انسحاب الدولة العثمانية من الحرب الليبية وتوقيع معاهدة مع إيطاليا .

تفاصيل الحدث :

بعد أن أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية، وهي الحرب التي عُرِفت بالحرب الإيطالية - الطرابلسية. حاصر الأسطول الإيطالي مدينةَ طرابلس الغرب مدةَ ثلاثة أيام، بعدها سقطت المدينةُ بيد المستعمرين الإيطاليين. ولم تتوفر للمقاومة الشعبية القوة اللازمة لقهر الإيطاليين ورَدِّهم على أعقابهم. كما لم تكن قدرةُ الدولة العثمانية القتالية بالمستوى المطلوب، ولم تكن القوة بين الطرفين متكافئة، ورغم المقاومة العثمانية المحلية التي قادها السنوسيون إلا أن الإيطاليين تمكنوا من احتلال ليبيا عام 1911م. وأثناء الحرب -وكوسيلة ضغط على الدولة العثمانية- نقل الإيطاليون الحرب ضِدَّ مواقع عثمانية أخرى، فضرب الأسطول الإيطالي مينائَي بيروت والحديدة. واحتلوا جزيرة رودس في البحر الأبيض المتوسط، ثم احتلُّوا مجموعة جزر الدوديكانيز. وهاجمت السفنُ الإيطالية الحربية ممَرَّ الدردنيل وغير ذلك من المواقع العثمانية الأخرى. ورأت الدولةُ العثمانية أنها وقعت في حرب لا قدرةَ لها عليها. ولاحت في الأفق بوادِرُ حرب جديدة ضِدَّ الدولة العثمانية في البلقان. فاضطرت الدولةُ العثمانية إلى قبول المفاوضات مع الإيطاليين، وأمام الأزمات الداخلية والعسكرية والاقتصادية التي مرَّت بها الدولة العثمانية رأت حكومةُ مختار باشا الغازي أن تصِلَ بالمفاوضات مع إيطاليا إلى نتيجة حاسمة، فأرسلت وزيرَ الزراعة العثماني وزوَّدته بصلاحيات واسعة، وتم الاتفاق على عقد معاهدة صلح بين الدولة العثمانية والحكومة الإيطالية في 18 أكتوبر عام 1912م بعد توسُّط من قِبَل حكومة بريطانيا، وقد عُرِفَت تلك المعاهدة باسم معاهدة أوشي لوزان. وقد حوت إحدى عشرة مادة. تعهَّدت فيها الدولتان بإيقاف حالة الحرب بينهما، وسحْب القوات من جبهات القتال، فتسحب الدولة العثمانية قواتِها من طرابلس وبرقة، وتسحب إيطاليا قواتها وسفنها من الجزر العثمانية التي احتلَّتها في بحر إيجة. كما أن الدولة العثمانية سحبت جميع الموظفين الإداريين العاملين في ليبيا. وأعلن السلطان العثماني منح ليبيا استقلالًا تامًّا، أي: أن السلطان العثماني جرَّد الدولة العثمانية من كل أنواع السيادة على ليبيا. وبالمقابل أعلنت إيطاليا جَعْلَ ليبيا خاضعةً تمامًا للسيادة الإيطالية. وقد جاء توقيعُ معاهدة أوشي لوزان بعد أن احتل الفرنسيون الجزائر وتونس، واحتل البريطانيون مصر، وأصبحت الدولة العثمانية مطوَّقة في إفريقيا. وهكذا نفذ الأوروبيون اتفاقياتِهم السرية الرامية إلى تقسيم شمال إفريقيا فيما بينهم!

العودة الى الفهرس