الانقلاب العسكري الثاني في تركيا ضد سليمان ديميريل (انقلاب المذكرة) .

تفاصيل الحدث :

أثار الرُّكود الاقتصاديُّ موجةً من الاضطراباتِ الاجتماعية التي تمثَّلت في المظاهراتِ التي تجوبُ الشوارعَ، وإضراباتِ العُمَّال، والاغتيالاتِ السِّياسية، كما تمَّ تَشكيلُ حركاتٍ عُمَّالية وطُلابية يساريةٍ تُعارِضُها الجماعاتُ اليَمِينية القوميةُ المسلَّحة والإسلاميَّة، وبحُلولِ يناير 1971 عَمَّت الفوضى أرجاءَ تركيا، وتوقَّفت الجامعاتُ عن العملِ، وأضربت المصانع، وقام الطُّلاب بسَرِقة البنوكِ، وخطْف الجُنود الأمريكانِ، ومُهاجَمة أهدافٍ أمريكية، وأصبَحت الحركةُ الإسلاميَّة أكثَرَ نشاطًا، وقام حِزْبُها -حزبُ النِّظام الوطني- برفْض فِكرة عَلْمانيةِ أتاتورك، والفِكْر الكَماليِّ بشَكْل عَلَني؛ مما أثار غضَب القواتِ المسلَّحةَ، فقام رئيسُ هيئة الأركان العامة التُّركية مَمدوح تاجماك بتَسليمِ رئيس الوزراءِ مُذكِّرةً تصِلُ إلى حَدِّ إنذارٍ أخير من القواتِ المسلَّحة، وطالَبَ فيها "بتَشكيل حُكومةٍ قويةٍ ذاتِ مِصداقيةٍ في إطار المبادئِ الديمقراطية تضَعُ حدًّا للوضْعِ الفَوضوي الحاليِّ، وتُطبَّق من خلال وجهاتِ نَظَر أتاتورك القوانينُ الإصلاحية المنصوصُ عليها في الدُّستور، وإذا لم تتِمَّ تلبيةُ هذه المطالِب فإنَّ الجيش سوف يُمارِس واجِبَه الدُّستوري ويَتولى السُّلطة"، فقدَّمَ الرئيسُ سليمان ديميريل استقالتَه بعد اجتماعٍ استمرَّ ثلاثَ ساعات مع حُكومته، واستنكَر زعيمُ المعارَضة والسياسيُّ المخضْرم عصمت إينونو بشِدةٍ أيَّ تدخُّل عسكريٍّ في السِّياسة، وكان بعض كبارِ الضُّباط يروا أنه مِن المستحيلِ أن يَحدُثَ تقدُّم في نِظام ديمقراطي لِيبراليٍّ، وأنَّ التسلُّطَ سيَجعلُ مِن تركيا أكثرَ مُساواةً واستِقْلالية و"عصْرية"، بينما رأى ضُباط آخَرون ضَرورةَ التدخُّل، ولو لإحباطِ هذه العناصر فقط، وعُرِف هذا الانقلابُ (بانقلاب المذكِّرة)؛ نَتيجةً لِما أحدَثَته المذكِّرةُ التي سلَّمها رئيسُ هيئة الأركان العامة لِرَئيس الوزراء التُّركي، فحدَث الانقلابُ دونَ تدخُّلٍ عَسْكري.

العودة الى الفهرس