إقامة الجمعة في الجامع الأزهر بعد أن انقطعت عنه زمنا طويلًا .

تفاصيل الحدث :

أُقيمَت الجمعةُ بالجامع الأزهر من القاهرة، وكانت قد بطلت منه منذ ولي قضاء مصر صدرُ الدين عبد الملك بن درباس، عن السلطان صلاحِ الدين يوسف بن أيوب، وقد ظَلَّ كذلك إلى أن سكن الأميرُ عز الدين أيدمر الحلي بجواره، فانتزع كثيرًا من أوقاف الجامع كانت مغصوبة بيد جماعة، وتبرع له بمالٍ جزيل، واستطلق له مِن السلطان الظاهر بيبرس مالًا، وعَمَرَ الواهيَ من أركانه وجدرانه، وبيَّضَه وبلَّطَه ورمَّم سقوفه، وفَرَشه واستجَدَّ به مقصورةً وعَملَ فيه منبرًا، فتنازع الناسُ فيه هل تصح إقامة الجمعة فيه أم لا، فأجاز ذلك جماعةٌ من الفقهاء، ومنع منه قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب بن بنت الأعز وغيره، فشكى الحليُّ ذلك إلى السلطان، فكلم فيه قاضي القضاة فصَمَّم على المنع، فعَمِلَ الحلي بفتوى من أجاز ذلك وأقام فيه الجمعة، وسأل السلطانَ أن يحضُرَ فامتنع من الحضور ما لم يحضُرْ قاضي القضاة، فحضَرَ الأتابك والصاحب بهاء الدين وعِدَّة من الأمراء والفقهاء، ولم يحضُر السلطان ولا قاضي القضاة تاج الدين، وعَمِلَ الأمير بدر الدين بيليك الخازندار- ممسك خزانة المال- بالجامع مقصورةً، ورتَّبَ فيها مدرِّسًا وجماعةً مِن الفقهاء على مذهب الشافعي، ورتب محدِّثًا يُسمِعُ بالحديث النبوي والرقائق، ورتَّبَ سبعةً لقراءة القرآن العظيم، وعَمِلَ على ذلك أوقافًا تكفيه، إلَّا أن ابن كثير قال: "في ثاني عشر ربيع الأول صلى الظاهر بالجامع الأزهر الجمعة، ولم يكن تقامُ به الجمعة من زمن العبيديين إلى هذا الحين، مع أنه أول مَسجدٍ بني بالقاهرة، بناه جوهرٌ القائدُ وأقام فيه الجمعةَ، فلما بنى الحاكِمُ جامِعَه حَوَّل الجمعةَ منه إليه، وترك الأزهرَ لا جمعةَ فيه، فصار في حكم بقية المساجِدِ وشَعِثَ حالُه وتغيَّرَت أحواله، فأمر السلطانُ الظاهر بيبرس بعمارتِه وبياضِه وإقامةِ الجمعة"

العودة الى الفهرس