نهاية دولة بني حماد بالمغرب .

تفاصيل الحدث :

سارَ عبدُ المُؤمِنِ بنُ علي إلى بجاية ومَلَكَها، ومَلَك جميعَ مَمالِكِ بني حَمَّاد. وكان لَمَّا أراد قَصْدَها سار من مراكِشَ إلى سبتة سنة 546، فأقام مُدَّةً يَعمُر الأسطولَ، ويَجمَعُ العساكِرَ القَريبةَ منه، فكتَبَ لِمَن في طريقِه إلى بجاية ليتجَهَّزوا ويكونوا على الحَرَكةِ أيَّ وَقتٍ طَلَبَهم، والنَّاسُ يَظُنونَ أنَّه يريدُ العبور إلى الأندلُسِ، فأرسل في قَطعِ السَّابلةِ عَن بلادِ شَرقِ المَغرِبِ بَرًّا وبَحرًا، وسار مِن سبتة في صفر سنة 547، فأسرع السَّيرَ وطَوى المراحِلَ، والعساكِرُ تلقاه في طريقِه، فلم يَشعُرْ أهلُ بجاية إلَّا وهو في أعمالها، وكان مَلِكُها يحيى بن العزيز بن حماد آخرَ مُلوكِ بني حمَّاد، وكان مُولَعًا بالصَّيدِ واللَّهوِ، لا ينظُرُ في شَيءٍ مِن أمورِ مَملَكَتِه، فلَمَّا اتَّصَلَ الخبَرُ بميمون بن حمدون، جمَعَ العساكِرَ وسار عن بجاية نحوَ عبد المؤمن، فلَقِيَهم مُقَدِّمةُ عبد المؤمن، وهم يزيدون على عشرينَ ألف فارس، فانهزم أهلُ بجاية مِن غَيرِ قِتالٍ، ودخَلَت مُقَدِّمةُ عبد المؤمن بجاية قَبلَ وصول عبدِ المؤمِنِ بيومين، وتفَرَّقَ جَميعُ عَسكَرِ يحيى بن عبد العزيز، وهَرَبوا برًّا وبحرًا، وتحَصَّن يحيى بقلعةِ قسنطينة الهوى، وهَرَبَ أخواه الحارِثُ وعبد الله إلى صقليَّةَ، ودخل عبدُ المؤمن بجاية، ومَلَك جميعَ بلاد يحيى بن العزيز بغَيرِ قِتالٍ، ثمَّ إنَّ يحيى نَزَل إلى عبدِ المُؤمِنِ بالأمان، فأمَّنَه، ولَمَّا فَتَحَ عبدُ المؤمِنِ بجاية لم يتعَرَّضْ إلى مالِ أهلِها ولا غَيرِه، وسَبَبُ ذلك أن بني حمدون استأمنوا فوفَى بأمانِه، وكان يحيى قد فَرِحَ لَمَّا أُخِذَت بلادُ إفريقيَّةَ مِن الحَسَنِ بنِ عَليِّ بنِ يحيى بن تميم بن المعز بن باديس فرحًا ظَهَرَ عليه، فكان يَذُمُّه، ويَذكُرُ مَعايبَه، فلم تَطُلِ المدَّةُ حتى أُخِذَت بلادُه هو، فسُبحانَ مُقَلِّبِ الأمورِ! ووصل الحسَنُ بنُ علي إلى عبدِ المؤمِنِ في جزائر بني مزغنان، واجتَمَعا عنده، فأرسل عبدُ المؤمن يحيى بن العزيز إلى بلادِ المغرب، وأقام بها، وأجرى عليه شيئًا كثيرًا, وأمَّا الحَسَنُ بن علي فإنَّه أحسَنَ إليه، وألزَمَه صُحبَتَه، وأعلى مرتَبَتَه، فلَزِمَه إلى أنْ فَتَحَ عبد المؤمن المهديَّة فجَعَلَه فيها، وأمَرَ واليَها أن يقتَدِيَ برأيِه ويَرجِعَ إلى قَولِه.

العودة الى الفهرس