تفسير البغوي
تفسير الآية رقم 17 من سورة البقرة
( مثلهم ) شبههم وقيل صفتهم . والمثل قول سائر في عرف الناس يعرف به معنى الشيء وهو أحد أقسام القرآن السبعة ( كمثل الذي ) يعني الذين بدليل سياق الآية . ونظيره " والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون " ( 33 - الزمر ) ( استوقد ) أوقد ( نارا فلما أضاءت ) النار ( ما حوله ) أي حول المستوقد . وأضاء لازم ومتعد يقال أضاء الشيء بنفسه وأضاءه غيره وهو هاهنا متعد ( ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون ) قال ابن عباس وقتادة ومقاتل والضحاك والسدي نزلت في المنافقين
يقول مثلهم في نفاقهم كمثل رجل أوقد نارا في ليلة مظلمة في مفازة فاستدفأ ورأى ما حوله فاتقى مما يخاف فبينا هو كذلك إذا طفيت ناره فبقي في ظلمة طائفا متحيرا فكذلك المنافقون بإظهار كلمة الإيمان أمنوا على أموالهم وأولادهم وناكحوا المؤمنين ووارثوهم وقاسموهم الغنائم فذلك نورهم فإذا ماتوا عادوا إلى الظلمة والخوف . وقيل ذهاب نورهم في القبر . وقيل في القيامة حيث يقولون للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم . وقيل ذهاب نورهم بإظهار عقيدتهم على لسان النبي صلى الله عليه وسلم فضرب النار مثلا ثم لم يقل أطفأ الله نارهم لكن عبر بإذهاب النور عنه لأن النور نور وحرارة فيذهب نورهم وتبقى الحرارة عليهم . وقال مجاهد : إضاءة النار إقبالهم إلى المسلمين والهدى وذهاب نورهم إقبالهم إلى المشركين والضلالة وقال عطاء ومحمد بن كعب : نزلت في اليهود . وانتظارهم خروج النبي صلى الله عليه وسلم واستفتاحهم به على مشركي العرب فلما خرج كفروا به