] كناية عن غير مذكور، لأن
المعنى مفهوم، (
نَقْعًا ) غبارا،
والنَّقْع: الغبار. (
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا ) أي
دخلن به وسط جمع العدو، وهم الكتيبة يقال: وَسَطْت، القوم بالتخفيف، ووسطتهم،
بالتشديد، وتوسَّطهم بالتشديد، كلها بمعنى واحد. قال القرظي: [ هي الإبل توسط بالقوم ] يعني جَمْع منى، [ هذا موضع القسم ] ، أقسم الله بهذه الأشياء.
إِنَّ
الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ( 6 )
وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ( 7 )
وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ( 8 )
أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ( 9 )
( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ
لَكَنُودٌ ) قال
ابن عباس، ومجاهد، وقتادة: « لكنود
» : لكفور
جحود لنعم الله تعالى. قال الكلبي: هو بلسان مضر وربيعة الكفور، وبلسان كندة
وحضرموت العاصي .
وقال الحسن:
هو الذي يعد المصائب وينسى النعم . وقال عطاء: هو الذي لا يعطي في النائبة مع
قومه.
وقال أبو
عبيدة: هو قليل الخير، والأرض الكنود: التي لا تنبت شيئا.
وقال
الفضيل بن عياض: « الكنود
» الذي
أنْسَتْه الخصلة، الواحدة من الإساءة الخصال الكثيرة من الإحسان، و « الشكور » : الذي أنسته الخصلة الواحدة
من الإحسان الخصال الكثيرة من الإساءة. ( وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ) قال [ أكثر المفسرين ] : وإن الله على كونه كنودًا
لشاهد. وقال ابن كيسان: الهاء راجعة إلى الإنسان أي: إنه شاهد على نفسه بما يصنع.
(
وَإِنَّه ) يعني
الإنسان، (
لِحُبِّ الْخَيْرِ ) أي لحب
لمال، (
لَشَدِيدٌ ) أي:
لبخيل، أي إنه من أجل حب المال لبخيل. يقال للبخيل: شديد ومتشدد.
وقيل:
معناه وإنه لحب الخير لقوي، أي شديد الحب للخير أي المال. ( أَفَلا يَعْلَمُ ) أي : أفلا يعلم هذا الإنسان،
( إِذَا
بُعْثِرَ ) أي:
أُثِيرَ وأُخْرِج، ( مَا
فِي الْقُبُورِ ) [ من الموتى ] .
وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ
( 10 )
(
وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ) أي: مُيّز وأبرز ما فيها من
خير أو شر.
إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ
يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ( 11 )
( إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ ) ، [ جمع
] الكناية لأن الإنسان اسم لجنس، (
يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ) عالم، قال الزجاج: إن الله
خبير بهم في ذلك اليوم وفي غيره، ولكن المعنى أنه يجازيهم على كفرهم في ذلك [
اليوم ] .