الفتنة بين الفرنج والأرمن .

تفاصيل الحدث :

جمع البرنس الفرنجي، صاحب أنطاكية، جموعًا كثيرة وقصد الأرمن الذين في الدروب بلاد ابن ليون، فكان بينهم حربٌ شديدةٌ، وسَبَبُ ذلك أنَّ ابن ليون الأرمني، صاحِبَ الدروب، توفِّيَ قبلُ ولم يخلف ولدًا ذكرًا، إنما خلف بنتًا، فملَّكَها الأرمنُ عليهم، ثمَّ عَلِموا أنَّ المُلكَ لا يقومُ بامرأة، فزوجوها من ولد البرنس، فتزوجَّها، وانتقل إلى بلَدِهم، واستقَرَّ في الملك نحو سنة، ثم نَدِموا على ذلك، وخافوا أن يستولي الفرنجُ على بلادهم، فثاروا بابن البرنس، فقَبَضوا عليه وسجنوه، فأرسل أبوه يطلبُ أن يُطلَق ويعاد في المُلك، فلم يفعلوا، فأرسل إلى بابا ملك الفرنجِ برومية الكبرى يستأذنُه في قصد بلادهم، ومِلك روميَّة، فمنعه عنهم، فخالفه وأرسلَ إلى علاء الدين كيقباذ ملك قونية وملطية وما بينهما من بلاد المسلمين، وصالحه، ووافقه على قصدِ بلاد ابن ليون، والاتفاق على قصدها، فاتفقا على ذلك، وجمع البرنس عساكره ليسير إلى بلاد الأرمن، فخالف عليه الداوية والاسبتارية، وهما جمرة الفرنج، فدخل أطراف بلاد الأرمن، وهي مضايق وجبال وعْرة، فلم يتمكَّن مِن فِعلِ ما يريد، وأمَّا كيقباذ، فإنه قصدَ بلاد الأرمن من جهتِه، وهي أسهَلُ من جهة الشام، فدخلها سنة 622، فنهبها، وأحرقها، وحصر عِدَّة حصون، ففتح أربعةَ حصون، وأدركه الشتاءُ فعاد عنها، فلما سَمِعَ بابا ملك الفرنج برومية أرسل إلى الفرنج بالشام يُعلِمُهم أنَّه قد أصدر صك حرمان بحق البرنس، فكان الداوية والاسبتارية وكثيرٌ من الفرسان لا يحضُرونَ معه، ولا يسمعون قوله، وكان أهل بلاده، وهي أنطاكية وطرابلس، إذا جاءهم عيد يخرجُ من عندهم، فإذا فرغوا من عيدهم دخل البلد، ثم إنه أرسل إلى ملك رومية يشكو من الأرمن، وأنَّهم لم يطلقوا ولده، ويستأذنه في أن يدخلَ بلادَهم ويحاربَهم إن لم يطلقوا ابنه، فأرسل إلى الأرمن يأمرُهم بإطلاق ابنه وإعادته إلى الملك، فإن فعلوا وإلَّا فقد أذن له في قصدِ بلادهم، فلما بلغَتْهم الرسالةُ لم يطلقوا ولده، فجمع البرنس وقصد بلادَ الأرمن، فأرسل الأرمن إلى الأتابك شهاب الدين بحلب يستنجدونَه، ويخيفونَه من البرنس إن استولى على بلادِهم لأنها تجاور أعمال حلب، فأمدهم بجند وسلاح، فلما سمع البرنس ذلك صمم العزمَ على قصد بلادهم، فسار إليهم وحاربَهم، فلم يحصل على غرض، فعاد عنهم.

العودة الى الفهرس