إنشاء مدرسة القضاء الشرعي بمصر .

تفاصيل الحدث :

ساءت أحوالُ المحاكم الشرعيةِ في مصر، بعد أن بدأ محمد علي باشا وخلفاؤه في تغييرِ الوضع القضائي المستقِرِّ في البلاد منذ مئات السنين، بإيجاد كيانٍ جديدٍ لا يعتَمِدُ على القضاء الشرعيِّ، بل يتَّجِهُ إلى التَّقنين الأوربيِّ الحديث، وانحصر دورُ المحاكم الشرعية في نظَرِ قضايا الأحوال الشخصيَّة والمواريث والوقفِ، وتسلَّل إليها الفسادُ بعد أن أدارت لها الدولةُ ظَهرَها ولم تقَدِّمْ إليها يدَ العون. وظل الأمرُ على هذا النحو من الإهمال إلى أن قامت نظارةُ الحقانية (العدل) بانتدابِ محمد عبده لتفَقُّد أحوال المحاكِمِ الشرعية، ومعرفة أدوائها، ووضْعِ أفضلَ السبل لعلاجِها. فقدَّم تقريرًا لِما وصلت إليه أحوالُ تلك المحاكِمِ من سوء الحال في الأماكِنِ والمباني والأثاث، وضَعْف في مستوى القُضاة والكَتَبة، وقصورِ المرافعاتِ فيها. وفي الوقتِ نفسِه كشَفَ التقريرُ عن تقصير الحكومةِ تجاه هذه المحاكِمِ، وإهمالها لشأنها حتى وصلت إلى ما هي عليه من ضَعفٍ وفسادٍ. وتضَمَّن التقريرُ وسائل النهوض بتلك المحاكِمِ مِن توسيع اختصاصاتِها، وعدمِ تقييدها في إصدارِ الأحكامِ بالمذهبِ الحنفيِّ، والنهوض بمستوى القُضاة وتحسين مرتَّباتهم، وانتقاء العناصِرِ الجيدة للعمل في هذا الميدان، وتسهيلِ إجراءات التقاضي، وخُتِمَ التقريرُ بطلب إنشاء معهدٍ خاص يُختارُ طَلَبتُه ممن يدرسونَ في الأزهر، ويُعَدَّوُن إعدادا خاصا لتولي منصب القضاء. ثمَّ تشكَّلت لجنةٌ برئاسة ناظر الحقانية (وزير العدل) وعضوية قاضي البلاد، وشيخ الجامع الأزهر، والمفتي، وأحد أعضاء محكمة مصر العليا؛ للنظر في التقرير, فصدر منشورٌ في 16 صفر بإنشاء مدرسةِ القضاء الشرعي، وانقسمت المدرسةُ إلى قسمين: الأول: لتخريج الكَتَبة، والثاني: لتخريجِ القُضاة والمحامين. وظلت المدرسةُ قائِمةً حتى ألغيت في سنة (1347هـ / 1928م) وأُلحِقَت بالجامعة الأزهرية الناشئة.

العودة الى الفهرس