مقتل الملك المظفر بيبرس الجاشنكيري المخلوع .
- العام الهجري :709
- الشهر القمري : ذي القعدة
- العام الميلادي :1310
تفاصيل الحدث :
هو المَلِكُ المظَفَّر رُكنُ الدين بيبرس البرجي الجاشنكير- متذوِّق طعام السلطان- المنصوري. كان يُعرَف بالعثماني كان أبيضَ أشقرَ مُستدير اللحية، فيه عقل ودِينٌ، وله أموالٌ لا تحصى، وله إقطاعٌ كبيرٌ فيه عدَّة إقطاعات لأمراءَ، كان أستاذ دار الملك الناصر محمد بن قلاوون وسلار نائبًا فحَكَما في البلاد وتصَرَّفا في العباد، وللسُّلطانِ الاسمُ لا غير، وكان نواب الشام خوشداشية- زملاء مهنته- الجاشنكير وحزبه من البرجيه قويًّا، فلما توجه الملك الناصر إلى الحجاز ورَدَّ من الطريق إلى الكرك وأقام بها، لَعِبَ الأميرُ سيف الدين سلار بالجاشنكير وسَلْطَنَه وسُمِّيَ بالملك المظَفَّر، وفَوَّضَ الخليفةُ إليه ذلك وأفتى جماعةٌ من الفقهاء له بذلك، وكُتِبَ تقليدُه وركب بخِلعةِ الخلافةِ السَّوداء والعمامة المدوَّرة والتقليد على رأسِ الوزير، وناب له الأمير سيف الدين سلار واستوسق له الأمر، فأطاعه أهل الشام ومصر وحلفوا له في شوال سنة ثمانٍ وإلى وسط سنة تسع، فغضب منه الأمير سيف الدين برلغي وجماعةٌ من الخاصكية نحو المائة وخامروا عليه إلى الكرك، فخرج السلطان الناصر بن قلاوون المخلوع من الكرك وحضر إلى دمشقَ وسار في عسكر الشام إلى غزَّة، فجَهَّز المظفر يزكا- طلائع- قَدَّمَ عليهم الأميرَ سيفَ الدين برلغي فخامر إلى الناصر فذَلَّ المظَفَّر وهرب في مماليكه نحو الغرب, فلما خرج الأميرُ سيف الدين قراسنقر المنصوري من مصر متوجِّهًا إلى نيابة الشام عِوَضًا عن الأفرم، فلمَّا كان بغزَّة في سابع ذي القعدة ضرب حلقةً لأجل الصيد، فوقع في وسَطِها بيبرس الجاشنكير في ثلاثمائةٍ من أصحابه فأُحيطَ بهم وتفَرَّقَ عنه أصحابه فأمسكوه ورجع معه قراسنقر وسيف الدين بهادر على الهجن، فلما كان بالخطارة تلقَّاهم استدمر فتسَلَّمَه منهم، ورجعا إلى عسكَرِهم، ودخل به استدمر على السُّلطانِ فعاتبه ولامه، وكان آخِرَ العهد به، فقُتِلَ ودُفِنَ بالقرافة ولم ينفَعْه شَيءٌ ولا أمواله، بل قُتِلَ شَرَّ قِتلةٍ، حيث أحضره السلطانُ فقَرَّره بكلِّ ما فعله من شنائِعَ على السلطان وهو يقِرُّ بذلك، ثمَّ أمَرَ به فخُنِقَ بين يديه بوَتَرٍ حتى كاد يَتلَف، ثمَّ سَيَّبَه حتى أفاق، وعنَّفَه وزاد في شَتمِه، ثم خنَقَه ثانيًا حتى مات، وأنزل على جنوية إلى الإسطبل السلطاني فغُسِّلَ ودُفِنَ خلف قلعةِ الجبل، وذلك في ليلةِ الجمعة خامس عشر ذي القعدة، وكانت أيام المظفَّر هذا في سلطنة مصر عشرة أشهر وأربعة وعشرين يومًا لم يتهَنَّ فيها من الفِتَنِ والحركةِ!!
العودة الى الفهرس