الإفراج عن الخليفة العباسي ثم نفيه إلى بلاد قوص .

تفاصيل الحدث :

أُفرِجَ عن الخليفة من سِجنه بالقلعة يوم الأربعاء من ربيع الأول، فكانت مُدَّةُ اعتقاله خمسة أشهر وسبعة أيام، ثم أُمِرَ به فأخرج إلى قوص، ومعه أولادُه وابنُ عَمِّه، وكُتِبَ لوالي قوص أن يحتَفِظَ بهم، وكان سَبَبُ ذلك أن السلطان لما نزل عن المُلكِ في سنة 708، وحصل الاجتماعُ على المظَفَّر بيبرس وقَلَّدَه المستكفي بالسلطنة، نَقَمَها عليه السلطانُ النَّاصِرُ وأسَرَّها له، ثم لما قام السلطانُ لاسترجاع مُلكِه، جَدَّد المستكفي للمظَفَّر الولاية، ونُسِبَت في السلطان أقوالٌ إليه حَمَلت السلطان على التحامُل عليه، فلما عاد السلطانُ إلى الملك في سنة 709 أعرض عن المستكفي كلَّ الإعراض، ولم يزَلْ يكَدِّرُ عليه المشارب حتى تَرَكه في برج بالقلعة في بَيتِه وحَرَمِه وخاصَّتِه، فقام الأميرُ قوصون في أمره، وتلَطَّف بالسلطان إلى أن أنزله إلى داره، ثم نُسِبَ إلى ابنه صَدَقة أنه تعَلَّق ببعض خاصة السلطان، وأن ذلك الغلام يتردَّدُ إليه، فنُفِيَ الغلام وبلغ السلطان أنَّه هو يكثر من اللهو في داره التي عَمَرها على النيل بخَطِّ جزيرة الفيل، وأن أحد الجمدارية- حامل ملابس السلطان- يقال له أبو شامة جميل الوجهِ ينقطع عنده ويتأخَّرُ عن الخدمة، فقُبِضَ على الجمدار وضُرب، ونفي إلى صفد، وضُرِبَ رجل من مؤذني القلعة- اتُّهِمَ أنه كان السفير بين الجمدار وبين الخليفة- حتى مات، واعتُقِلَ الخليفة، ثمَّ لَمَّا أُفرِجَ عنه اتُّهِمَ أنه كتب على قصة رُفِعَت إليه "يحمل مع غريمه إلى الشرع"، فأحضره السلطان إلى القلعة ليجتَمِعَ به بحضرة القضاء، فخيله قاضي القضاة جلال الدين القزويني من حضوره أن يَفرُطَ منه كلامٌ في غَضَبِه يَصعُبُ تَدارُكُه، فأعجَبَ السلطان ذلك، وأمر به أن يخرُجَ إلى قوص، فسار بصحبة الأمير سيف الدين قطلوا تمرقلي في يوم السبت تاسع عشر ذي الحجة، بجميع عيالِه وهم مائة شخص، وكان مُرَتَّبُه في كل شهر خمسة آلاف درهم، فعُمِلَ له بقوص ثلاثة آلاف درهم، ثم استقَرَّ ألف درهم، فاحتاج حتى باع نساؤُه ثيابَهنَّ.

العودة الى الفهرس