إغارة الروم على الجزيرة .

تفاصيل الحدث :

أغار مَلِكُ الرومِ على الرَّها ونواحيها، وسار في ديارِ الجزيرة الفراتية حتى بلغوا نصيبين، فغَنِموا، وسَبَوا، وأحرقوا وخرَّبوا البلاد، وفعلوا مثلَ ذلك بديارِ بكر، ولم يكُنْ من أبي تَغلِبَ بنِ حمدان في ذلك حركةٌ، ولا سعيَ في دَفعِه، لكنَّه حمل إليه مالًا كَفَّه به عن نفسِه، فسار جماعةٌ مِن أهل تلك البلادِ إلى بغداد مستنفرينَ، وقاموا في الجوامِعِ والمشاهِدِ، واستنفروا المسلمينَ، وذكروا ما فعَلَه الرومُ مِن النَّهب والقتل، والأسْرِ والسبيِ، فاستعظمه النَّاسُ، وخَوَّفَهم أهل الجزيرة من انفتاحِ الطَّريقِ وطَمَعِ الرُّومِ، وأنَّهم لا مانِعَ لهم عندهم، فاجتمع معهم أهلُ بغداد، وقصدوا دارَ الخليفة المطيع لله، وأرادوا الهُجومَ عليه، فمُنِعوا من ذلك، وأغلِقَت الأبوابُ، وكان بختيار عِزُّ الدولة بن معز البويهي حينئذٍ يتصَيَّدُ بنواحي الكوفة، فخرج إليه وجوهُ أهلِ بغداد مُستغيثين، مُنكِرينَ عليه اشتغالَه بالصَّيدِ، وقتالَ عِمرانَ بنِ شاهين وهو مُسلِمٌ, وتَركَ جِهادِ الروم، ومَنْعَهم عن بلادِ الإسلامِ حتى توغَّلوها، فوعدهم التجهُّزَ للغزاة، وأرسل إلى الحاجِبِ سبكتكين يأمُرُه بالتجهُّزِ للغَزوِ وأن يستنفِرَ العامَّةَ، ففعل سبكتكين ذلك، فاجتمَعَ مِن العامَّةِ عدَدٌ كثير لا يُحصَونَ كَثرةً، وكتب بختيار إلى أبي تغلِبَ بن حمدان، صاحِبِ الموصِل، يأمُرُه بإعدادِ الميرة والعُلوفات، ويُعَرِّفُه عَزْمَه على الغزاة، فأجابه بإظهارِ الفَرَحِ، وإعدادِ ما طلب منه. ولَمَّا تَجهَّزَت العامَّةُ للغَزاةِ، وقعت بينهم فتنةٌ شديدةٌ بين الرَّوافِضِ وأهلِ السُّنَّة، ولم تتِمَّ الغزوةُ.

العودة الى الفهرس