ذكر الحرب بين جاولي التركماني والفرنج .
- العام الهجري :502
- الشهر القمري : صفر
- العام الميلادي :1108
تفاصيل الحدث :
كان المصافُّ بين جاولي سقاوو التركماني وبين طنكري الفرنجي، صاحب أنطاكية، وسببُ ذلك أن الملك رضوانًا كتب إلى طنكري صاحب أنطاكية يُعَرِّفه ما عليه جاولي من الغدر والمكر والخداع، ويحذِّره منه ويُعلِمُه أنه قصد حلب وأنَّه إن ملكها لا يبقى للفرنج معه بالشام مقام، وطلب منه النصرة والاتفاق على منعه. فأجابه طنكري إلى منعه، وبرز من أنطاكية، فأرسل إليه رضوان ستمائة فارس، فلما سمع جاولي الخبر أرسل إلى القمص -كبير القساوسة- صاحب الرها، يستدعيه إلى مساعدته، وأطلق له ما بقي عليه من مال المفاداة، فسار إلى جاولي فلحق به، وهو على منبج، فوصل الخبر إليه، وهو على هذه الحال، بأن الموصل قد استولى عليها عسكر السلطان، وملكوا خزائنَه وأموالَه، فاشتَدَّ ذلك عليه وفارقه كثيرٌ من أصحابِه، منهم أتابك زنكي بن آقسنقر، وبكتاش النهاوندي، وبقي جاولي في ألف فارس، وانضَمَّ إليه خَلقٌ من المطوعة، فنزل بتل باشر، وقاربهم طنكري، وهو في ألف وخمسمائة فارس من الفرنج، وستمائة من أصحاب الملك رضوان، سوى الرجَّالة، فجعل جاولي في ميمنته الأمير أقسيان، والأمير التونتاش الأبري وغيرهما، وفي الميسرة الأمير بدران بن صدقة، وأصبهبذ صباوة، وسنقر دراز، وفي القلب القُمُّص، صاحب الرها، واشتد القتال، فأزاح طنكري القلب عن موضعه، وحملت ميسرة جاولي على رجَّالة صاحب أنطاكية، فقَتلت منهم خلقًا كثيرًا، ولم يبقَ غير هزيمة صاحب أنطاكية، فحينئذ عمد أصحاب جاولي إلى جنائب القمص وجوسلين وغيرهما من الفرنج، فركبوها وانهزموا، فمضى جاولي وراءهم ليرُدَّهم، فلم يرجعوا، وكانت طاعته قد زالت عنهم حين أُخِذت الموصل منه، فلمَّا رأى أنهم لا يعودون معه أهمَّته نفسه، وخاف من المقام، فانهزم، وانهزم باقي عسكرُه، فأما أصبهبذ صباوة فسار نحو الشام، وأما بدران بن صدقة فسار إلى قلعة جعبر، وأما ابن جكرمش فقصد جزيرةَ ابن عمر، وأما جاولي فقصد الرحبة، وقُتِل من المسلمين خلق كثير، ونهب صاحب أنطاكية أموالَهم وأثقالهم، وعَظُم البلاء عليهم من الفرنج، وهرب القُمُّص وجوسلين إلى تل باشر والتجأ إليهما خلق كثير من المسلمين، ففعلا معهم الجميل، وداويا الجرحى، وكسَوَا العراة، وسيَّرَاهم إلى بلادِهم.
العودة الى الفهرس