الإنذار البريطاني لفاروق ملك مصر وأحداث 18 محرم 1361هـ .

تفاصيل الحدث :

في منتصف محرم - 1 فبراير قامت مظاهراتٌ تطالب بإسقاط الحكومة بعد أن ظهر أنَّها توالي الإنجليز، وصادف ذلك هوًى في نفس فاروق الملك، فأقال الحكومةَ، وكلَّف علي ماهر بتشكيل وزارة جديدة، واستمَرَّت المظاهرات، وفي 17 محرم اتصل السفيرُ الإنجليزي مايلز لامبسون بالملك فاروق، وأخبره أنَّ الحكومة البريطانية تصِرُّ على تغيير الوزارة القديمة، وتشكيل حكومة وفدية برئاسة مصطفى النحاس، واجتمع المَلِكُ بالشخصيات السياسية، وبينها مصطفى ماهر، وفي صبيحة يوم الثامن عشر سلَّم السفير الإنجليزي لمكتب أحمد حسنين رئيس الديوان الملكي إنذارًا إنجليزيًّا خطيرًا، وينص: إذا لم أسمع قبل الساعة السادسة مساء هذا اليومَ أنَّ مصطفى النحاس قد دُعِيَ لتشكيل الوزارة فإن جلالة الملك فاروق يجِبُ أن يتحَمَّل ما يترتب على ذلك من نتائِجَ، فاجتمع الملك ثانية بزعماء مصر السياسيين، وقرأ عليهم الخطاب الذي أشعرهم بالإهانة جميعًا، فقَرَّروا إرسال احتجاج للسفير ووقَّعوه جميعًا، وأجمعوا على تشكيل وزارة وطنية برئاسة مصطفى النحاس الذي أصَرَّ أن تكون وفديةً خالصةً (يعني: كلهم من حزب الوفد) وهذا ما تريدُه إنجلترا؛ لثقتها بالنحاس كما كانت تثِقُ قبله بسعد زغلول فهي تتظاهَرُ في الظاهر بمخالفتِهم ليكبَروا في أعيُنِ الشَّعبِ ويُصبِحوا أبطالًا قوميِّين!! وفي الشدة تستعينُ بهم للاستفادة من زعامتهم، ورفض السفيرُ ذلك الاحتجاج وأخطر رئيسَ الديوان الملكي أنَّه سيزور الملك بنفسِه في التاسعة مساء، وقبل نصف ساعة من الموعد تحرَّكت دبابات بريطانيا وطوَّقت قصر عابدين والزعماء ما يزالون مجتَمِعين فيه، وجاء السفير ودخل كأنَّه مَلِكُ العالَم لا كأنَّه سفير دولة، دخل متغطرسًا فوثب الجميع وقوفًا وسلَّموا عليه، فجلس، وخَيَّرَ الملك فاروق بين أمرين لا ثالثَ لهما إمَّا التوقيع على وثيقة تنازُلِه عن العرش، وإما التوقيع على تكليف مصطفى النحاس بتشكيلِ الوزارة فورًا، فاختار الملك الخيار الثاني فشَكَّلها من أعضاء حزب الوفد، وأرسل مصطفى النحاس خطابَ شكر للسفير الذي بادله برسالةٍ مماثلة!! وبعد تأليف الوزارة في اليوم نفسِه ذهب السفير وهنَّأ النحاس بين هتافاتِ أفراد حزب الوفد بحياة بريطانيا!!

العودة الى الفهرس