تفسير ابن كثير
تفسير الآية رقم 205 من سورة البقرة
وقوله : ( وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ) أي : هو أعوج المقال ، سيئ الفعال ، فذلك قوله ، وهذا فعله : كلامه كذب ، واعتقاده فاسد ، وأفعاله قبيحة .
والسعي هاهنا هو : القصد . كما قال إخبارا عن فرعون : ( ثم أدبر يسعى فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ) [ النازعات : 2226 ] ، وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) [ الجمعة : 9 ] أي : اقصدوا واعمدوا ناوين بذلك صلاة الجمعة ، فإن السعي الحسي إلى الصلاة منهي عنه بالسنة النبوية : " إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ، وأتوها وعليكم السكينة والوقار " .
فهذا المنافق ليس له همة إلا الفساد في الأرض ، وإهلاك الحرث ، وهو : محل نماء الزروع والثمار والنسل ، وهو : نتاج الحيوانات الذين لا قوام للناس إلا بهما .
وقال مجاهد : إذا سعى في الأرض فسادا ، منع الله القطر ، فهلك الحرث والنسل . ( والله لا يحب الفساد ) أي : لا يحب من هذه صفته ، ولا من يصدر منه ذلك .