هَلاكُ هِرَقْلَ قَيْصَر الرُّومِ .

تفاصيل الحدث :

هو فلافيوس أغسطس هِرقل إمبراطور الإمبراطوريَّة البِيزَنْطيَّة، مِن أُصولٍ أَرْمِينيَّةٍ, بدأَ صُعودَه إلى السُّلطةِ عام 608م، قاد ثَورةً ناجِحَةً ضِدَّ الإمبراطور فورس الذي تَسَلَّم السُّلطةَ بعدَ خَلْعِ الإمبراطور موريس، ودون شَعبِيَّةٍ تُذْكَر في ظِلِّ القَلاقِل التي عانت منها الإمبراطوريَّة. كان والدُ هِرقل -وهو هِرقل الأكبرُ- قائدًا عَسكرِيًّا ناجحًا، شارَك في حُروبِ الإمبراطور موريس، ويُعتبَر هِرقل مُؤَسِّس السُّلالة الهِراقليَّة التي اسْتَمرَّت بحُكم الإمبراطورية البِيزنطيَّة حتَّى عام 711.  انْتَصر هِرقل على الفُرْس في مَعركةِ نينوى 5 هـ، ثمَّ كانت هَزيمةُ جُيوشهِ على يَدِ المسلمين في مَعركةِ اليَرْموك عام 14 هـ، وقد تَنَبَّأَ هِرقل بانْتِصارات المسلمين، كما في صَحيحِ البُخاريِّ قال هِرقلُ لأبي سُفيانَ قبل أن يُسْلِم: فإن كان ما تقولُ حَقًّا فسَيَمْلِكُ مَوضِعَ قَدَمَيَّ هاتين، وقد كنتُ أَعلمُ أنَّهُ خارِجٌ، لم أَكُنْ أَظُنُّ أنَّهُ منكم، فلو أنِّي أَعْلَمُ أنِّي أَخْلُصُ إليه لتَجَشَّمْتُ لِقاءَهُ، ولو كنتُ عنده لغَسَلْتُ عن قَدَمِهِ.  كاد هِرقلُ أن يُسْلِمَ لكنَّ خَوْفَهُ على مُلكِه منَعهُ عن الإسلامِ، كما وَرَدَ خَبَرُهُ في صَحيحِ البُخاريِّ، قال ابنُ النَّاظُورِ:كان هِرقلُ حَزَّاءً يَنظُر في النُّجومِ، فقال لهم حين سألوهُ: إنِّي رَأيتُ اللَّيلةَ حين نَظرتُ في النُّجومِ مَلِكَ الخِتانِ قد ظهَر، فمَن يَخْتَتِنُ مِن هذه الأُمَّةِ؟ قالوا: ليس يَخْتَتِنُ إلَّا اليَهودُ، فلا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُم، واكْتُبْ إلى مَدايِنِ مُلْكِك، فيَقْتُلوا مَن فيهم مِن اليَهودِ. فبينما هُم على أَمْرِهِم، أُتِيَ هِرقلُ بِرَجُلٍ أرسَل به مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عن خَبَرِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فلمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرقلُ قال: اذْهَبوا فانْظُروا أَمُخْتَتِنٌ هو أم لا، فنَظَروا إليه، فحَدَّثوهُ أنَّه مُخْتَتِنٌ، وسألَهُ عن العَربِ، فقال: هم يَخْتَتِنون. فقال هِرقلُ: هذا مُلْكُ هذه الأُمَّةِ قد ظَهَرَ. ثمَّ كتَب هِرقلُ إلى صاحِبٍ له بِرُومِيَةَ، وكان نَظيرَهُ في العِلْمِ، وسار هِرقلُ إلى حِمْصَ، فلم يَرِمْ حِمْصَ حتَّى أَتاهُ كِتابٌ مِن صاحِبهِ يُوافِقُ رأيَ هِرقلَ على خُروجِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنَّهُ نَبِيٌّ، فأَذِنَ هِرقلُ لِعُظماءِ الرُّومِ في دَسْكَرَةٍ له بِحِمْصَ، ثمَّ أَمَرَ بأَبوابِها فغُلِّقَتْ، ثمَّ اطَّلَعَ فقال: يا مَعْشَرَ الرُّومِ، هل لكم في الفَلاحِ والرُّشْدِ، وأن يَثْبُتَ مُلْكُكُم، فتُبايِعوا هذا النَّبيَّ؟ فحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إلى الأبوابِ، فوَجدوها قد غُلِّقَتْ، فلمَّا رأى هِرقلُ نَفْرَتَهُم، وأَيِسَ مِن الإيمانِ قال: رُدُّوهُم عَلَيَّ. وقال: إنِّي قلتُ مَقالَتي آنِفًا أَختَبِرُ بها شِدَّتَكُم على دِينِكُم، فقد رَأيتُ. فسَجَدوا له ورَضُوا عنه. هلَك هِرقلُ بعدَ أن هَرِمَ وتَخَلَّى عن قِيادَةِ الجُيوشِ.

العودة الى الفهرس