تفسير ابن كثير
تفسير الآية رقم 15 من سورة مريم
ثم قال بعد هذه الأوصاف الجميلة جزاء له على ذلك : ( وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا ) أي : له الأمان في هذه الثلاثة الأحوال .
وقال سفيان بن عيينة : أوحش ما يكون الخلق في ثلاثة مواطن : يوم يولد ، فيرى نفسه خارجا مما كان فيه ، ويوم يموت فيرى قوما لم يكن عاينهم ، ويوم يبعث ، فيرى نفسه في محشر عظيم . قال : فأكرم الله فيها يحيى بن زكريا فخصه بالسلام عليه ، ( وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا ) رواه ابن جرير عن أحمد بن منصور المروزي عن صدقة بن الفضل عنه .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( جبارا عصيا ) ، قال : كان ابن المسيب يذكر ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من أحد يلقى الله يوم القيامة إلا ذا ذنب ، إلا يحيى بن زكريا " . قال قتادة : ما أذنب ولا هم بامرأة . مرسل
وقال محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، حدثني ابن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب ، إلا ما كان من يحيى بن زكريا " ابن إسحاق هذا مدلس ، وقد عنعن هذا الحديث ، فالله أعلم .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد ، أخبرنا علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أحد من ولد آدم إلا وقد أخطأ ، أو هم بخطيئة ، ليس يحيى بن زكريا ، وما ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يونس بن متى "
وهذا أيضا ضعيف ; لأن علي بن زيد بن جدعان له منكرات كثيرة ، والله أعلم .
وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة : أن حسنا قال : إن يحيى وعيسى ، عليهما السلام ، التقيا ، فقال له عيسى : استغفر لي ، أنت خير مني ، فقال له الآخر : استغفر لي فأنت خير مني . فقال له عيسى : أنت خير مني ، سلمت على نفسي ، وسلم الله عليك ، فعرف والله فضلهما .