الغارة من ابن ليون على أعمال حلب .

تفاصيل الحدث :

توالت الغارةُ من ابن ليون الأرمني، صاحِبِ الدروب، على ولايةِ حَلَب، فنَهَب وحرق، وأسر وسبى، فجمع المَلِكُ الظاهر غازي بن صلاح اِلدين الأيوبي، صاحِبُ حلب، عساكِرَه واستنجد غيرَه من الملوك، فجمع كثيرًا من الفارِسِ والراجِل، وسار عن حَلَب نحو ابن ليون، وكان ابنُ ليون قد نزل في طرف بلادِه مما يلي بلد حلب، فليس إليه طريقٌ؛ لأن جميع بلاده لا طريقَ إليها إلَّا مِن جبال وعرة، ومضايق صعبة، فلا يقدِرُ غيره على الدخول إليها، لا سيما من ناحية حَلَب؛ فإن الطريق منها متعَذِّرٌ جدًّا، فنزل الظاهر على خمسة فراسخ من حَلَب، وجعل على مقَدِّمَته جماعةً مِن عسكره مع أميرٍ كبير من مماليك أبيه اسمُه ميمون، فأنفذ الظاهِرُ ميرةً وسلاحًا إلى حِصنٍ له مجاور لبلاد ابنِ ليون، اسمُه دربساك، وأنفذ إلى ميمون ليرسِلَ طائفة من العسكر الذين عنده إلى طريق هذه الذخيرة ليسيروا معها إلى دربساك، ففعل ذلك، وسيَّرَ جماعة كثيرة من عسكَرِه، وبَقِيَ في قلة، فبلغ الخبَرُ إلى ابن ليون، فجَدَّ فوافاه وهو مخِفٌّ من العسكرِ، فقاتله واشتد القتال بينهم، فأرسل ميمون إلى الظاهِرِ يُعَرِّفُه، وكان بعيدًا عنه، فطالت الحربُ بينهم، وحمى ميمون نفسَه وأثقالَه على قِلَّةٍ مِن المسلمين وكثرةٍ مِن الأرمن، فانهزم المسلمون، ونال العدوُّ منهم، فقتل وأسَر، وكذلك أيضًا فَعَل المسلمون بالأرمن مِن كثرةِ القَتلِ، وظَفِرَ الأرمنُ بأثقال المسلمين فغَنِموها وساروا بها، فصادَفَهم المسلمون الذين كانوا قد ساروا مع الذَّخائِرِ إلى دربساك، فلم يَشعُروا بالحال، فلم يَرُعْهم إلَّا العدو وقد خالطهم ووضع السيفَ فيهم، فاقتتلوا أشَدَّ قتال، ثم انهزم المسلمون أيضًا، وعاد الأرمن إلى بلادهم بما غَنِموا، واعتصموا بجبالهم وحصونهم.

العودة الى الفهرس