عقد صلح بين بني وطاس والسعديين لإنهاء حالة الحرب بينهما .

تفاصيل الحدث :

لما رأى أهل المغرب ما وقع بين السلطان أبي العباس أحمد الوطاسي صاحب فاس وأبي العباس أحمد السعدي المعروف بالأعرج صاحب مراكش من الاقتتال على الملك، والتهالك عليه، وفناء الخلق بينهم- دخلوا في الصلح بينهم والتراضي على قسمة البلاد، وحضر لذلك جماعةٌ من العلماء والصلحاء، منهم أبو حفص عمر الخطاب، وأبو الرواين المحجوب، وكان صاحب حالٍ وجذبٍ، فجعل الناس يوصونه بالسكوت مخافةَ أن يُفسِدَ عليهم أمرَهم، فلما دخلوا على أبي العباس الأعرج السعدي وأخيه ووزيره محمد الشيخ وتكلموا فيما جاؤوا لأجله، وجدوا فيهما شدةً وغلظة وامتناعًا من مساعدتهم على ما أرادوا، فحلف أبو حفص الخطاب لا دخلوها يعني فاسًا ما دمتُ على وجه الأرض فما دخلها السعديون حتى مات بعد مدة, وقد أُبرِمَ الصلح بين الطائفتين على أنَّ للسعديين من تادلا إلى السوس، ولبني وطاس من تادلا إلى المغرب الأوسط، وإن ممن حضر الصلح قاضيَ الجماعة بفاس أبا الحسن علي بن هارون المطغري، والإمامَ الشهير أبا مالك عبد الواحد بن أحمد الوانشريسي وغيرهما من مشايخ فاس, ولما تواطأت كلمةُ الحاضرين على الصلح وعقدوا شروطه وهدأت الأصوات وسكن اللجاج، أُتى بدواة وقرطاس ليكتب الصلح, فوضعت الدواةُ بين يدي أحد الفقهاء الحاضرين فوجم وانقبض ودفعَها عن نفسه استحياءً في ذلك المحفل أن يكتُب, فأنشأ أبو مالك الوانشريسي في الحين خطبةً بليغة ونسج الصلحَ على منوال عجيب، واخترع أسلوبًا غريبًا تحير فيه الحاضرون، وعجبوا من ثبات جأشه وجموم قريحته في مثل ذلك المشهد العظيم الذي تخرس فيه ألسن الفصحاء هيبةً وإكبارًا! فقام قاضي الجماعة وقبَّله بين عينيه، وقال: جزاك الله عن المسلمين خيرًا.

العودة الى الفهرس