تفسير البغوي

44 - تفسير البغوي سورة الدخان

التالي السابق

سورة الدخان

 

مكية

بسم الله الرحمن الرحيم

حم ( 1 ) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ( 2 ) إِنَّا أَنـْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ( 3 ) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ( 4 ) .

( حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) قال قتادة وابن زيد: هي ليلة القدر أنـزل الله القرآن في ليلة القدر من أم الكتاب إلى السماء الدنيا, ثم نـزل به جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم نجومًا في عشرين سنة . وقال آخرون: هي ليلة النصف من شعبان .

أخبرنا عبد الواحد المليحي, أخبرنا أبو منصور السمعاني, حدثنا أبو جعفر الرياني, حدثنا حميد بن زنجويه, حدثنا الأصبغ بن الفرج, أخبرني ابن وهب, أخبرني عمرو بن الحارث أن عبد الملك بن عبد الملك حدثه أن ابن أبي ذئب واسمه مصعب حدثه عن القاسم بن محمد عن أبيه أو عمه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ينـزل الله جل ثناؤه ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لكل نفس إلا إنسانًا في قلبه شحناء أو مشركًا بالله » ( إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ) .

( فِيهَا ) أي في الليلة المباركة, ( يُفْرَقُ ) يفصل, ( كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) محكم, وقال ابن عباس: يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما هو كائن في السنة من الخير والشر والأرزاق والآجال حتى الحجاج, يقال: يحج فلان [ ويحج فلان ] ، قال الحسن ومجاهد وقتادة: يبرم في ليلة القدر في شهر رمضان كل أجل وعمل وخلق ورزق, وما يكون في تلك السنة.

وقال عكرمة: هي ليلة النصف من شعبان يبرم فيها أمر السنة وتنسخ الأحياء من الأموات فلا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد .

أخبرنا عبد الواحد المليحي, أخبرنا أبو منصور السمعاني, حدثنا أبو جعفر الرياني, حدثنا حميد بن زنجويه, حدثنا عبد الله بن صالح, حدثني الليث, حدثني عقيل, عن ابن شهاب, أخبرني عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان, حتى إن الرجل لينكح ويولد له ولقد أخرج اسمه في الموتى » .

وروى أبو الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن الله يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان, ويسلمها إلى أربابها في ليلة القدر.

أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ( 5 ) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( 6 ) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ( 7 ) لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ ( 8 ) بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ( 9 )

( أَمْرًا ) أي أنـزلنا أمرًا, ( مِنْ عِنْدِنَا ) قال الفراء: نصب على معنى: فيها يفرق كل أمر فرقًا وأمرًا, أي نأمر ببيان ذلك أمرًا ( إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) محمدًا صلى الله عليه وسلم ومن قبله من الأنبياء.

( رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ ) قال ابن عباس: رأفة مني بخلقي ونعمتي عليهم بما بعثنا إليهم من الرسل. وقال الزجاج: أنـزلناه في ليلة مباركة للرحمة, ( إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ) قرأ أهل الكوفة: « رب » جرًّا, ردًا على قوله: « من ربك » , ورفعه الآخرون ردًا على قوله: « هو السميع العليم » , وقيل: على الابتداء, ( إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ) أن الله رب السموات والأرض.

( لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ * بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ ) من هذا القرآن, ( يَلْعَبُونَ ) يهزؤون به لاهون عنه.

فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ( 10 ) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 11 ) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ( 12 )

( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ) اختلفوا في هذا الدخان:

أخبرنا عبد الواحد المليحي, أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي, أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل, حدثنا محمد بن كثير, عن سفيان, حدثنا منصور والأعمش, عن أبي الضحى, عن مسروق قال: بينما رجل يحدث في كندة, فقال: يجيء دخان يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم, ويأخذ المؤمن [ كهيئة ] الزكام, ففزعنا فأتيت ابن مسعود وكان متكئًا فغضب فجلس, فقال: من علم فليقل, ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم, فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم: لا أعلم, فإن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ( ص- 86 ) , وإن قريشًا أبطؤوا عن الإسلام فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: « اللهم أَعِنِّي عليهم بسبع كسبع يوسف » فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام, ويرى الرجل ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان, فجاء أبو سفيان فقال: يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم, وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم, فقرأ: « فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين » إلى قوله: إِنَّكُمْ عَائِدُونَ , أفيكشف عنهم عذاب الآخرة إذا جاء؟ ثم عادوا إلى كفرهم, فذلك قوله: يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى يعني يوم بدر و ( لزامًا ) يوم بدر, الم * غُلِبَتِ الرُّومُ , إلى سَيَغْلِبُونَ ( الروم- 3 ) , الروم قد مضى .

ورواه محمد بن إسماعيل عن يحيى عن وكيع عن الأعمش, قال: قالوا: ( رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ) فقيل له: إن كشفنا عنهم عادوا إلى كفرهم, فدعا ربه فكشف عنهم فعادوا فانتقم الله منهم يوم بدر, فذلك قوله: « فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين » , إلى قوله: إِنَّا مُنْتَقِمُونَ .

أخبرنا عبد الواحد المليحي, أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي, أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل, حدثنا يحيى, حدثنا وكيع, عن الأعمش, عن مسلم, عن مسروق, عن عبد الله قال: خمس قد مضين اللزام والروم والبطشة والقمر والدخان .

وقال قوم: هو دخان يجيء قبل قيام الساعة ولم يأت بعد, فيدخل في أسماع الكفار والمنافقين حتى يكون كالرأس الحنيذ, ويعتري المؤمن منه كهيئة الزكام وتكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه النار, وهو قول ابن عباس وابن عمر والحسن .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي, أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي, أخبرنا عقيل بن محمد الجرجاني, حدثنا أبو الفرج المعافي بن زكريا البغدادي, حدثنا محمد بن جرير الطبري, حدثني عصام بن رواد بن الجراح, حدثنا أبي, أخبرنا أبو سفيان بن سعيد, حدثنا منصور بن المعتمر عن ربعي بن خراش قال: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أول الآيات الدخان, ونـزول عيسى بن مريم, ونار تخرج من قعر عدن أبين, تسوق الناس إلى المحشر تقيل معهم إذا قالوا » , قال حذيفة: يا رسول الله وما الدخان؟ فتلا هذه الآية: « يوم تأتي السماء بدخان مبين » , يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يومًا وليلة, أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكام, وأما الكافر فكمنـزلة السكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره .

أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ( 13 ) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ( 14 ) إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ( 15 ) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ( 16 ) وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ( 17 ) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( 18 )

( أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى ) من أين لهم التذكر والاتعاظ؟ يقول: كيف يتذكرون ويتعظون؟ ( وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ) ظاهر الصدق يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم.

( ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ ) أعرضوا عنه, ( وَقَالُوا مُعَلَّمٌ ) أي يعلمه بشر, ( مَجْنُونٌ ) .

قال الله تعالى: ( إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ ) أي عذاب الجوع, ( قَلِيلا ) أي زمانًا يسيرًا, قال مقاتل: إلى يوم بدر. ( إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ) إلى كفركم.

( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى ) وهو يوم بدر, ( إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ) وهذا قول ابن مسعود وأكثر العلماء, وقال الحسن: يوم القيامة, وروى عكرمة ذلك عن ابن عباس.

( وَلَقَدْ فَتَنَّا ) بلونا, ( قَبْلَهُمْ ) قبل هؤلاء, ( قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ) على الله وهو موسى بن عمران.

( أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ ) يعني بني إسرائيل أطلقهم ولا تعذبهم, ( إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ) على الوحي.

 

وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( 19 ) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ( 20 ) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ( 21 ) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ( 22 ) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ( 23 ) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ( 24 ) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( 25 ) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ( 26 ) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ( 27 )

( وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ ) لا تتجبروا عليه بترك طاعته, ( إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ) ببرهان بَيِّن على صدق قولي, فلما قال ذلك توعدوه بالقتل, فقال:

( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ) . ( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ) أي: تقتلوني, وقال ابن عباس: تشتموني وتقولوا هو ساحر. وقال قتادة: ترجموني بالحجارة.

( وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ) فاتركوني لا معي ولا علي. وقال ابن عباس: فاعتزلوا أذاي باليد واللسان, فلم يؤمنوا.

( فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ) مشركون, فأجابه الله وأمره أن يسري, فقال:

( فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلا ) أي ببني إسرائيل, ( إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ) يتبعكم فرعون وقومه.

( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ ) إذا قطعته أنت وأصحابك, ( رَهْوًا ) ساكنًا على حالته وهيئته, بعد أن ضربته ودخلته, معناه: لا تأمره أن يرجع, اتركه حتى يدخله آل فرعون, وأصل « الرهو » : السكون. وقال مقاتل: معناه: اترك البحر رهوًا [ راهيا ] أي: ساكنًا, فسمي بالمصدر, أي ذا رهو. وقال كعب: اتركه طريقًا. قال قتادة: طريقًا يابسًا. قال قتادة: لما قطع موسى البحر عطف ليضرب البحر بعصاه ليلتئم وخاف أن يتبعه فرعون [ وجنوده ] فقيل له: اترك البحر رهوًا كما هو, ( إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ) أخبر موسى أنه يغرقهم ليطمئن قلبه في تركه البحر كما جاوزه. ثم ذكر ما تركوا بمصر.

فقال: ( كَمْ تَرَكُوا ) [ يعني بعد الغرق ] ( مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ) مجلس شريف, قال قتادة: الكريم الحسن.

( وَنَعْمَةٍ ) ومتعة وعيش لين, ( كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ) ناعمين وفكهين: أشرين بطرين.

كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ( 28 ) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ( 29 ) وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ ( 30 ) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ ( 31 ) وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ( 32 )

( كَذَلِكَ ) قال الكلبي: كذلك أفعل بمن عصاني, ( وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ) يعني بني إسرائيل.

( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ ) وذلك أن المؤمن إذا مات تبكي عليه السماء والأرض أربعين صباحًا, وهؤلاء لم يكن يصعد لهم عمل صالح فتبكي السماء على فقده, ولا لهم على الأرض عمر صالح فتبكي الأرض عليه.

أخبرنا أبو سعيد الشريحي, أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي, أخبرنا أبو عبد الله الفنجوي, حدثنا أبو علي المقري, حدثنا أبو يعلي الموصلي, حدثنا أحمد بن إسحاق البصري, حدثنا مكي بن إبراهيم, حدثنا موسى بن عبيدة الرَّبذي, أخبرني يزيد الرقاشي, عن أنس بن مالك, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « ما من عبد إلا له في السماء بابان باب يخرج منه رزقه, وباب يدخل فيه عمله, فإذا مات فقداه وبكيا عليه » وتلا « فما بكت عليهم السماء والأرض » .

قال عطاء: بكاء السماء حمرة أطرافها.

قال السدي: لما قتل الحسين بن علي بكت عليه السماء, وبكاؤها حمرتها .

( وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ) لم ينظروا حين أخذهم العذاب لتوبة ولا لغيرها.

( وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) قتل الأبناء واستحياء النساء والتعب في العمل.

( مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ * وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ ) يعني مؤمني بني إسرائيل, ( عَلَى عِلْمٍ ) بهم, ( عَلَى الْعَالَمِينَ ) على عالمي زمانهم.

وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ ( 33 ) إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ ( 34 ) إِنْ هِيَ إِلا مَوْتَتُنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ( 35 ) فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( 36 ) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ( 37 )

( وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ ) قال قتادة: نعمة بينة من فلق البحر, وتظليل الغمام, وإنـزال المن والسلوى, والنعم التي أنعمها عليهم. وقال ابن زيد: ابتلاهم بالرخاء والشدة, وقرأ: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ( الأنبياء- 35 ) .

( إِنَّ هَؤُلاءِ ) يعني مشركي مكة ( لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلا مَوْتَتُنَا الأولَى ) أي لا موتة إلا هذه التي نموتها في الدنيا, ثم لا بعث بعدها. وهو قوله: ( وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ) بمبعوثين بعد موتتنا.

( فَأْتُوا بِآبَائِنَا ) [ الذين ماتوا ] ( إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) أنا نبعث أحياء بعد الموت, ثم خوفهم مثل عذاب الأمم الخالية فقال: ( أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ) أي ليسوا خيرًا منهم, يعني أقوى وأشد وأكثر من قوم تبع. قال قتادة: هو تبع الحميري, وكان سار بالجيوش حتى حير الحيرة, وبنى سمرقند وكان من ملوك اليمن, سمي تبعًا لكثرة أتباعه, وكل واحد منهم يسمى: « تبعا » لأنه يتبع صاحبه, وكان هذا يعبد النار فأسلم ودعا قومه إلى الإسلام وهم حمير, فكذبوه وكان من خبره ما ذكره محمد بن إسحاق وغيره .

وذكر عكرمة عن ابن عباس قالوا: كان تبع الآخر وهو أسعد أبو كرب بن مليك [ جاء بكر ] حين أقبل من المشرق وجعل طريقه على المدينة, وقد كان حين مر بها خلف بين أظهرهم ابنًا له فقتل غيلة, فقدمها وهو مجمع لإخرابها واستئصال أهلها, فجمع له هذا الحي من الأنصار حين سمعوا ذلك من أمره, فخرجوا لقتاله وكان الأنصار يقاتلونه بالنهار ويقرونه بالليل, فأعجبه ذلك وقال: إن هؤلاء لكرام, إذ جاءه حبران اسمهما: كعب وأسد من أحبار بني قريظة, عالمان وكانا ابني عم, حين سمعا ما يريد من إهلاك المدينة وأهلها, فقالا له: أيها الملك لا تفعل فإنك إن أبيت إلا ما تريد حيل بينك وبينها, ولم نأمن عليك عاجل العقوبة. فإنها مهاجر نبي يخرج من هذا الحي من قريش اسمه محمد, مولده مكة, وهذه دار هجرته ومنـزلك الذي أنت به يكون به من القتل والجراح أمر كبير في أصحابه, وفي عدوهم. قال تبع: من يقاتله وهو نبي؟ قالا يسير إليه قومه فيقتلون ها هنا, فتناهى لقولهما عما كان يريد بالمدينة, ثم إنهما دعواه إلى دينهما فأجابهما واتبعهما على دينهما وأكرمهما وانصرف عن المدينة, وخرج بهما ونفر من اليهود عامدين إلى اليمن, فأتاه في الطريق نفر من هذيل وقالوا: إنا ندلك على بيت فيه كنـز من لؤلؤ وزبرجد وفضة, قال: أي بيت؟ قالوا: بيت بمكة, وإنما تريد هذيل هلاكه لأنهم عرفوا أنه لم يرده أحد قط بسوء إلا هلك, فذكر ذلك للأحبار, فقالوا: ما نعلم لله في الأرض بيتا غير هذا البيت, فاتخذه مسجدا وانسك عنده وانحر واحلق رأسك, وما أراد القوم إلا هلاكك لأنه ما ناوأهم أحد قط إلا هلك, فأكرمه واصنع عنده ما يصنع أهله, فلما قالوا له ذلك أخذ النفر من هذيل فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم ثم صلبهم, فلما قدم مكة نـزل الشعب شعب البطائح, وكسا البيت الوصائل, وهو أول من كسا البيت, ونحر بالشعب ستة آلاف بدنة, وأقام به ستة أيام وطاف به وحلق وانصرف, فلما دنا من اليمن ليدخلها حالت حمير بين ذلك وبينه, قالوا: لا تدخل علينا وقد فارقت ديننا, فدعاهم إلى دينه وقال إنه دين خير من دينكم, قالوا: فحاكمنا إلى النار, وكانت باليمن نار في أسفل جبل يتحاكمون إليها فيما يختلفون فيه, فتأكل الظالم ولا تضر المظلوم, فقال تبع: أنصفتم, فخرج القوم بأوثانهم وما يتقربون به في دينهم وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما حتى قعدوا للنار عند مخرجها الذي تخرج منه, فخرجت النار فأقبلت حتى غشيتهم, فأكلت الأوثان وما قربوا معها, ومن حمل ذلك من رجال حمير, وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما, يتلوان التوراة تعرق جباههما لم تضرهما, ونكصت النار حتى رجعت إلى مخرجها الذي خرجت منه فأصفقت عند ذلك حمير على دينهما, فمن هنالك كان أصل اليهودية في اليمن .

وذكر أبو حاتم عن الرقاشي قال: كان أبو كرب أسعد الحميري من التبابعة, آمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث بسبعمائة سنة.

وذكر لنا أن كعبًا كان يقول: ذم الله قومه ولم يذمه .

وكانت عائشة تقول: لا تسبوا تبعًا فإنه كان رجلا صالحًا .

وقال سعيد بن جبير: هو الذي كسا البيت .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي, أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي, أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه الدينوري, حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي, حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل, حدثنا أبي, حدثنا حسن بن موسى, حدثنا ابن لهيعة, حدثنا أبو زرعة بن عمرو بن جرير عن سهل بن سعد قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « لا تسبوا تبعًا فإنه كان قد أسلم » .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي, أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي, أخبرني ابن فنجويه, حدثنا ابن أبي شيبة, حدثنا محمد بن علي بن سالم الهمداني, حدثنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر النيسابوري, حدثنا عبد الرزاق, حدثنا معمر عن ابن أبي ذئب, عن المقبري, عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما أدري تبع نبيًا كان أو غير نبي » . ( وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) من الأمم الكافرة. ( أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ) .

وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ ( 38 ) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ( 39 )

( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلا بِالْحَقِّ ) قيل: يعني للحق وهو الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية. ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) .

 

إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ( 40 ) يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ( 41 ) إِلا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( 42 ) إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( 43 ) طَعَامُ الأَثِيمِ ( 44 )

( إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ ) يوم يفصل الرحمن بين العباد, ( مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ) يوافي يوم القيامة الأولون والآخرون.

( يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا ) لا ينفع قريب قريبه ولا يدفع عنه شيئًا, ( وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ) لا يمنعون من عذاب الله.

( إِلا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ ) يريد المؤمنين فإنه يشفع بعضهم لبعض, ( إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ ) في انتقامه من أعدائه, ( الرَّحِيمُ ) بالمؤمنين.

( إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ ) [ أي ذي الإثم ] وهو أبو جهل.

كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( 45 ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( 46 ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( 47 ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( 48 ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( 49 ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( 50 ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( 51 )

( كَالْمُهْلِ ) هو دردي الزيت الأسود, ( يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ) قرأ ابن كثير وحفص « يغلي » بالياء, جعلوا الفعل للمهل, وقرأ الآخرون بالتاء لتأنيث الشجرة, « في البطون » أي بطون الكفار, ( كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ) كالماء الحار إذا اشتد غليانه.

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي, أخبرنا أبو بكر العبدوسي, أخبرنا أبو بكر محمد بن حمدون بن خالد بن يزيد, حدثنا سليمان بن يوسف, حدثنا وهب بن جرير, حدثنا شعبة عن الأعمش, عن مجاهد, عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أيها الناس اتقوا الله حق تقاته, فلو أن قطرة من الزقوم قطرت على الأرض لأمرَّتْ على أهل الدنيا معيشتهم, فكيف بمن تكون طعامه وليس لهم طعام غيره » .

قوله تعالى: ( خُذُوهُ ) أي يقال للزبانية: خذوه, يعني الأثيم, ( فَاعْتِلُوهُ ) قرأ أهل الكوفة, وأبو جعفر, وأبو عمرو: بكسر التاء, وقرأ الباقون بضمها, وهما لغتان, أي ادفعوه وسوقوه, يقال: عتله يعتله عتلا إذا ساقه بالعنف والدفع والجذب, ( إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ) وسطه.

( ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ) قال مقاتل, إن خازن النار يضربه على رأسه فينقب رأسه عن دماغه, ثم يصب فيه ماء حميمًا قد انتهى حره .

ثم يقال له: ( ذُقْ ) هذا العذاب, ( إِنَّكَ ) قرأ الكسائي « أنك » بفتح الألف, أي لأنك كنت تقول: أنا العزيز, وقرأ الآخرون بكسرها على الابتداء, ( إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ) عند قومك بزعمك, وذلك أن أبا جهل كان يقول: أنا أعز أهل الوادي وأكرمهم, فيقول له هذا خزنة النار, على طريق الاستحقار والتوبيخ.

( إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ) تشكون فيه ولا تؤمنون به. ثم ذكر مستقر المتقين, فقال:

( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ) قرأ أهل المدينة والشام: « في مقام » بضم الميم على المصدر, أي في إقامة، وقرأ الآخرون بفتح الميم, أي في مجلس أمين, أمنوا فيه من الغير, أي من الموت ومن الخروج منه.

فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( 52 ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( 53 ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( 54 ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ ( 55 ) لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( 56 ) فَضْلا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( 57 ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( 58 ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( 59 )

( فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ ) أي كما أكرمناهم بما وصفنا من الجنات والعيون واللباس كذلك أكرمناهم بأن زوجناهم, ( بِحُورٍ عِينٍ ) أي قرناهم بهن, ليس من عقد التزويج, لأنه لا يقال: زوجته بامرأة, قال أبو عبيدة: جعلناهم أزواجًا لهن كما يزوج البعل بالبعل, أي جعلناهم اثنين اثنين, و « الحور » : هن النساء النقيات البياض. قال مجاهد: يحار فيهن الطرف من بياضهن وصفاء لونهن. وقال أبو عبيدة: « الحور » : هن شديدات بياض الأعين الشديدات سوادها, واحدها أحور, والمرأة حوراء, و « العين » جمع العيناء, وهي عظيمة العينين.

( يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ ) اشتهوها, ( آمِنِينَ ) من نفادها ومن مضرتها. وقال قتادة: آمنين من الموت والأوصاب والشياطين.

( لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأولَى ) أي سوى الموتة التي ذاقوها في الدنيا, وبعدها وضع: « إلا » موضع سوى وبعد, وهذا كقوله تعالى: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ ( النساء- 22 ) , أي سوى ما قد سلف, وبعد ما قد سلف, وقيل: إنما استثنى الموتة الأولى وهي في الدنيا من موت في الجنة لأن السعداء حين يموتون يصيرون بلطف إلى أسباب الجنة, يلقون الروح والريحان ويرون منازلهم في الجنة, فكان موتهم في الدنيا كأنهم في الجنة لاتصالهم بأسبابها ومشاهدتهم إياها. ( وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ) .

( فَضْلا مِنْ رَبِّكَ ) أي فعل ذلك بهم فضلا منه, ( ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .

( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ ) سهلنا القرآن, كناية عن غير مذكور, ( بِلِسَانِكَ ) أي على لسانك, ( لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) يتعظون.

( فَارْتَقِبْ ) فانتظر النصر من ربك. وقيل: فانتظر لهم العذاب. ( إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ) منتظرون قهرك بزعمهم.

أخبرنا أبو سعيد الشريحي, أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي, أخبرني الحسين بن فنجويه, حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى, حدثنا أبو عيسى موسى بن علي الختلي, حدثنا أبو هاشم الرفاعي, حدثنا زيد بن الحباب, حدثنا عمر بن عبد الله بن أبي خثعم, عن يحيى بن كثير, عن أبي سلمة, عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك »

 

 

أعلى