وَفاةُ الشَّاعِرَيْن الفَرَزدَق وجَرير .

تفاصيل الحدث :

الفَرَزدَق هو هَمَّام بن غالِب التَّميمِي أبو فِراس، له مَواقِف وأَشعار في الذَّبِّ عن آلِ البَيتِ، كان غالِبَ شِعْرِه الفَخْرُ، تُوفِّي وعُمُرُه يُقارِب المِائة. وجَدُّهُ صَعْصَعَة بن ناجِيَة صَحابِيٌّ، وَفَدَ إلى رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وكان يُحْيِي المَوْءُودَة في الجاهِلِيَّة. قال: الفَرَزدَق وَفَدْتُ مع أبي على عَلِيٍّ، فقال: مَن هذا؟ قال: ابني وهو شاعِرٌ. قال: عَلِّمْهُ القُرآنَ فهو خَيْرٌ له مِن الشِّعْرِ. قال الفَرَزدَق: نَظَر أبو هُريرةَ إلى قَدَمي فقال: يا فَرَزدَق إنِّي أَرَى قَدَمَيك صَغِيرتَين، فاطْلُب لَهُما مَوْضِعًا في الجَنَّة. فقلتُ: إنَّ ذُنوبي كَثيرَة. فقال: لا تَيْأَس. و لمَّا سُئِلَ عن قَيْدٍ في رِجْلِه قال: حَلَفْتُ أن لا أَنْزَعَه حتَّى أَحفَظَ القُرآنَ. قال له بَعضُهم: ألا تَخافُ مِن الله في قَذْفِ المُحْصَنات؟ فقال: واللهِ للهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِن عَيْنَيَّ اللَّتَيْنِ أُبصِرُ بهما، فكيف يُعَذِّبُني؟. أمَّا جَرير فهو جَريرُ بن عَطِيَّة بن الخَطَفِيِّ، أبو حَزْرَةَ، الشَّاعِر البَصْرِي. اشْتَهَر جَريرٌ بِرِقَّةِ شُعورِه وحُسْنِ خُلُقِه. سَمَّتْهُ أُمُّهُ جَريرًا -وهو الحَبْلُ الغَليظُ- لأنَّ أُمَّهُ رَأتْ وهي حامِل به أنَّها وَلَدَتْ جَريرًا يعني الحَبْلَ، فسَمَّتْهُ بذلك، تُوفِّي وهو ابنُ اثنين وثمانين عامًا، وكان في عَصْرِه مِن الشُّعَراء الذين يُقارَنون به الفَرَزدَق، والأَخْطَل، وكان بين الثَّلاثة تَناظُر بالأَشْعار وتَساجُل، وكان جَريرٌ أَشْعَرَهُم وأَخْيَرَهُم. لمَّا مات الفَرَزدَق وبَلَغ خَبرُه جَريرًا بَكَى وقال: أمَّا والله إنِّي لأَعلَمُ أنِّي قَليلُ البَقاءِ بَعدَه، ولقد كان نَجْمًا واحِدًا وكُلُّ واحِد مِنَّا مَشغولٌ بِصاحِبِه، وقَلَّما مات ضِدٌّ أو صَديقٌ إلَّا وتَبِعَهُ صاحِبُه. وكذلك كان، مات جَريرٌ بَعدَه بِأَشهُر.

العودة الى الفهرس