تفسير ابن كثير

تفسير الآية رقم 41 من سورة هود

يقول تعالى إخبارا عن نوح - عليه السلام - أنه قال للذين أمر بحملهم معه في السفينة : ( اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها ) أي : بسم الله يكون جريها على وجه الماء ، وبسم الله يكون منتهى سيرها ، وهو رسوها .
وقرأ أبو رجاء العطاردي : " بسم الله مجريها ومرسيها " .
وقال الله تعالى : ( فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ) [ المؤمنون : 28 ، 29 ] ; ; ولهذا تستحب التسمية في ابتداء الأمور : عند الركوب على السفينة وعلى الدابة ، كما قال تعالى : ( والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ) [ الزخرف : 12 - 14 ] ، وجاءت السنة بالحث على ذلك ، والندب إليه ، كما سيأتي في سورة " الزخرف " ، إن شاء الله وبه الثقة .
وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي ، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، وحدثنا زكريا بن يحيى الساجي حدثنا ، محمد بن موسى الحرشي ، قالا حدثنا عبد الحميد بن الحسن الهلالي ، عن نهشل بن سعيد ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أمان أمتي من الغرق إذا ركبوا في السفن أن يقولوا : باسم الله الملك ، ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) [ الزمر : 67 ] ، ( بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم ) .
وقوله : ( إن ربي لغفور رحيم ) مناسب عند ذكر الانتقام من الكافرين بإغراقهم أجمعين ذكر أنه غفور رحيم ، كما قال : ( إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم ) [ الأعراف : 167 ] ، وقال : ( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب ) [ الرعد : 6 ] ، إلى غير ذلك من الآيات التي يقرن فيها بين انتقامه ورحمته .