الدولة العثمانية وتوقيع معاهدة كوجك قاينارجة مع روسيا .

تفاصيل الحدث :

كانت الدولة العثمانية قد دخلت في حرب طاحنة دامت ست سنوات مع روسيا من 1181 إلى 1187هـ/ 1768 – 1774م، مُنِيَت فيها الدولة العثمانية بهزائِمَ أليمة، أجبرتها على عَقدِ معاهدة مخزية في 13 من جمادى الأولى من هذه السنة, وهي المعروفة باسم معاهدة كيتشوك كاينارجي، أو "كوجك قينارجه" في مدينة قينارجة في بلغاريا على البحر الأسود، استطاعت روسيا من خلالِ هذه المعاهدةِ أن تحقِّق نصرًا عظيمًا على العثمانيين؛ حيث حقَّقت فيه آمالَها بأن يتحوَّل البحرَ الأسودَ مِن بحيرة عثمانية خالصة إلى بحيرة عثمانية روسية، أصبحت الملاحةُ الروسيةُ تتمتع بحُرِّية التنقُّل في البحر الأسود دون قيدٍ أو شرط. وقد تضمَّنت المعاهدة 28 مادة، ومادتين منفصلتين، وعدة شروط، منها: أن يحصُلَ الروس على حَقِّ رعاية السكان الأرثوذكس في البلاد العثمانية، وكان من شأنِ هذا البند أن تتدخَّل روسيا في شؤون الدولة العثمانية بصورة مستمرة. في لقاءِ قيصر روسيا والسفير الإنجليزي، لم تكتف روسيا بما حصَلَت عليه من مكاسِبَ من الدولة العثمانية، وإنما امتَدَّ بصرها إلى تمزيق الدولة، وتوزيع ممتلكاتها, ومن بنود المعاهدة إزالةُ العداوة بين الدولة العثمانية وروسيا، وحلولُ الصلح، وصيانةُ الاتفاقات من التغيير، والعفوُ عن الجرائم التي اقترفها رعايا الطرفين. عدمُ حماية الرعايا الملتَجِئين أو الفارِّين أو الخَوَنة ضمِن الشروط. اعتراف الطرفين بحرية بلاد القرم بلا استثناءٍ واستقلالها، ولهم الحريةُ التامة بانتخاب خان لهم دون تدخُّل، ولا يؤدون ضريبة. وباعتبارهم مسلمين فإنَّ أمورهم المذهبية تُنَظَّم من قبل السلطان بمقتضى الشريعة الإسلامية. سحب القوات العثمانية من القرم وتسليم القلاع، وعدم إرسال جنودٍ أو محافظ عسكريٍّ. حرية كل دولة في بناء القلاعِ والأبنية والتحصينات وإصلاحِ ما يلزم منها. تعيينُ سفير روسي في الأستانة من الدرجة الثانية، والاعتذارُ له رسميًّا عما يحدث من خلل. تعهُّد الدولة العثمانية بصيانةِ الحقوق والكنائس النصرانية في أراضيها، ومنح الرخصة من الخَلَل. حرية زيارة رُهبان روسيا للقُدسِ والأماكن الأخرى التي تستحِقُّ الزيارة مُرَخَّصٌ بها دون دفع جزيةٍ أو خراجٍ، ويُعطَون التسهيلات والحماية أثناء ذلك. حريةُ الملاحة للرُّوس في كافة الموانئ العثمانية في البحرين الأبيض المتوسط والأسود مضمونةٌ، وكذلك حريةُ تجارة الرعايا الروس في البلاد العثمانية برًّا وبحرًا مكفولةٌ، وللتجارِ الروس حريةُ الاستيراد منها والتصدير إليها والإقامة فيها. ويحقُّ لروسيا تعيينُ القناصل في كافة المواقع التي تراها مناسبة. يجب على الدولة العثمانية التعهُّدُ ببذل جهدِها في كفالة حكومات الولايات الإفريقية إذا ما رغب الروسُ بعقد معاهدات تجارية فيها. يحقُّ للروس بناء كنيسة على الطريق العام في محلةٍ بكل أوغلي في غلطة بإستانبول غير الكنيسة المخصِّصة، وتكون تحت صيانة سفير روسيا، وتؤمَّنُ الصيانة الكاملة لها والحراسةُ التامة خوفًا من التدخل. إعادةُ بعض المناطق للدولة العثمانية من روسيا بشروط: منها العفوُ العام عن أهاليها، وحريةُ النصارى منهم من كافةِ الوجوه، وبناءُ كنائس جديدة، ومنح امتيازات للرهبان، وحرية الهجرة للأعيان، وعدم التعرُّض لهم، وإعفاؤهم من تكاليف الحرب والجزية. يرُدُّ الروس جزائر البحر الأبيض المتوسط التي هي تحتَ حُكمِهم للدولة العثمانية التي يجِبُ أن تعفو عن أهلِها وتعفيهم من الرسومِ السنوية وتمنَحَهم الحرية الدينية وترخِّصَ لِمن يريد منهم ترك وطنهم. كما ذُكِرَت بنود أخرى تتعلَّقُ ببعض المناطق في القرم، وبتدابير الانسحاب، وإخلاء الأفلاق والبوجاق والبغدان، وبتسريح الأسرى، وتعيين السُّفراء من أجل المصالحةِ، وتعهدت الدولة العثمانية بتأدية خمسة عشر ألف كيسًا لروسيا في مدة ثلاث سنين يُدفَعُ منها في كل سنة قِسطٌ، وهو خمسة آلاف كيس!!

العودة الى الفهرس