وفاة السُّلطان السلجوقي مسعود وتولي ابن أخيه ملكشاه بعده .

تفاصيل الحدث :

هو السُّلطانُ الكَبيرُ، غِياثُ الدِّينِ، أبو الفَتحِ مَسعودُ بنُ مُحَمَّد بن ملكشاه أحَدُ مُلوكِ السُّلجوقيَّة المشاهير، نشأ بالمَوصِل مع أتابك مودود، ورَبَّاه، ثم مع آقسنقر البرسقي، ثمَّ مع خوش بك صاحِبِ المَوصِل، فلمَّا مات والِدُه، حَسَّنَ له خوش بك الخروجَ على أخيه محمود، فالتَقَيا، فانكسر مسعودٌ، ثم تنقلت به الأحوالُ، واستقل بالسَّلطَنةِ سنة 528، وقَدِمَ بغداد. كان عادِلًا لَيِّنًا، كبيرَ النَّفسِ، فَرَّقَ مَملَكَتَه على أصحابِه، وما ناوأه أحَدٌ إلا وظَفِرَ به، وقَتَلَ خَلقًا مِن كبار الأُمراء والخليفتَينِ المُستَرشِدَ والرَّاشِدَ, وكان قد خلَعَ الرَّاشدَ وأقام المُقتَفيَ، كما جرت بينه وبين عَمِّه سنجر منازعةٌ، ثم تصالحَا. قال ابنُ الأثير: كان كثيرَ المزاحِ، حسَنَ الخلُقِ، كريمًا، عفيفًا عن أموالِ الرعيَّةِ، مِن أحسَنِ السَّلاطينِ سِيرةً، وأليَنِهم عريكةً. قلت: أبطَلَ مُكوسًا ومَظالِمَ كَثيرةً، وعَدَلَ، واتَّسَعَ مُلكُه، وكان يَميلُ إلى العُلَماءِ والصَّالحينَ، ويتواضع لهم. أقبل مسعودٌ على الاشتغالِ باللَّذاتِ والانعكافِ على مُواصَلةِ وُجوهِ الرَّاحات، مُتَّكِلًا على السَّعادةِ تَعمَلُ له ما يُؤثِرُه، إلى أن حَدَثَ له القَيءُ والغثيان، واستمَرَّ به ذلك إلى أن توفِّيَ في حادي عشر جمادى الآخرة، وقيل يوم الأربعاء، الثاني والعشرين بهمذان, ومات معه سعادةُ البيت السلجوقي لم يَقُمْ لهم بعدَه رايةٌ يُعَتَدُّ بها ولا يُلتَفَتُ إليها، وكان مسعودٌ عَهِدَ إلى ملكشاه بن أخيه السُّلطانِ محمود، فلمَّا توفِّيَ مَسعودٌ خُطِبَ لملكشاه بالسَّلطنةِ، ورَتَّبَ له الأمورَ الأميرُ خاص بك بن بلنكري، وقَرَّرَها بين يديه، وأذعَنَ له جميعُ العَسكَرِ بالطَّاعةِ، ثم جاء أخوه السُّلطانُ مُحمَّدٌ وانتزع المُلْكَ منه، وكانت مُدَّةُ سَلطنةِ مسعود إحدى وعشرين سنة تقريبًا.

العودة الى الفهرس