وفاة المستنصر بالله حاكم الأندلس وتولي ابنه هشام المؤيد بالله بعده .

تفاصيل الحدث :

هو أميرُ المؤمنينَ، أبو العاصِ الحَكَمُ بنُ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن المستنصر بالله الأموي، صاحبُ الأندلس، وُلِدَ سنة 302, وبويع بعد أبيه، في رمضان، سنة 350. وكان حسَنَ السيرة، جامعًا للعلم، مُكرِمًا للأفاضل، كبيرَ القَدرِ، ذا نَهمةٍ مُفرِطةٍ في العلم والفضائل، عاكفًا على المطالعة. جمع من الكتُبِ ما لم يجمَعْه أحدٌ من الملوك، لا قَبله ولا بعدَه، وتطَلَّبَها وبذَلَ في أثمانِها الأموالَ، واشُتِرَيت له من البلاد البعيدةِ بأغلى الأثمان، مع صفاءِ السَّريرةِ، والعقلِ والكرم، وتقريبِ العُلَماء. ضاقت خزائنُه بالكتب إلى أن صارت إليه، وآثَرَها على لذَّاتِ الملوك، فغَزُرَ عِلمُه، ودَقَّ نَظَرُه، وكان له يدٌ بيضاء في معرفة الرجال والأنساب والأخبار، وقلما تجدُ له كتابًا إلَّا وله فيه قراءةٌ أو نظَرٌ، من أيِّ فَنٍ كان، ويكتُبُ فيه نسبَ المؤلِّف، ومولِدَه ووفاته، ويأتي من ذلك بغرائِبَ لا تكاد تُوجدُ. ومن محاسنه أنَّه شَدَّدَ في مملكته في إبطالِ الخُمورِ تشديدًا عظيمًا. قال اليسع بن حزم: "كان الحَكَمُ عالِمًا، راويةً للحديثِ، فَطِنَا وَرِعًا ". وكان أخوه الأمير عبد الله المعروف بالولد، على أنموذَجِه في محبَّة العلم، فقُتِلَ في أيام أبيه. همَّت الروم بأخذ مواضِعَ مِن الثغور، فقَوَّاها الحكمُ بالمال والجيوش، وغزا بنَفسِه، وزاد في القطيعةِ على الرومِ وأذَلَّهم. وكان موتُه بالفالج، كانت إمارتُه خمس عشرة سنة وخمسة أشهر، ولَمَّا توفِّيَ ولِيَ بعدَه ابنُه هشامٍ بعهد أبيه، وله عشرُ سنين، ولقِّبَ بالمؤيَّد بالله. فأقيم في الخلافةِ بتدبير الوزيرِ ابنِ أبي عامر القحطانيِّ.

العودة الى الفهرس