مقتل الشيخ خضر بن أبي بكر المهراني .

تفاصيل الحدث :

هو الشيخ خضر بن أبي بكر المهراني العدوي وهو شيخ السلطان الظاهر بيبرس، كان حظيًّا عنده مُكرَّمًا لديه، له عنده المكانة الرفيعة، كان السلطان ينزل بنَفسِه إلى زاويته التي بناها له في الحُسَينية، في كل أسبوع مرة أو مرتين، وبنى له عندها جامعًا يخطب فيه للجمعة، وكان يعطيه مالًا كثيرًا، ويطلق له ما أراد، ووقف على زاويته شيئًا كثيرًا جِدًّا، وكان معظَّمًا عند الخاص والعام بسبب حبِّ السلطان وتعظيمه له، وكان يمازِحُه إذا جلس عنده، وكان فيه دينٌ وصلاح. كان صاحب حالٍ ونفس قوية، وكان يتكهَّن كحالِ الكهان، وله مكاشفات يخبر بها الظاهِرُ؛ ولهذا كان السلطانُ يقَرِّبُه، أخبر الظاهر بسلطنَتِه قبل وقوعِها، فلهذا كان يعظِّمُه ويزوره ويُطلِعُه على غوامِضِ أسراره ويستصحِبُه في أسفاره، سأله وهو محاصِرٌ أرسوف: متى تؤخَذُ؟ فعين له اليومَ، فوافق ذلك، وكذلك صفد وقيسارية, ولما عاد إلى الكرك سنة خمس وستين استشاره في قَصدِها، فأشار عليه ألَّا يقصدها ويتوجه إلى مصر، فخالفه وتوجَّه فوقع عند بركة زيزا وانكَسَرَت فَخِذُه, وقال في بعلبك والظاهِرُ على حصن الأكراد: يأخذُه السلطان بعد أربعين يومًا، فوافق ذلك. وقد دخل الشيخ خضر مرة كنيسة القمامة بالمقدس فذَبَحَ قِسِّيسَها بيده، ووهب ما فيها لأصحابِه، وكذلك فعَلَ بالكنيسة التي بالإسكندرية وهي من أعظم كنائِسِهم، نهبها وحوَّلها مسجدًا ومدرسة أنفق عليها أموالًا كثيرةً مِن بيت المال، وسَّماها المدرسة الخضراء، وكذلك فعل بكنيسة اليهود بدمشق، دخلها ونهب ما فيها من الآلات والأمتعة، ومد فيها سماطًا، واتخذها مسجدًا مُدَّةً، ثم سعوا إليه في رَدِّها إليهم وإبقائها عليهم، ثم اتفق في هذه السنة أنه وقعت منه أشياءُ أُنكِرَت عليه وحُوقِقَ عليها عند السلطان الظاهر، فظهر له منه ما أوجب سجنه، كاللُّواط والزِّنا وغيره، وقيل مخالطته لبنات الأمراءِ حتى أصبَحْنَ لا يستَتِرْنَ منه فافتتَنَ بهن ووقع منه القبائِحُ، فأمر السلطان بإعدامِه، فقال له إن بيني وبينك أيامًا قلائل، فسجنه من عام 671هـ إلى هذا العام، فأمر بقَتلِه، وكانت وفاته في هذه السنة، ودُفِنَ بزاويته سامحه الله، وقد كان السلطانُ يحبُّه محبة عظيمة حتى إنه سمى بعض أولاده خضرًا موافقة لاسمه، وإليه تُنسَبُ القبة التي على الجبل غربي الربوة التي يقال لها قبة الشيخ خضر.

العودة الى الفهرس