انتصار عساكر عبد المؤمن قائد الموحدين على العرب في المغرب .
- العام الهجري :548
- الشهر القمري : صفر
- العام الميلادي :1153
تفاصيل الحدث :
كانت الحَربُ بين عَسكَرِ عبدِ المُؤمِنِ والعَرَبِ عند مدينة سطيف، وسَبَبُ ذلك أنَّ العَرَبَ- وهم بنو هلالٍ، والأبتح، وعدي، ورياح، وزغب، وغيرهم من العرب- لَمَّا مَلَك عبدُ المؤمِنِ بلادَ بني حَمَّاد اجتَمَعوا من أرض طرابلس إلى أقصى المغرب، وقالوا: إنْ جاوَرَنا عبدُ المؤمِنِ أجلانا من المَغرِبِ، وليس الرأيُ إلَّا إلقاءَ الجِدِّ معه، وإخراجَه من البلاد قبل أن يتمَكَّنَ، وتحالَفوا على التعاوُنِ والتَّضافُرِ، وألَّا يَخونَ بَعضُهم بعضًا، وعَزَموا على لقائِه بالرِّجالِ والأهلِ والمالِ؛ ليُقاتِلوا قِتالَ الحريم، واتَّصَل الخبَرُ بالملك رجار الفرنجي، صاحِبِ صقَليَّة، فأرسل إلى أمراءِ العَرَبِ، وهم محرز بن زياد، وجبارة بن كامل، وحسن بن ثعلب، وعيسى بن حسن وغيرهم يَحُثُّهم على لقاءِ عبدِ المؤمنِ ويَعرِضُ عليهم أن يُرسِلَ إليهم خمسةَ آلاف فارس من الفِرنجِ يُقاتِلونَ معهم على شَرطِ أن يُرسِلوا إليه الرَّهائِنَ، فشَكَروه وقالوا: ما بنا حاجةٌ إلى نَجدَتِه ولا نَستَعينُ بغير المُسلِمينَ، وساروا في عددٍ لا يحصى، وكان عبدُ المؤمن قد رحل من بجاية إلى بلادِ المغرب، فلَمَّا بلغه خبَرُهم جَهَّزَ جَيشًا من الموحِّدينَ يزيدُ على ثلاثين ألفَ فارس، واستعمل عليهم عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ الهنتاني، وسعدَ اللهِ بنَ يحيى، وكان العَرَبُ أضعافَهم، فاستجَرَّهم الموحِّدونَ وتَبِعَهم العَرَبُ إلى أن وصلوا إلى أرض سطيف بين جبال، فحَمَلَ عليهم جَيشُ عبد المؤمن فجأةً والعَرَبُ على غيرِ أُهبةٍ، والتقى الجَمعانِ، واقتتلوا أشَدَّ قتالٍ وأعظَمَه، فانجَلَتِ المعركةُ عن انهزامِ العَرَبِ ونُصرةِ المُوحِّدينَ، وتَرَك العَرَبُ جميعَ ما لهم من أهلٍ ومالٍ وأثاثٍ ونَعَمٍ، فأخذ الموحِّدونَ جميعَ ذلك، وعاد الجيشُ إلى عبدِ المُؤمِنِ بجَميعِه، فقَسَّمَ جميعَ الأموالِ على عَسكَرِه، وتَرَك النِّساءَ والأولادَ تحت الاحتياط، وكَّلَ بهم من الخَدَمِ الخِصيانِ مَن يَخدُمهم ويقومُ بحَوائِجِهم، وأمَرَ بصِيانتِهم، فلمَّا وصلوا معه إلى مراكش أنزَلَهم في المساكنِ الفَسيحةِ، وأجرى لهم النَّفَقاتِ الواسِعةَ، وأمَرَ عبدُ المؤمِنِ ابنَه مُحمَّدًا أن يكاتِبَ أُمَراءَ العَرَبِ ويُعلِمُهم أنَّ نِساءهم تحت الحِفظِ والصِّيانة، وأمَرَهم أن يَحضُروا ليُسَلِّمَ إليهم أبوه ذلك جَميعَه، وأنَّه قد بذل لهم الأمانَ والكَرامةَ، فلمَّا وَصَلَ كِتابُ مُحَمَّدٍ إلى العَرَبِ سارعوا إلى المسيرِ إلى مراكش، فلمَّا وصلوا إليها أعطاهم عبدُ المؤمِنِ نِساءَهم وأولادَهم، وأحسن إليهم وأعطاهم أموالًا جزيلةً، فاستَرَقَّ قُلوبَهم بذلك، وأقاموا عنده، وكان بهم حَفِيًّا، واستعان بهم على ولايةِ ابنِه مُحمَّدٍ للعَهدِ.
العودة الى الفهرس