وفاة السلطان علاء الدين محمد خوارزم شاه .

تفاصيل الحدث :

هو السُّلطانُ علاء الدين خوارزم شاه محمد بن تكش بن إيل أرسلان بن آتسز بن محمد بن نوشتكين. نسبه ينتهي إلى إيلتكين أحد مماليك السلطان ألب أرسلان بن جغر بيك السلجوقي. أباد ملوك العالم، ودانت له الممالك واستولى على الأقاليم. كان صبورًا على التعب وإدمان السير، غير متنَعِّم ولا مقبل على اللذات، إنما نهمتُه في المُلك وتدبيره وحِفظِه وحِفظِ رعيَّتِه. كان فاضِلًا، عالِمًا بالفقه والأصول، وغيرهما. وكان مكرمًا للعلماء محبًّا لهم، محسنًا إليهم، يحب مناظرتَهم بين يديه. ويُعظِّم أهل الدين ويتبَرَّك بهم. أفنى ملوك خراسان، وما وراء النهر، وقتل صاحب سمرقند، وأخلى البلاد من الملوك- ولم يبقَ لها من يحميها- واستقلَّ بها، فكان ذلك سببًا لهلاكه, فلما نزل خوارزم شاه محمد همذان، كاتب الوزير مؤيد الدين محمد بن القمي نائب وزير الخليفة عساكرَ خوارزم شاه، ووعدهم بالبلاد، فاتفقوا مع الخطا على قتل علاء الدين، وبعث القميُّ إليهم بالأموال والخيول سرًّا، فكان ذلك سببًا لوهنه، وعَلِمَ بذلك، فسار من همذان إلى خراسان ونزل مرو، فصادف في طريقه الخيول والهدايا والكُتُب إلى الخطا، وكان معه منهم سبعون ألفًا، فلم يمكنه الرجوعُ لفساد عسكره. وكان خالُه من أمراء الخطا، وقد حلَّفوه أن لا يطلع خوارزم شاه على ما دبروا عليه، فجاء إليه في الليل، وكتب في يده صورة الحال، ووقف بإزائه، فنظر إلى السطورِ وفَهِمَها، وهو يقول: خُذْ لنفسِك، فالساعةَ تُقتَلُ، فقام وخرج من تحت ذيل الخيمةِ، ومعه ولداه جلال الدين والآخر، فركب، وسار بهما، ثم دخل الخطا والعساكر إلى خيمته، فلم يجدوه، فنهبوا الخزائن والخيول، فيقال: إنه كان في خزائنه عشرة آلاف ألف دينار وألف حمل قماش أطلس وغيره. وكانت خيله عشرين ألف فرس وبغل، وله عشرة آلاف مملوك. فهرب ورَكِب في مركب صغير إلى جزيرة فيها قلعة ليتحصَّن بها، فأدركه الأجَلُ، فدفن على ساحل البحر، وهرب ولداه، وتفرقت الممالك بعده، وأخذت التتار البلاد, وقيل بعد فراغ جنكيزخان من سمرقند أرسل وراء خوارزم شاه، وكانوا عشرين ألفا فساروا وراءه فأدركوه وبينهم وبينه نهر جيحون وهو آمن بسببه، فلم يجدوا سفنًا فعملوا لهم أحواضًا يحملون عليها الأسلحة ويُرسِل أحدهم فرسه ويأخذ بذنَبِها فتجرُّه الفرس بالماء وهو يجر الحوضَ الذي فيه سلاحُه، حتى صاروا كلُّهم في الجانب الآخر، فلم يشعُرْ بهم خوارزم شاه إلا وقد خالطوه، فهرب منهم إلى نيسابور ثم منها إلى غيرها وهم في أثره لا يمهلونه يجمع لهم فصار كلما أتى بلدًا ليجتمع فيه عساكره له يدركونه فيهرب منهم، حتى ركب في بحر طبرستان وسار إلى قلعة في جزيرة فيه، فكانت فيها وفاته، وقيل إنه لا يعرف بعد ركوبه في البحر ما كان من أمره بل ذهب فلا يدرى أين ذهب، ولا إلى أي مفر هرب، وملكت التتار حواصله فوجدوا في خزانته ما لا يحصى، وقبل وفاة علاء الدين خوارزم شاه أوصى لابنه جلال الدين منكبرتي بالسلطة.

العودة الى الفهرس