تفسير البغوي

تفسير الآية رقم 90 من سورة التوبة

قوله تعالى : ( وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم ) الآية ، قرأ يعقوب ومجاهد : ( المعذرون ) بالتخفيف وهم المبالغون في العذر ، يقال في المثل : " لقد أعذر من أنذر " أي : بالغ في العذر من قدم النذارة ، وقرأ الآخرون " المعذرون " بالتشديد أي : المقصرون ، يقال : عذر أي : قصر ، وقال الفراء : المعذرون المعتذرون أدغمت التاء في الذال ونقلت حركة التاء إلى العين .
وقال الضحاك : المعذرون هم رهط عامر بن الطفيل جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دفاعا عن أنفسهم فقالوا : يا نبي الله إن نحن غزونا معك تغير أعراب طيئ على حلائلنا وأولادنا ومواشينا ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد أنبأني الله من أخباركم وسيغني الله عنكم " .
وقال ابن عباس : هم الذين تخلفوا بعذر بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
( وقعد الذين كذبوا الله ورسوله ) يعني : المنافقين .
قال أبو عمرو بن العلاء : كلا الفريقين كان مسيئا قوم تكلفوا عذرا بالباطل ، وهم الذين عناهم الله تعالى بقوله : ( وجاء المعذرون ) وقوم تخلفوا عن غير تكلف عذر فقعدوا جرأة على الله تعالى ، وهم المنافقون فأوعدهم الله بقوله : ( سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم ) .