طاعون حاد في مصر .

تفاصيل الحدث :

في هذا الشهر وقع الوباء بالطاعون ببلاد الصعيد من أرض مصر، وفي شهر رمضان كانت عدة الأموات التي رُفِعت بها أوراق مُباشِري ديوان المواريث بالقاهرة ثمانية عشر إنسانًا، وتزايدت عدتُهم في كل يوم حتى فشا في الناس الموتُ بالطاعون في القاهرة ومصر، لا سيما في الأطفال والإماء والعبيد؛ فإنهم أكثر من يموت موتًا سريعًا، ثم شنعت الأخبار بكثرة من يموت، وسرعة موتهم، وشناعة الموتان أيضًا ببلاد الواحات من أرض مصر، ووقوعه قليلًا بصعيد مصر، وقد شنع الموت بالدُّور السلطانية في أولاد السلطان الذكور والإناث، وفي حظاياه وجواريه، وجواري نسائه، وفي الخدَّام الطواشية، وشنع الموت في مماليك السلطان سكان الطباق، حتى لقد مات منهم في هذا الوباء نحو آلاف، ومات من الخُدَّام الخصيان مائة وستون طواشي، ومات من الجواري بدار السلطان زيادة على مائة وستين جارية، سوى سبع عشرة حظية وسبعة عشر ولدًا، ذكورا وإناثًا، وشنع الموت أيضًا في الناس بالقاهرة ومصر وما بينهما، وفي سكان قلعة الجبل، وفي بلاد الواحات والفيوم، وبعض بلاد الصعيد، وبعض الحوف بالشرقية، ووقع الطاعون في الغنم والدواب، ووُجِد في النيل سمك كثير طافٍ قد مات من الطاعون، وأما الطاعون فإنه ابتدأ بالقاهرة من أول شهر رمضان، وكثر في شوال حتى تجاوز عدة من يُصلَّى عليه في مصلى باب النصر كل يوم أربعمائة ميت، سوى بقية المصلَّيات وعدتها بضع عشرة مُصلًّى، ومع ذلك فلم تبلغ عدة من يُرفَع في أوراق ديوان المواريث قط أربعمائة، وسببه أن الناس أعدوا توابيتَ للسبيل، ومعظم من يموت إنما هم الأطفال والإماء والعبيد، فلا يحتاج أهلُهم إلى إطلاقهم من الديوان، وفي شهر ذي الحجة والذى قبله فشا الموت بالطاعون في الإسكندرية، ودمياط، وفوه، ودمنهور، وما حول تلك الأعمال؛ فمات بها عالم كبير، وتجاوزت عدة من يموت بالإسكندرية في كل يوم مائة إنسان.

العودة الى الفهرس