تفسير ابن كثير

تفسير الآية رقم 84 من سورة يوسف

وتولى عنهم وقال ياأسفى على يوسف ) أي : أعرض عن بنيه وقال متذكرا حزن يوسف القديم الأول : ( ياأسفى على يوسف ) جدد له حزن الابنين الحزن الدفين .
قال عبد الرزاق ، أخبرنا الثوري ، عن سفيان العصفري ، عن سعيد بن جبير أنه قال : لم يعط أحد غير هذه الأمة الاسترجاع ، ألا تسمعون إلى قول يعقوب ، عليه السلام : ( ياأسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ) أي : ساكت لا يشكو أمره إلى مخلوق قاله قتادة وغيره .
وقال الضحاك : ( فهو كظيم ) كميد حزين .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا حماد بن سلمة [ حدثنا أبو موسى ] عن علي بن زيد عن الحسن ، عن الأحنف بن قيس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن داود عليه السلام ، قال : يا رب ، إن بني إسرائيل يسألونك بإبراهيم وإسحاق ويعقوب ، فاجعلني لهم رابعا . فأوحى الله تعالى إليه أن يا داود ، إن إبراهيم ألقي في النار بسببي فصبر ، وتلك بلية لم تنلك ، وإن إسحاق بذل مهجة دمه في سببي فصبر ، وتلك بلية لم تنلك ، وإن يعقوب أخذت منه حبيبه حتى ابيضت عيناه من الحزن ، فصبر ، وتلك بلية لم تنلك " .
وهذا مرسل ، وفيه نكارة ; فإن الصحيح أن إسماعيل هو الذبيح ، ولكن علي بن زيد بن جدعان له مناكير وغرائب كثيرة ، والله أعلم .
وأقرب ما في هذا أن يكون قد حكاه الأحنف بن قيس ، رحمه الله ، عن بني إسرائيل ككعب ووهب ونحوهما ، والله أعلم ، فإن الإسرائيليين ينقلون أن يعقوب كتب إلى يوسف لما احتبس أخاه بسبب السرقة يتلطف له في رده ، ويذكر له أنهم أهل بيت مصابون بالبلاء ، فإبراهيم ابتلي بالنار ، وإسحاق بالذبح ، ويعقوب بفراق يوسف ، في حديث طويل لا يصح ، والله أعلم ، فعند ذلك رق له بنوه