صلاح الدين الأيوبي يسيطر على ديار الجزيرة ويحصار الموصل .

تفاصيل الحدث :

كان عِزُّ الدين مسعود بن مودود بن زنكي صاحِبُ الموصل قد أقطَعَ مظفر الدين كوكبري بن زين الدين كجك مدينةَ حران وقلعَتَها، ولما سار صلاح الدين لحصار البيرة جنحَ اليه مظفر الدين ووعَدَه النصر واستحَثَّه للقدوم على الجزيرةِ، فجَدَّ صلاح الدين السيرَ مُظهِرًا أنه يريد حَصْرَ حلب سترًا للحالِ، فلما قارب الفراتَ سار إليه مظفر الدين فعبَرَ الفرات واجتمع به وعاد معه فقصدَ البيرة، وهي قلعةٌ منيعة على الفرات، من جانب الجزيرة، وكان صاحِبُها قد سار مع صلاح الدين، وفي طاعته، فعبَرَ هو وعسكره الفراتَ على الجسر الذي عند البيرة، وكان عزُّ الدين صاحِبُ الموصل ومجاهِدُ الدين لما بلغهما وصولُ صلاح الدين إلى الشام قد جمعا العسكر وسارا إلى نصيبين؛ ليكونا على أُهبةٍ واجتماعٍ لئلا يتعَرَّض صلاح الدين إلى حلب، ثمَّ تقدما إلى دارا، فنزلا عندها، فجاءهما أمرٌ لم يكن في الحساب، فلما بلغهما عبورُ صلاح الدين الفرات، عادا إلى الموصِل وأرسلا إلى الرَّها عسكرًا يحميها ويمنَعُها، فلما سمع صلاح الدين ذلك قَوِيَ طمعه في البلاد، فكاتب الملوكَ أصحابَ الأطراف ووعدهم، وبذل لهم البذولَ على نصرته، فأجابه نور الدين محمد بن قرا أرسلان، صاحِبُ الحصن، إلى ما طلب منه، وسار صلاحُ الدين إلى مدينة الرها، فحصرها في جمادى الأولى، وقاتلها أشدَّ قِتالٍ، حتى مَلَك المدينة ثم زحف إلى القلعة، فسَلَّمَها إليه الدزدار الذي بها على مالٍ أخذه، فلما ملَكَها سلمها إلى مظفر الدين مع حران، ثم سار عنها، على حران، إلى الرقَّة، فلما وصل إليها كان بها مقطعُها قطب الدين ينال بن حسان المنبجي، فسار عنها إلى عزِّ الدين مسعود، ومَلَكَها صلاح الدين، وسار إلى الخابور، قرقيسيا، وماكسين وعابان، فملك جميعَ ذلك، فلما استولى على الخابور جميعِه سار إلى نصيبين، فملك المدينةَ لوقتها، وبَقِيَت القلعة فحصرها عِدَّةَ أيام، فملكها أيضًا، وأقام بها ليُصلِحَ شأنَها، ثم أقطعها أميرًا كان معه يقال له أبو الهيجاء السمين، وسار عنه ومعه نور الدين صاحب الحِصن.

العودة الى الفهرس