الفتنة بدمشق بين صاحبها شهاب الدين محمود والجند .

تفاصيل الحدث :

وقَعَت الفِتنةُ بدمشقَ بين صاحِبِها شِهابِ الدِّينِ محمود بن تاج الملوك بوري والجند. وسبَبُ ذلك أنَّ الحاجِبَ يوسف بن فيروز كان أكبَرَ حاجِبٍ عند أبي شِهابِ الدين وجَدِّه، ثمَّ إنَّه خاف أخاه شمسَ الملوك، وهرب ابنُ فيروز منه إلى تدمُر، فلمَّا كانت هذه السَّنةُ سأل أن يَحضُرَ إلى دمشق، وكان يخاف جماعةَ المماليك؛ لأنَّه كان أساء إليهم وعامَلَهم أقبَحَ مُعاملةٍ، فلما طلبَ الآن الحضورَ إلى دمشق أُجيبَ إلى ذلك، فأنكر جماعةُ الأمراء والمماليكِ قُربَه وخافوه أن يفعَلَ بهم مثلَ فِعلِه الأوَّلِ، فلم يزَل ابنُ فيروز يتوصَّلُ معهم حتى حلَف لهم واستحلَفَهم وشَرَط على نفسِه أنَّه لا يتولى من الأمورِ شَيئًا، ثمَّ إنَّه جعل يُدخِلُ نَفسَه في كثيرٍ مِن الأمور، فاتَّفَق أعداؤه على قَتلِه، فبينما هو يسيرُ مع شمس الملوك في الميدانِ وإلى جانِبِه أميرٌ اسمه بزاوش يحادِثُه، إذ ضرَبَه بزاوش بالسَّيفِ فقَتَله، فحُمِلَ ودُفِنَ عند تربة والده بالعقيبة، ثمَّ إنَّ بزاوش والمماليك خافوا شمسَ الملوك، فلم يدخُلوا البلد، ونزلوا بظاهِرِه، وأرسلوا يَطلُبونَ قواعِدَ استطالوا فيها، فأجابهم إلى البَعضِ، فلم يَقبَلوا منه، ثمَّ ساروا إلى بعلبك، وبها شمسُ الدولة محمد بن تاج الملوك صاحِبُها، فصاروا معه، فالتحق بهم كثيرٌ مِن التُّركمان وغيرِهم، وشَرَعوا في العَبَث والفَسادِ، واقتَضَت الحالُ مُراسَلتَهم وملاطَفتَهم وإجابتَهم إلى ما طلبوا، واستقَرَّت الحالُ على ذلك، وحَلَف كُلٌّ منهم لصاحبه. فعادوا إلى ظاهِرِ دمشق ليدخُلوا البلد، وخرج شهابُ الدين صاحِبُ دمشق إليهم، واجتمَعَ بهم وتجَدَّدَت الأيمانُ، وصار بزاوش مُقَدَّم العسكَرِ وإليه الحَلُّ والعَقدُ، وذلك في شعبان، وزال الخُلفُ، ودخلوا البلدَ.

العودة الى الفهرس