عَودَةُ يُوسفَ بنِ تاشفين للأندَلُسِ ونِهايَةُ مُلوكِ الطَّوائِف .
- العام الهجري :483
- العام الميلادي :1090
تفاصيل الحدث :
جازَ يوسفُ بن تاشفين ثانِيةً وتَثاقَلَ أُمراءُ الطَّوائفِ عن لِقائِه لِمَا أَحَسُّوا مِن نَكيرِه عليهم أَخذَهُم المُكوسَ، فوَجَدَ عليهم، وعَهِدَ بِرَفعِ المُكوسِ وتَحرِّى العَدل، فلمَّا أَجازَ انقَبَضوا عنه إلا ابنَ عبَّادٍ فإنه بادَرَ إلى لِقائِه, وتَوافَقَ مُلوكُ الطَّوائفِ على قَطْعِ المَدَدِ عن عَساكرِه ومحلاتِه فساءَ نَظرُه، قال ابنُ خَلدون: "وأَفتاهُ الفُقهاءُ وأَهلُ الشُّورَى من المَغرِب والأَندَلُس بخَلعِهم وانتِزاعِ الأَمرِ من أَيدِيهم، وصارَت إليه بذلك فَتاوَى أَهلِ الشرقِ الأَعلامِ مثل: الغَزَالي والطَّرطوشي"، فاتَّجَهَ إلى غرناطة واستَنزَل صاحِبَها عُبيدَ الله بن بلكّين بن باديس وَأخاهُ تَميمًا من مالقة بعدَ أن كان منهما مُداخلةُ الطَّاغِيَة ألفونسو في عَداوَةِ يوسف بن تاشفين، وبَعَثَ بهما إلى المَغرِب فخافَ ابنُ عبَّادٍ عند ذلك منه وانقَبَضَ عن لِقائِه وفَشَت السِّعاياتُ بينهما. ونَهَضَ يُوسفُ بن تاشفين إلى سَبتَة فاستَقرَّ بها، وعَقَدَ للأَميرِ سير بن أبي بكر بن محمد وركوت على الأَندلسِ وأَجازَهُ فقَدِمَ عليها، وقَعَدَ ابنُ عبَّادٍ عن تَلَقِّيهِ ومَبَرَّتِه فأَحفَظَهُ ذلك، وطالَبَهُ بالطَّاعَةِ للأَميرِ يوسف والنُّزولِ عن الأَمرِ، ففَسَدَ ذاتُ بينِهما، وغَلَبَهُ على جَميعِ عَمَلِه. واستَنزَلَ أَولادَ المأَمونِ من قُرطبة، ويَزيدَ الرائضَ من رندة وقرمونة، واستَولَى على جَميعِها وقَتَلَهم. وصَمَدَ إلى إشبيليّة فحاصَرَ المُعتَمِد بها وضَيَّقَ عليه، واستَنجَدَ الطاغِيَة فعَمَدَ الى استِنقاذِه من هذا الحِصارِ، فلم يُغنِ عنه شَيئًا، وكان دِفاعُ لمَتونَة ممَّا فَتَّ في عَضُدِه، ودَخلَ المُرابِطون قُرطبة سَنةَ 484هـ, واقتَحمَ والمُرابِطون إشبيليّة عليه عُنوةً سَنةَ 484هـ وتقبّض وقَبَضَ على المُعتَمِد وقادَهُ أَسيرًا إلى مَراكش، فلم يَزَل في اعتِقالِ يوسف بن تاشفين إلى أن هَلَكَ في مَحبَسِه بأغمات سَنةَ 490هـ، ثم عَمَدَ إلى بطليوس وتقبّض وقَبَضَ على صاحبها عُمرَ بنَ الأَفطَس فقَتَلَه وابنَيْهِ يومَ الأضحى سَنةَ 489هـ بما صَحَّ عنده مِن مُداخَلَتِهم الطاغية، وأن يُمَلِّكوهُ مَدينةَ بطليوس، ثم أجازَ يوسفُ بن تاشفين الجوازَ الثالثَ سَنةَ 490هـ وزَحَفَ إليه الطاغية فبَعثَ عَساكرَ المُرابِطين لنظر محمد بن الحاج فانهَزمَ النَّصارَى أَمامَه، وكان الظهورُ للمُسلِمين. ثم أَجازَ الأَميرُ يحيى بن أبي بكر بن يوسف بن تاشفين سَنةَ 493هـ، وانضَمَّ إليه محمدُ بن الحاج، وسيرُ بنُ أبي بكر، واقتَحَموا عامَّةَ الأندلسِ من أَيدِي مُلوكِ الطَّوائفِ، ولم يَبقَ منها إلا سرقسطة في يَدِ المُستَعينِ بن هود الذى كان قد أَبلَى بَلاءً حَسَنًا في جِهادِ النَّصارَى جَعلَت ابنُ تاشفين يُبقِيه في مُلكِه، وصار سَدًّا مَنيعًا في حِمايَةِ الثُّغورِ الشماليَّةِ من هَجَماتِ النَّصارَى, قال الذهبيُّ: "سالَمَ المُستَعِينُ بالله ابنُ هود صاحِبُ شَرقِ الأندلسِ ابنَ تاشفين، وكان يَبعَثُ إليه بالتُّحَفِ. وكان هو وأَجنادُه ممَّن يُضرَب بهم المَثَلُ في الشَّجاعَةِ، فلمَّا احتَضَر يوسفُ بن تاشفين أَوْصَى وَلَدَهُ عَلِيًّا بِبَنِي هود، وقال: اترُكهُم بينَك وبين العَدُوِّ، فإنَّهم شُجعانٌ" وغَزَا الأَميرُ مزدلي صاحِبُ بلنسية إلى بَلدِ برشلونة فأَثخَنَ بها وبَلَغَ إلى حيث لم يَبلُغ أَحدٌ قَبلَهُ، ورَجَعَ.
العودة الى الفهرس