تفسير البغوي
تفسير الآية رقم 44 من سورة الإسراء
( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن ( قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص ويعقوب : " تسبح " بالتاء وقرأ الآخرون بالياء للحائل بين الفعل والتأنيث .
( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ( روي عن ابن عباس أنه قال : وإن من شيء حي إلا يسبح بحمده .
وقال قتادة : يعني الحيوانات والناميات .
وقال عكرمة : الشجرة تسبح والأسطوانة لا تسبح .
وعن المقدام بن معد يكرب قال : إن التراب يسبح ما لم يبتل فإذا ابتل ترك التسبيح وإن الخرزة تسبح ما لم ترفع من موضعها فإذا رفعت تركت التسبيح وإن الورقة لتسبح ما دامت على الشجرة فإذا سقطت تركت التسبيح وإن الثوب ليسبح ما دام جديدا فإذا وسخ ترك التسبيح وإن الماء يسبح ما دام جاريا فإذا ركد ترك التسبيح وإن الوحش والطير تسبح إذا صاحت فإذا سكنت تركت التسبيح .
وقال إبراهيم النخعي : وإن من شيء جماد إلا يسبح بحمده حتى صرير الباب ونقيض السقف .
وقال مجاهد : كل الأشياء تسبح لله حيا كان أو ميتا أو جمادا ، وتسبيحها سبحان الله وبحمده .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا محمد بن المثنى أخبرنا أبو أحمد الزبير أخبرنا إسرائيل عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : كنا نعد الآيات بركة وأنتم تعدونها تخويفا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقل الماء فقال : " اطلبوا فضلة من ماء فجاءوا بإناء فيه ماء قليل فأدخل يده في الإناء ثم قال : حي على الطهور المبارك والبركة من الله فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل " .
وقال بعض أهل المعاني : تسبح السموات والأرض والجمادات وسائر الحيوانات سوى العقلاء ما دلت بلطيف تركيبها وعجيب هيئتها على خالقها فيصير ذلك بمنزلة التسبيح منها .
والأول هو المنقول عن السلف .
واعلم أن لله تعالى علما في الجمادات لا يقف عليه غيره فينبغي أن يوكل علمه إليه .
( ولكن لا تفقهون تسبيحهم ( أي لا تعلمون تسبيح ما عدا من يسبح بلغاتكم وألسنتكم ( إنه كان حليما غفورا (