قدوم بني رسول مع الأيوبيين إلى اليمن، واستيلاؤهم على اليمن .

تفاصيل الحدث :

قَدِمَ بَنو رَسولٍ اليَمنَ ضِمنَ الحَملةِ الأيُّوبيَّةِ إليها، فإنَّه لَمَّا استَوثَقَ المُلْكُ لبَني أيُّوبَ في مِصرَ لم يَزَلْ معهم عُصبةٌ مِن بَني رَسولٍ؛ لِعِلْمِهم بتَقدُّمِ مَنصِبِهم في المُلكِ وعُلوِّ هِمَمِهم وشدةِ بَسالَتِهم، فاجتَمع رأيُ بَني أيُّوبَ على تسييرِهم إلى اليَمنِ صُحبةَ المَلكِ المعظَّمِ تُورانْشاهْ بنِ أيُّوبَ، وكانَ دُخولُه اليَمنَ في سنةِ 569هـ، وتوالى مُلوكُ الأيُّوبيةِ على اليَمنِ، ولَمَّا توَلَّى المُلكُ العادِلُ أبو بَكرِ بنُ أيُّوبَ المُلكَ في مِصرَ أرسَلَ ابنَ ابنِه المَلكَ المَسعودَ صلاحَ الدِّينِ يُوسفَ إلى اليَمنِ، فاستَولى على اليَمنِ بأسْرِها، وأنِسَ ببَني رَسولٍ ووَثِقَ بهم، ووَلَّاهمُ الوِلاياتِ الجليلةَ، وتجهَّزَ المَلكُ المَسعودُ إلى مِصرَ، وتركَ في اليَمنِ نورَ الدِّينِ عُمَرَ بنَ علِيِّ بنِ رَسولٍ نائبًا نيابةً عامةً، وفي سنةِ 626هـ تُوفِّي المَلكُ المَسعودُ، وتملَّكَ اليَمنَ بعدَه نائِبُه نورُ الدِّينِ عُمَرُ بنُ علِيٍّ الرَّسوليُّ، وبعدَ أن تمكَّنَ مِنَ احتِواءِ مُناهِضيه، وبَسَط نفوذَه على مُعْظمِ بِلادِ اليَمنِ، استَقلَّ باليَمنِ عن بَني أيُّوبَ سنةَ 628هـ، ولُقِّبَ بالمَنصورِ، واتَّخَذَ مِن تَعِزَّ عاصمةً له، وأخَذَ في تَثبيتِ مُلكِه، وإخمادِ الحَركاتِ الِانفِصاليةِ، وطَرَدَ العَساكرَ المِصريةَ عن مَكةَ والحِجازِ، وراسَلَ الخَليفةَ العباسيَّ المُستَنصِرَ باللهِ سنةَ 631هـ لِيكونَ تابِعًا لِدارِ الخِلافةِ العباسيةِ، وفي سنةِ 647هـ، اغتيلَ السُّلطانُ نورُ الدِّينِ على يَدِ جَماعةٍ مِن مماليكِه، بتدبيرٍ مِنَ ابنِ أخيه أسدِ الدِّينِ محمدِ بنِ الحَسَنِ بنِ علِيِّ بنِ رَسولٍ، وكانَ الوَضعُ بعدَ مَقتَلِه يُنذِرُ بالانقِسامِ والتَّفكُّكِ، حيث بدأ الصِّراعُ في البَيتِ الرَّسوليِّ على الحُكمِ بينَ أبناءِ نورِ الدِّينِ وبَينَهم وبينَ أبناءِ عُمومَتِهم، ومِن جِهةٍ أُخرى استَغلَّ الإمامُ الزَّيديُّ أحمدُ بنُ الحُسَينِ الوَضعَ الداخليَّ المُضطرِبَ في الدَّولةِ الرَّسوليةِ، واستَولى على صَنعاءَ، فتَحرَّكَ السُّلطانُ المظَفَّرُ يُوسفُ بنُ عُمَرَ، فجَمَعَ جُندَه وأحكَمَ قَبضَتَه على السُّلطةِ في اليَمنِ بشكلٍ كاملٍ في سنةِ 648هـ، وفي عَهدِه بَسَطت الدولةُ الرَّسوليةُ نُفوذَها على إقليمِ حَضرَموتَ، وبَعضِ المَناطِقِ الواقعةِ في جَنوبِ سَلطنةِ عُمانَ في الوَقتِ الحاليِّ، مِثلَ ظَفارِ وغَيرِها، ثم تُوفِّي السُّلطانُ المظَفَّرُ سنةَ 694هـ، وقام الصِّراعُ بينَ أبنائِه، وتوالى سَلاطينُ الدولةِ الرسوليةِ، حتى جاءَ عَهدُ السُّلطانِ المُجاهِدِ سنةَ 721هـ وتَفكَّكتِ الدولةُ الرسوليةُ في أيامِه؛ نتيجةَ صِراعاتِ البَيتِ الرَّسوليِّ، واستَغلَّ الأئِمةُ الزيديةُ ذلك واستَوْلَوْا على العَديدِ مِنَ المناطقِ والمُدنِ اليَمنيةِ، كانَ مِن أبرَزِها استيلاؤُهم على صَنعاءَ سنةَ 723هـ، ثم تولَّى السُّلطانُ الأفضلُ بعدَ وفاةِ أبيه السُّلطانِ المُجاهِدِ سنةَ 764هـ، وقد وَرِثَ دولةً آيلةً لِلانهيارِ، فحاوَلَ استِعادةَ نُفوذِ الدَّولةِ الرَّسوليةِ، والقَضاءَ على الثَّوَراتِ الداخليةِ، وتَلاه على ذلك عَددٌ مِن سَلاطينِ الدولةِ الرسوليةِ، مُحاولينَ تَرتيبَ أُمورِ الدولةِ وتَوفيرَ الأمنِ والاستِقرارِ، وذلك بإخضاعِ المَناطِقِ والقَبائِلِ الثائِرةِ، حتى جاءَ عَهدُ السُّلطانِ الناصِرِ الذي استَطاعَ إقرارَ أوضاعِ البِلادِ الداخليةِ، واستَعادَ قُوَّةَ الدَّولةِ وهَيبَتَها، ورَغمَ ذلك تُعَدُّ وَفاتُه بدايةَ عهدِ المُلوكِ الضُّعفاءِ في الأُسرةِ الرسوليةِ، والانحدارِ بالنسبةِ لِلدَّولةِ الرسوليةِ، إلى أنِ استَغلَّ الطاهريُّون الخِلافاتِ بينَ الأُسرةِ الرسوليةِ الحاكِمةِ؛ لِيُسيطِروا على عَدَنٍ ولَحْجٍ، وبحُلولِ عامِ 855هـ أعلنوا أنفُسَهمُ الحُكامَ الجُددَ لِليَمنِ.

العودة الى الفهرس